الوقت- قال موقع وورلد سوشاليست الأمريكي اليوم في مقال للكاتب "بيتر سايموند" إن الإنذار الذي وجهته السعودية وحلفاؤها - مصر والإمارات والبحرين - إلى قطر خلال الأسبوع الماضي قد أدى إلى تصعيد كبير في مواجهتها مع دولة الخليج الفارسي الصغيرة، ما أثار احتمالات الصراع العسكري بشكل كبير.
وتابع الموقع: إن النظام الملكي السعودي أصدر مطالب تم رفضها من أجل إيجاد ذريعة لمزيد من الخطوات العقابية التي تتجاوز الحصار الدبلوماسي والسفر والتجارة الذي فرض في وقت سابق من هذا الشهر، ولا يقتصر الأمر على أن تقوم قطر بمكافحة الجماعات الإرهابية والإجرامية المزعومة، وإغلاق شبكة الجزيرة الإخبارية، ولكن أيضا لتقليص العلاقات مع إيران بشدة، وطرد القوات العسكرية التركية، وتوجيه الخط الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي الذي تمليه الرياض، ودفع تعويضات غير محددة عن الأضرار المفترضة الناجمة عن سياساتها، وسيجري رصد كل ذلك عن طريق عمليات التدقيق والتدخل للسنوات العشر القادمة.
وليس من المستغرب أن المسؤولين القطريين رفضوا الإنذار الذي سيحول بلادهم إلى دولة المملكة العربية السعودية، فتركيا التي قدمت مع إيران مساعدات إلى قطر منذ فرض الحظر السعودى رفضت تماما هذه المطالب، وندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالدعوة إلى نزع القوات التركية.
وفي حين أن السعودية لم تصدر تهديدات عسكرية محددة، فإن أي تراجع عن موقفها الحربي قد يؤدي إلى أزمة سياسية في الرياض، وقد نددت المملكة السعودية بنفاق قطر كداعم للإرهاب في الشرق الأوسط – حسب مزاعم السعودية-، وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد تعهد الشهر الماضي بضمان حرب على إيران ويذكر أن ولي العهد اعترف علنا بأنه مهندس الحرب الوحشية بقيادة السعودية ضد اليمن التي أسفرت عن مصرع حوالي 12 ألف شخص وأكثر من 7 ملايين شخص على حافة المجاعة وانتشار وباء الكوليرا الذي يهدد الكثير من الوفيات.
والمطالب السعودية على قطر هي أقرب إلى الإنذار الذي وجهته الإمبراطورية النمساوية المجرية إلى صربيا في يوليو 1914، بعد اغتيال أرتشيدوق النمساوي فرانز فرديناند، وكانت المطالب النمساوية، المدعومة بفحص فارغ للعمل العسكري من ألمانيا، قد صممت من أجل توفير الحجة في غزو صربيا. وسط التوترات الجيوسياسية الحادة في جميع أنحاء أوروبا، وقد هاجمت النمسا صربيا في أقل من أسبوعين، في حين أنه من المستحيل التنبؤ بما إذا كانت هذه النقطة ستشكل نقطة انطلاق للحرب العالمية، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية المتفاقمة تؤدي إلى تفاقم التوترات بين القوى الكبرى والإقليمية، حيث يسعى كل منها إلى إضعاف العبء على خصومه في التدافع نحو الأسواق، والعمالة الرخيصة والميزة الجغرافية الاستراتيجية.
كما حذر ليون تروتسكي في عام 1938، عشية الحرب العالمية الثانية، في الوثيقة التأسيسية للرابطة الدولية الرابعة: "في ظل التوتر المتزايد للتفكك الرأسمالي، ووصلت العداوات الإمبريالية إلى طريق مسدود، في ذروة اشتباكات منفصلة واضطرابات محلية دموية ... يجب أن نتجمع حتما في هذا الصراع، البورجوازية، بطبيعة الحال، تدرك الخطر الهائل على هيمنتها المتمثلة في حرب جديدة. لكن هذه الطبقة أصبحت الآن أقل قدرة على تجنب الحرب أكثر مما كانت عليه عشية عام 1914 ".
ولتغيير ما يجب تغييره، ينطبق تحذير تروتسكي على الوضع المتفجر الحالي، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضا في أوروبا الشرقية وشمال شرق آسيا، العامل الرئيسي المزعزع للاستقرار في السياسة العالمية اليوم هو دور الإمبريالية الأمريكية، في الخليج الفارسي، وفي حين حث وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون على المحادثات مع قطر إلا أن الرئيس دونالد ترامب أشاد بدعمه الكامل للعمل العدواني الذي تقوم به الرياض، معلنا أن حصارها سيكون "صعبا" ولكنه "ضروري ". وتفاخر ترامب بزيارته للسعودية الشهر الماضي، حيث تم التوصل إلى صفقات أسلحة قيمتها ما يقارب من نصف تريليون دولار، وكان مسؤولا عن موقف الرياض المتشدد ضد قطر.
إلا أن ترامب لم يخف سرا تصميمه على تقويض إيران في المقام الأول من خلال تكثيف الصراع بقيادة الولايات المتحدة في سوريا، تحت ذريعة هزيمة "داعش" في العراق وسوريا، التي لها جذورها من المتطرفين السنة المدعومة من السعودية وحلفائها، حيث تسعى الولايات المتحدة الآن لاقامة مناطق منعزلة أو "مناطق تفكيك" لاستخدامها كقواعد لشن حربها للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، حليف إيران وروسيا.
إن الوضع المتفجر في الشرق الأوسط هو نتاج ليس فقط تهور إدارة ترامب، ولكن ربع قرن من الحروب الإجرامية للتدخل من قبل الإمبريالية الأمريكية، التي دمرت مجتمعات بأكملها، وقتلت الملايين من الناس، وحولت ملايين آخرين إلى لاجئين بلا مأوى. في محاولة للحصول على سيطرتها على المنطقة الغنية بالنفط الاستراتيجية، كما دمرت الولايات المتحدة بشكل فعال نظام الدولة الذي فرضته الإمبريالية البريطانية والفرنسية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ما أدى إلى صراع جديد للقوة العظمى لإعادة التحضير في الشرق الأوسط، الذي يعتبر مفترق طرق استراتيجي رئيسي بين أوروبا وآسيا وإفريقيا.
واختتم الموقع: إن الإمبريالية الأمريكية اتسمت بأنها أكثر الأنظمة رجعية في الشرق الأوسط فضلا عن الملكية الاستبدادية في السعودية ودول الخليج، وقد أعربت اسرائيل عن تأييدها للحصار المفروض على قطر والحرب الأمريكية في سوريا لإقالة الأسد، إن القوى الأوروبية ليست بأي حال من الأحوال مكترثة بالأزمة التي تتكشف اليوم بشكل كبير والتي تهدد مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في الشرق الأوسط،. وانتقد وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر ألجيمين سونتاغزيتونغ"، "قسوة" العلاقات بين قطر والسعودية وحلفائها، وحذر من أن "هذا النزاع قد يؤدي إلى حرب"، حيث تجدر الإشارة إلى أن فرنسا شاركت مؤخرا في مناورات عسكرية مشتركة مع قطر في الخليج الفارسي، وما تم الكشف عنه هو خطوط الصدع الناشئة للحرب التي يمكن أن تسحب بسرعة القوى الإقليمية والكبرى وتغرق البشرية في كارثة، ويبدو إن مثل هذا الصراع أمر لا مفر منه.