الوقت- بدأ وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان زيارة رسمية للعراق أمس الاثنين على رأس وفد رفيع المستوی، حيث من المقرّر أن یلتقی العمید دهقان في بغداد الرئیس العراقي فؤاد معصوم ورئیس الوزراء حیدر العبادي ووزیري الخارجیة والداخلیة ورئیس واعضاء لجنة الامن القومي والدفاع في مجلس النواب العراقي وبعض الشخصیات السیاسیة.
يسعى البعض حالياً لربط هذه الزيارة بالتطورات الأخيرة على الساحة العراقية في محافظة الأنبار، لكن المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي سعد الحديثي، أوضح أن "زيارة وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان إلى بغداد لم تأت بناء على التطورات الأمنية الأخيرة في البلاد"، مبيناً أن "هذه الزيارة هي جزء من عمليات التواصل والزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين ".
دهقان سيناقش خلال لقائه کبار المسؤولین العراقیین، القضایا ذات الاهتمام المشترك والعلاقات الثنائیة والقضایا الاقلیمیة والدولیة، وكذلك سبل المواجهة وتأمين الدعم لتعزيز قدرات القوات الأمنية العراقية في حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي، كما تتصدر مواضیع تعزیز التعاون الدفاعي والعسکري وسبل دعم التعاون واقرار الامن والاستقرار في المنطقة، جدول اعمال وزیر الدفاع الایراني في العراق.
ترحيب عراقي
زيارة دهقان لاقت ترحيباً عراقياً حيث أكد وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في بيان صدر عقب لقائه وزير الدفاع الإيراني على عمق العلاقات التاريخية بين العراق وإيران، مشيراً إلى وقوف طهران إلى جانب العراق في الحرب العالمية التي يخوضها ضد إرهابيين جاؤوا من أكثر من 62 دولة.
وأشاد الجعفري بـ”الدعم الذي تقدمه إيران للتجربة في العراق في مواجهة الخطر المشترك المتمثل بعصابات داعش الإرهابية”، موضحا أن “العراق وافق على مساعدة ودعم بلدان العالم المختلفة شريطة عدم التواجد العسكري من أي دولة كانت ”.
وأكد الجعفري، أن “وجود المستشارين في الميدان لا يمس بالسيادة العراقية ” ، مبينا أن “وجودهم استشاري وليس عسكريا وبموافقة الحكومة ومجلس النواب وضمن الضوابط العراقية التي وضعت على مستشاري دول العالم كافة ”.
أبعاد ونتائج
تأتي زيارة وزير الدفاع الإيراني إلى بغداد بعد فترة قصيرة على استقباله نظيره العراقي في طهران، وكذلك بعد أيام قليلة على زيارة الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى إيران ما يؤكد إستراتيجية العلاقة بين البلدين في هذا الوقت بالتحديد. إيران تؤكد من خلال هذه الزيارة وقوفها إلى جانب الشعب العراقي في محنته الداعشية من ناحية، وتواطؤ الجانب الأمريكي من ناحية أخرى عبر النكث بالعهود التي قطعها تجاه العراق.
وتخلق الزيارة في هذا الوقت بالتحديد شعورا ممتازا بين أفراد القوات المسلحة والحكومة والشعب العراقي تجاه الحكومة والشعب والقوات المسلحة الإيرانية، كما ترفع من معنويات الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في مواجهة الإرهاب الداعشي نظراً لقدرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية من ناحية، وحاجة الجيش العراقي حالياً إلى دعم عسكري جاد من ناحية أخرى.
لطالما أكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنذ سقوط النظام البعثي على دعمها للحكومة في العراق حيث تتجاوز رؤيتها هناك الاعتبارات القومية والمذهبية، كما أن مواقف وإجراءات إيران في دعمها للعراق تجسد إرادة ومصداقية إيران الحقيقية، لذلك لم تكن هذه الزيارة عن هذا الهدف ببعيد، بل أصابت كبد العلاقة الإستراتيجية بين البلدين حيث ستلقي بظلالها على سير المعارك في المواجهة القائمة مع التنظيم الإرهابي.
كذلك تقطع هذه الزيارة الطريق ولو بشكل مرحلي على المشروع الأمريكي القائم حالياً في العراق والمتمثل بإضعاف الجيش وقوات الحشد الشعبي في مواجهة التنظيمات الإرهابية، ويبدو أن سيناريو سقوط الرمادي مرسوم بإتقان من قبل الجانب الأمريكي وبعض أدواته في الداخل التي أرادت من ورائه فسح المجال امام أمريكا لإستعادة سيطرتها على العراق والمضي في مشروع التقسيم عبر ظهورها بمظهر «المنقذ» لا سيما ان وشنطن تضرب في الآونة الأخيرة على وتر الطائفية العراقية بشدّة، كما تمنع قوات الحشد الشعبي من مؤازرة الجيش العراقي في مواجهة الإرهاب.
وفي الخلاصة، يتضح أن زيارة وزير الدفاع الإيراني إلى بغداد ستلقي بظلالها برداً وسلاماً على المواجهات التي يخوضها أبناء الشعب العراقي من جيش وحشد وعشائر في مختلف المحافظات، كما ألقت دفئاً وحناناً على العلاقات الإستراتيجية بين الجمهورية الإسلامية الإيراني والجار العراقي.