الوقت- لم تمرّ سوى أيام قليلة على تنحية نواز شريف من سدة مجلس الوزراء الباكستاني حتى تم انتخاب خلف مؤقت له من قبل نواب المجلس الوطني الباكستاني، الشخصية المنتخبة هي وزير النفط والموارد الطبيعية في حكومة شريف "شاهد خاقان عباسي" فمن هو وما هي الظروف التي أتت به وما هي مهمته القصيرة الأمد على رأس السلطة التنفيذية في باكستان؟
بعد تهم الفساد والحكم بعدم صلاحية نواز شريف لمنصب رئاسة وزراء الباكستان من قبل الديوان العالي في الباكستان وذلك على خلفية ما عُرف بملف "باناما"، سارع الأخير لتحييد نفسه من الصورة عبر تقديم استقالته تاركا الساحة، ولكن هذا الانسحاب قابله ترشيح الحزب الحاكم لشقيقه "شهباز شريف" لهذا المنصب في خطوة حصدت انتقادات واسعة ضمن المعارضة الباكستانية.
هذا الترشيح لشهباز شريف كان أمامه عائق قانوني يتمثل بكون شهباز وهو حاكم ولاية البنجاب ليس عضوا في المجلس الوطني حيث أن القانون الباكستاني يفرض هذا الشرط قبل تولي رئاسة الوزراء في البلاد.
لهذا الأمر حلّ، وهو إدخال شهباز شريف إلى المجلس عبر انتخابات فرعية لمقعد شاغر في مدينة لاهور وهو الأمر الذي يحتاج بعض الوقت من أجل الترتيبات اللوجستية والقانونية. ولذلك كان لا بد من اختيار شخصية مقربة من نواز شريف وموثوقة ولا تملك الحيثية التي تمكنها في الاستمرار في الحكم فوقع الخيار على خاقان عباسي عضو الحزب الحاكم (مسلم ليغ جناح نواز) والوزير المقرب من نواز شريف.
نشير هنا إلى أن خاقان عباسي قد حصد أكثرية الثلثين من أصوات المجلس (221 من 342) ليصبح رئيسا للوزراء مهمته تمرير مرحلة الأشهر لتجهيز الظروف لحضور شهباز شريف وتولي رئاسة الوزراء بشكل فعلي.
طبعا هذا الأمر كان موضع انتقاد الأحزاب والقوى السياسية المخالفة التي ترفض عودة نواز شريف بشخص شقيقه واستمرار سياسة الفساد التي كشف القضاء عنها خلال الآونة الأخيرة.
وقد برز هذا الأمر خلال الانتخابات التي أجريت في المجلس الوطني حيث شارك إضافة إلى خاقان عباسي "نويد قمر" من حزب الشعب "الشيخ رشيد أحمد" مرشح مشترك بين حزب تحريك انصاف وحزب مسلم ليغ فرع القائد و"صاحبزاده طارق الله" من حزب الجماعة الإسلامية.
طبعا ومع بلوغ خاقان عباسي الصديق المقرب من نواز شريف ولو مؤقتا رئاسة مجلس الوزراء فهذا يعني أن حزب مسلم ليغ جناح نواز وبعد أيام على الأزمة التي عصفت به قد تمكن من السيطرة على الأوضاع وسوق الأمور باتجاه التهدءة وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها في البلاد.
وبالنسبة إلى خاقان عباسي فلن يكون أكثر من رئيس لحكومة تصريف أعمال لمدة لا تزيد عن 45 يوما، وذلك لاستكمال إجراءات الانتخابات الفرعية في مدينة لاهور وتمهيد الطريق لنواز شريف للعودة عبر شقيقه إلى منصب رئاسة الوزراء. وستكون الأيام الـ45 بالنسبة لخاقان عباسي افتخار في تاريخه من العمل السياسي.
من المتوقع خلال الأسابيع المقبلة أن ترتفع الحملة الإعلامية والسياسية في وجه نواز شريف، في محاولة من قبل المعارضين لمنع وصول شهباز شريف لرئاسة الوزراء.
يعتبر معارضو شريف أن شهباز ليس أفضل من شقيقه، وفي سجله الكثير من التخلفات التي تجعله غير صالح لتولي منصب رئاسة الوزراء. وحضوره سيكون استكمالا لعهد نواز الذي تبين وبالشواهد والمستندات مشاركته في صفقات فساد وتهرب ضريبي كبيرة.
"عمران خان" رئيس حزب تحريك انصاف أكد على أن المادة 62 من الدستور تؤكد أن كل من ليس أمينا وصادقا لا يحق له الوصول إلى منصب رئاسة الوزراء.
وبدوره "سيد خورشيد شاه" قائد المعارضة في المجلس الوطني والعضو رفيع المستوى في حزب الشعب اعتبر أن اختيار "شهباز شريف" من قبل الحزب الحاكم هو إهانة لكافة نواب الحزب والسبب أنه شخص غير صالح لتولي هذا المنصب.
إذا مرحلة انتقالية حساسة تنتظر حزب مسلم ليغ الحاكم جناح نواز، مرحلة تتسم بالتصعيد من قبل المعارضة سعيا لمنع وصول شهباز شريف إلى رئاسة الوزراء وفي المقابل سيسعى نواز شريف عبر خاقان عباسي وعبر هجوم إعلامي مضاد للسيطرة على الأمور من أجل بلوغ الهدف وهو الإمساك مجددا بمنصب رئاسة الوزراء.