الوقت - بعد اسقاط التحقيق في مزاعم الاغتصاب ضد مؤسس موقع ويكيليكس، جوليان آسانج، أعرب الأخير عن سعادته بالقرار إلا أنه اعتبر القرار بداية حرب، حيث أن الولايات المتحدة ساخطة وتطالب بتسليمه لها.
ويرى الخبراء أن هذه الخطوة ستنهي مخاوفا استمرت لخمس سنوات بسبب ملاحقة اسانج من قبل الحكومة السويدية، ولكن مصيره ما يزال مجهولا.
وقال أسانج عقب القرار إنه ظل محتجزا لسبع سنوات "دون تهمة" بينما كان أولاده يكبرون وهو بعيد عنهم، كما "شوه اسمه" لافتا الى أنه لن يغفر ولن ينسى.
وتابع قائلا: ربما تکون هذه الخطوة قد اسعدتني ولكن الطريق ما يزال طويلا والحرب قد بدأت للتو. ولكن ما يقلق ترامب هو احتمال اعتقاله من قبل الولايات المتحدة بتهمة التجسس. ومن جهة أخرى ما يزال اسانج مطاردا بتهمة انتهاك شروط اطلاق سراحه المشروط، وسيتم اعتقاله إذا ما غادر السفارة.
ويشار الى أن مديرة النيابة العامة مارينان ماي أعلنت في خطوة غير متوقعة وقف التحقيق في تهمة الاغتصاب الموجهة ضد اسانج، موضحة أن الأمر لا يتعلق بكونه مذنبا أم لا، بل إن المحكمة العليا قررت أن متابعة هذه القضية أصبحت مملة أكثر من أي وقت سبق.
ومن جانبها اعترضت محامية المدعية على القرار بشدة، معتبرة أنه مثير للدهشة. أما اسانج فقد أطل من شرفة سفارة الأكوادور لدى لندن ليوضح للصحفيين أن بريطانيا لا تضمن حريته أبدا، فيما أعلن وزير العدل الأمريكي ومدير الـ CIA إنهما لن يتسامحا أبدا مع اسانج وموظفي ويكيليكس أبدا، وانهم سيتعرضون لأشد العقاب.
وتحاول بريطانيا تقليد نظام الضمانات القضائية الأوربي وأن تمنح أسانج وفريقه ما يشبه ورقة الأمان ليتمكن من الحوار مع وزارة العدل الأمريكية، فيما أعلن وزير العدل الأمريكي أن القاء اسانج وفريقه في السجن يأتي ضمن أولويات أمريكا.
وفي هذا الصدد أكد أحد أعضاء فريق محامي اسانج في حوار مع الغارديان أن موكله يجب ألا يغادر السفارة الأكوادورية حتى حصوله على الأمان من الحكومة السويدية. وبالتزامن مع ذلك أكد وزير الخارجية الاكوادوري كيوم لونك أنه سيوظف جميع جهوده من أجل اتمام عملية استعادة اسانج حقوقه المدنية.
ومن الواضح في هذا الصدد أن الحكومة البريطانية تحاول أن تتملص من اصدار قرار باعتقال اسانج في قضية الاغتصاب، وأن تلقي بالمسؤولية على عاتق البلدان الأخيرة. فیما یحاول فریق اسانج وحکومة الأكوادور الحصول على الأمان من بريطانيا أو السويد.
وخلال السنوات الخمس الماضية، اتخذت السويد موقفا متزمتا اتجاه منح الاكوادور اللجوء لاسانج، وانتهجت سياسة التصعيد، وطالب اسانج في بداية الأمر، عام 2012، بالتوجه الى السويد للحوار، ولكنه رفض ذلك بحجة الخوف من تسليمه لأمريكا. وفي النهاية وافق المسؤولون السويديون على ايفاد نائب المدعي العام السويدي، السيدة اينغريد ايسغرن لاجراء حوار مع اسانج في نوفمبر 2016.
وعبر محامي اسانج سويدي الجنسية عن فرحته بقرار ايفاد نائب المدعي العام، مؤكدا أن لقاء الطرفين ساهم في حل الكثير من المسائل المعقدة في هذه القضية، وإنه كان مؤثرا في القرار الذي صدر مؤخرا. أما الناشط في مجال حقوق الانسان ديفيد آلن غرين، فقد اعتبر أن أسانج أصبح عرضة للمزيد من الخطر، وإن بريطانيا قد تستغل فرصة محاولته الخروج من أجل تسليمه لأمريكا بدلا من السويد.
في هذا الصدد رأى الصحفي البريطاني المشهور، غولن غرينولد أن الأمر قد يبدو ايجابيا لأسانج وانصاره، إلا أن وضع أسانج اصبح أكثر تعقيدا مما كان عليه في عام 2012 لان أمريكا متحمسة بشدة لاعتقاله.
ومن الجدير بالذكر أن ترامب الذي كان يدافع عن اسانج دائما خلال حملته الانتخابية، والذي حصل على دفعة كبيرة من أجل الفوز في الانتخابات مقابل كلينتون اثر نشر ايميلات كلينتون عمدا أو سهوا، قد غير موقفه تماماً، معتبرا أن موقفه لا يتعلق بدعم اسانج من عدمه، وهو يحترم رأي وزير العدل، وإذا اراد الأخير اعتقال أسانج فإن ترامب لن يمانع.
ويأتي هذا فيما أكدت صحيفة ديلي بيت في تقرير لها بقلم نيكو هاينس وجود علاقة قوية تربط أسانج بكل من زعيم حزب الاستقلال البريطاني، وأحد أهم أسباب استفتاء بريكست، نايجل فاراج، فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، ولمحت الصحيفة الى أنه في ظل حكومة ترامب لا حاجة للقلق بشأن تسليم أسانج لامريكا.
ويرى محللون أن موقف ترامب الأخير جاء خوفا من ضغوط معارضيه المتزايدة. وفي هذا الصدد اعتبر العضو البارز السابق في الـ CIA وأحد مسربي الكثير من أسرار الوكالة، جون كرياكو أن خطوة المدعي العام السويدي انتصار كبير لاسانج ولكل فاضحي الأسرار في العالم، فیما أكد أن الاحتفال بالقرار غير ممكن حاليا لان الأعداء لن يتركوا أسانج وشأنه بسهولة.
ويرى المحللون أن ملف تسريبات اسانج مهم جدا لامريكا الساخطة بسبب ازاحة الستار عن ممارستها غیر القانونیة على الصعيد الدولي، مما يجعل حكومة ترامب غير قادرة على الوقوف بوجه هذا السخط، لذلك يعد الأمريكان الثواني لاعتقاله ونقله الى أمريكا للانتقام منه شر انتقام.
رغم ذلك يكثف فريق محامي أسانج والحكومة الأكوادورية جهودهم للحصول على الأمان لأسانج من بريطانيا والسويد لعله يبقى في مأمن من الأمريكان. وإذا ما حصل ذلك، فإن أسانج سيبقى عرضة لمخاطر أخرى.