الوقت - منذ اشهر تشهد بلدة العوامية الواقعة شرق السعودية اشتباكات عنيفة بين الشيعة وقوات الجيش السعودي. قسم من البلدة تم تسويتها مع الارض وتدميرها بالكامل. ولا تزال الهجرة الاضطرارية تلاحق السكان الشيعة من قبل الحكومة السعودية.
ونقلا عن وكالة "ايسنا"، منذ قرابة ثلاثة اشهر تتعرض بلدة غنية بالنفط شرق السعودية وبعيدا عن الانظار العالمية الى مشهد مُرعب من الحرب بين المسلحين من الشيعة وقوات الجيش السعودي. صور القمر الصناعي المُتناقلة اظهرت دمار منطقة كاملة من هذه البلدة. كما تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورا تحكي النزاعات المسلحة والمباني المُدمرة في العوامية. ويظهر ان مركز الاشتباكات هي منطقة المسورة التاريخية والواقعة في مركز البلدة.
والى هذه اللحظة اسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل 15 شخصا. ونقلا عن شهود عيان فإن الجيش السعودي يستخدم الاسلحة والمعدات الثقيلة لقمع سكان البلدة. وتُظهر الصور المُنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي ان بضع هذه المعدات ومن ضمنها العربات المدرعة التي استُخدمت ضد الابرياء، هي صناعة كندية. الحكومة الكندية اعلنت انها ستتابع موضوع تصدير السلاح الى السعودية.
التهجير القسري للشيعة
أحد أدلة واسباب هذه الاشتباكات العنيفة هي خطة الرياض لهدم منطقة العوامية التاريخية. وتخطط الحكومة السعودية لهدم هذه البلدة التي لها تاريخ يمتد الى 400 سنة لتبني مكانها مركزا للتسوق. هذا القرار اغضب سكان العوامية المخالفين لتدمير تراثهم التاريخي والثقافي.
وفي ذات السياق طالبت الأمم المتحدة قبل ثلاثة اشهر، السعودية بإيقاف عمليات هدم بلدة العوامية التاريخية فورا وايضا ايقاف عمليات التهجير القسرية. واعلنت كريمة بنون مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالحقوق الثقافية، عن قلق الامم المتحدة بـ"هدم التراث الثقافي المُتعذر تعويضه" لبلدة العوامية.
ومن جانبه قال سباستيان سونز الخبير في شؤون الشرق الاوسط من "المؤسسة الالمانية للسياسة الخارجية" في مقابلة له مع قناةDW ، ان هنالك ترديداً وشكاً في ان يكون هدف الرياض من تدمير بلدة العوامية التاريخية هو اعادة ترميم هذه البلدة القديمة وتحسين الوضع المعيشي للسكان.
ويقول سباستيان: يبدو ان الهدف هو تدمير البنى التحتية لتفريق الشيعة الذين يشكلون غالبية بلدة العوامية. خطة التهجير القسري لشيعة هذا البلدة هي امتداد لسياسة قمع وتهميش الشيعة والتي تتبناها الحكومة السعودية منذ عشرات السنين وهي جزء من الاجراءات السلبية المُتخذة من قبل الحكومة ضد الشيعة.
ويشكل الشيعة 10% من نفوس السعودية البالغ عددهم 30 مليون نسمة. ويسكن غالبية الشيعة في المناطق الغنية بالنفط شرق البلد. لكن مع هذا فهُم لا ينالون سهماً كبيراً من الثورة الوطنية في السعودية بالتحديد كدورهم غير المؤثر في صنع القرارات السياسية لهذا البلد.
السعودية تعلن الحرب على شعبها
شهدت بلدة العوامية اخر احتجاجات لشيعتها في الربيع العربي. الاحتجاج الذي تزامن مع قمع الجيش السعودي لانتفاضة الشيعة في البحرين. نمر باقر النمر، رجل الدين الشيعي الذي اُعدم في بدايات عام 2016 بتهمة دعمه للـ"ارهاب" ينتمي ايضا الى هذه البلدة.
وقوع العوامية شرق السعودية في المناطق الغنية بالنفط
يرى نشطاء حقوق الانسان ان السياسة القمعية للسعودية هي سبب قيام الانتفاضة المسلحة للشيعة. علي الدبيسي العضو في "المنظمة الاوربية-السعودية لحقوق الانسان" هو من اهالي العوامية، وهو حاليا لاجئ في دولة المانيا. الدبيسي الذي تم اعتقاله عدة مرات بعد أحداث الربيع العربي، يعرف السجون السعودية حق المعرفة.
وصرح الدبيسي لـ DWقائلا: ان القمع العنيف التي تتعرض له الشيعة من قبل الحكومة السعودية من خلال القتل، التعذيب والمحاكم غير العادلة، افسحت المجال لتلك العدة من الشيعة التي ترى بوجوب حمل السلاح للدفاع عن نفسها.
واضاف الدبيسي ان السعودية اعلنت الحرب على شعبها، حربا لم تشهد له البلاد مثيلا منذ 80 عاما.
ويعتقد ان 90% من سكان العوامية اما هربوا من البلدة واما تم اجبارهم على هجرها.
ولي العهد الجديد يستعرض قواه
يرى آندرو هاموند الخبير في الشأن السعودي، ان الاجراءات التعسفية التي تتعامل بها الحكومة السعودية مع شيعة العوامية في الظروف الحالية هي استعراض لقوى ولي العهد الجديد والمُغامر للسعودية.
واضاف هاموند الذي يجري تحقيقات في جامعة اكسفورد لقناة DW: ان ولي العهد السعودي الجديد يريد ان يثبت بأنه قادر على احتواء المعارضين الشيعة داخل البلد كما له القدرة خارج البلاد للوقوف بوجه ايران.
كما أكد سباستيان سونز ان الأغلبية السنية في السعودية ترى الأقلية الشيعية في بلدها مجاميع مستاءة وغير قنوعة وحتى في اسوء الحالات يصفونهم بالارهابيين المدعومين من قبل ايران ومُمَوّلين منها.
ويرى هذا الخبير ان هذه الرؤية هي نتيجة الدعايات السلبية التي تقوم بها الحكومية السعودية ونشر الكراهية والحقد ضد الشيعة من قبل علماء الوهابية.
واوضح للـDW: السياسة السعودية المُتخذة في العوامية قد يُكتب لها النجاح بتفريق شيعة العوامية رغم معارضة الامم المتحدة ودول اخرى.
واشار سونز كمثال الى احتجاجات القطيف عام 1979 وذكّر بحكومة السعودية في ذلك الوقت حين سحقت بلدة القطيف التاريخية وبنت مكانها مساجد للسنة وموقف للسيارات.