الوقت- تعدّ معاهدة حظر الأسلحة النووية التي تمّ اعتمادها في الجمعية العامة للأمم المتحدة أول معاهدة متعددة الأطراف لنزع السلاح النووي يتم إبرامها منذ أكثر من 20 عاما، ما يجعلها إنجاز تاريخي عارضته أمريكا وبريطانيا وفرنسا وقوى نووية أخرى قاطعت المفاوضات.
وصوّت لصالح القرار الذي يتضمن صكا ملزما لحظر الأسلحة النووية تمهيدا للقضاء التام عليها، 122 دولة مقابل اعتراض دولة واحدة (هولندا) وامتناع دولة واحدة آخرى (سنغافورة) فيما تغيبت 69 دولة عن التصويت بينها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.
انجاز تاريخي ولكن..
الخطوة الجديدة التي وصفت بالهامّة تساهم في تحقيق التطلع المشترك لعالم خال من الأسلحة النووية، وقد لاقت ردود أفعال إيجابيّة واسعة. سفيرة كوستاريكا لدى الأمم المتحدة ايلاين وايت غوميز رئيسة المؤتمر حول المعاهدة قالت عشية تبنيها "ستكون لحظة تاريخية"، واضافت "العالم ينتظر هذه القاعدة القانونية منذ 70 عاما"، واصفة اياها بانها "رد من اجل الانسانية".
ويصف المؤيدون للحظر المعاهدة بأنها إنجاز تاريخي، لكن الدول التي تمتلك أسلحة نووية ترفض ذلك باعتباره غير واقعي وانه لن يكون للحظر أي تأثير على خفض المخزون العالمي الذي يبلغ 15.000 رأس نووي.
وشاركت 141 دولة على رأسها النمسا والبرازيل والمكسيك وجنوب افريقيا ونيوزيلندا في مفاوضات استمرت ثلاثة اسابيع حول المعاهدة التي تمنع تطوير وتخزين وحتى التهديد باستخدام اسلحة نووية.
وتنص المعاهدة على أن تتعهد كل دولة طرف بها بعدم تطوير أي أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية أخرى أو تجريبها أو إنتاجها أو صنعها أو اقتنائها على نحو آخر أو حيازتها أو تكديسها.
كما تحظر المعاهدة "نقل أو تلقي أو استخدام أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية أخرى، أو السيطرة على تلك الأسلحة أو الأجهزة إلى أيِّ جهة متلقية أيّاً كانت، لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة".
وسوف يتم فتح التوقيع على هذه المعاهدة أمام جميع الدول في مقر الأمم المتحدة بنيويورك اعتبارا من 20 أيلول/سبتمبر 2017. ويمكن لأي دولة عضو بالأمم المتحدة لم تنضم إلى المعاهدة التوقيع والتصديق عليها في أي وقت.
ويرى المدافعون عن المعاهدة بانها ستزيد الضغط على الدول النووية من اجل أخذ مسألة نزع سلاحها الذري بجدية أكثر.
ولم تشارك أمريكا وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا والهند وباكستان وكوريا الشمالية وكذلك كيان العدو الاسرائيلي في المفاوضات.
وحتى اليابان الدولة الوحيدة التي عانت من هجوم بالاسلحة النووية عام 1945 قاطعت المناقشات كما فعلت معظم دول حلف شمال الاطلسي.
واشنطن تنتقد بشدّ
السفيرة الاميركية نيكي هايلي انتقدت الحظر المقترح بشدة عند افتتاح المفاوضات حول المعاهدة في 27 آذار/مارس الماضي، وقالت "ليس هناك شيء اطلبه لعائلتي أكثر من عالم بدون اسلحة نووية لكن يجب علينا ان نكون واقعيين"، وسألت "هل هناك احد يصدق بأن كوريا الشمالية توافق على حظر الاسلحة النووية".
من جانبها، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيثر ناويرت، اليوم السبت، أن واشنطن لن تدعم المعاهدة الجديدة بشأن حظر الأسلحة النووية.
وأوضحت في بيان لها أن أمريكا لأنها تعتقد بأن هذه المعاهدة لن تجعل العالم أكثر أمنا، بل ستقوض العلاقة بين الحلفاء، فضلا عن زرع الانقسام السياسي.
وقالت ناويرت في بيان: "الولايات المتحدة لن تشارك في هذه المفاوضات ولن تدعم المعاهدة".
أمريكا وبريطانيا وفرنسا تنتقد
وانتقدت كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا، اعتماد المعاهدة، وأكدت رفضها المطلق للمعاهدة، وتعهدت بعدم التوقيع أو التصديق عليها أو الانضمام إليها.
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي والسفير البريطاني ماثيو ريكروفت والسفير الفرنسي فرانسوا ديلاتر في بيان مشترك إن دولهم "لا تنوي التوقيع أو التصديق أو أن تصبح أبدا طرفا" في المعاهدة.
إيران تدعم بالكامل حظر الأسلحة النووية
من جانبه، قال المندوب الإيراني الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الجمهورية الإسلامية تدعم بشكل كامل معاهدة حظر الأسلحة النووية لجهة امتلاكها أو استعمالها أو التهديد بها في كل أنحاء العالم.
فقد أعلن وفد الجمهورية الإسلامية في ختام مؤتمر المباحثات من اجل إقرار معاهدة لحظر الأسلحة النووية عن دعم إيران للجهود الدولية من أجل حظر كامل لهذه الأسلحة.
في السياق، قال المندوب الإيراني الدائم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية رضا نجفي خلال كلمته بعد التصويت على المعاهدة أن الجمهورية الإسلامية تدعم بقوة هذه المعاهدة لجهة حظر امتلاك هذا السلاح أو استعماله أو التهديد به في كل أرجاء العالم.
وأشار نجفي الى ان إيران كانت ضحية لأسلحة دمار شامل، ولفت الى فتوى قائد الثورة الإسلامية التي تحرّم أسلحة الدمار الشامل، كما وأعرب عن تقديره لإشارة المؤتمر في نص المعاهدة الى دور القادة الدينيين وجهودهم من أجل حظر الأسلحة النووية.
ونوّه المندوب الإيراني الى موضوع امتلاك الكيان الصهيوني لأسلحة الدمار الشّامل في منطقة حساسة من العالم وهي الشرق الأوسط وقال: "إيران تقترح تحويل منطقة الشرق الأوسط الى منطقة خالية من السلاح النووي".
70 عام على هيروشيما
وتأتي معاهدة حظر الأسلحة النووية هذه بعد مرور 70 عام على استعمال الولايات المتحدة للقنبلة النووية في هيروشيما وبعد 50 عاما على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وبالتالي فهي تمنع أي شكل من أشكال امتلاك، إنتاج، استعمال، أو التهديد باستعمال الأسلحة النووية.
وتدخل معاهدة حظر الأسلحة النووية حيز التنفيذ بعد 90 يوما من تصديق 50 دولة عليها. وجرى إقرارها يوم الجمعة بموافقة 122 صوتا ومعارضة صوت واحد وامتناع صوت واحد عن التصويت.
ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية معاهدة دولية، بدأ التوقيع عليها في 1 يوليو 1968 للحد من انتشار الأسلحة النووية التي تهدد السلام العالمي