الوقت - في ظل الأزمات الكبيرة التي يشهدها عالمنا الحالي، من حروب وفقر وأزمات اقتصادية وسياسية، أصبحت ازدواجية المعايير والمواقف المتناقضة حيال مجموعة من القضايا الدولية وتصنيفها ووصفها بأسماء مختلفة مثل الإرهاب الجيد والإرهاب السيئ، حقوق الإنسان في الغرب وحقوق الإنسان في الشرق، الديمقراطية الإيجابية والديمقراطية السلبية، وغيرها من المواضيع أصبحت تطرح بشكل علني كل يوم ويجب على العالم أجمع أن يتعامل معها شاء أم أبى.
في الوقت الحالي، النظام العالمي الجديد وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية متهم بشكل كبير بممارسة ازدواجية المعايير وإتباع أساليب متعددة تتناقض مع المعايير الدولية للسياسة العالمية، وقد رأينا هذه الإستراتيجية الفاضحة واللاإنسانية في مواقع مختلفة من العالم.
دعم النظام الملكي الديكتاتوري لـ آل سعود، والادعاء بالدفاع عن الديمقراطية، بالمقابل عدم الاعتراف بالحكومة الديمقراطية لحماس في غزة، تعتبر من جملة إزدواجية المعايير.
خلق مجموعات إرهابية والدفاع عنها مثل "داعش" و"القاعدة"، وفي الوقت نفسه إطلاق شعار "مكافحة الإرهاب"، وكذلك الدعم اللامحدود لإرهاب الكيان الإسرائيلي في فلسطين، تعتبر أمثلة أخرى أكثر وضوحاً عن ازدواجية المعايير في العالم.
رأينا في العقود القليلة الماضية، هيمنة غربية واضحة على القضايا الدولية، كما شاهدنا ازدواجيتها في التعامل مع أزمات العالم، وخاصة أزمات الدول الإسلامية.
في عام 1994م عندما أصدرت إيران قانوناً شاملاً لتنظيم الأسرة تم الموافقة على تنفيذه بقوة، وقامت المؤسسات الدولية بتشجيع القائمين على القانون لتنفيذه كما لاقى ترحيباً منقطع النظير، وأبعد من ذلك تم إعطاء بعض أساتذة الجامعات ومسؤولي الحكومة عدة جوائز دولية عند تطبيق القانون. ولكن في عام 2015 بالتزامن مع سياسة الغرب في دعم الأسرة وتشجيع الإنجاب، الجمهورية الإسلامية في إيران، غيرت أيضاً من سياستها في تحديد النسل، ولكن ماذا فعل الغرب حيال ذلك؟!
أعلن احتجاجه على سياسة إيران في دعم الأسرة ووقف المجتمع الدولي إلى جانب هذه الدول في وجه إيران وحث الجمهورية الإسلامية على تحديد النسل، في المقابل هم يشجعون على الإنجاب في بلادهم.
ولكي نفهم بشكل أفضل إزدواجية المعايير الدولية، دعونا نطلع سوياً على هذه الأسئلة والبيانات الصادرة بموجب هذه المذكرة:
هل تعلمون أن الأزواج الذين ينجبون أطفالاً في النرويج كانوا يحصلون على إجازة تمتد من 47 أسبوعاً إلى 49 أسبوعاً مع كامل حقوقهم المادية، ومع تصويب القانون الجديد أصبح الأزواج يحصلون على إجازة تمتد من 57 أسبوعاً إلى 59 أسبوعاً مع زيادة في الرواتب تصل إلى ثمانين بالمئة، عند إنجابهم أطفالاً؟
هل تعلمون أنه في العديد من دول العالم مثل ألمانيا، بولندا، إيطاليا، الولايات المتحدة ... وغيرها من الدول، لاتقدم الحكومات فيها أي دعم للامتناع عن إنجاب الأطفال بل على العكس، حيث تقوم حكومات هذه الدول من سنوات بالعمل على زيادة النمو السكاني ودعمه بكل الوسائل المتاحة.
هل تعلمون أنه في دول مثل، فرنسا، ألمانيا والكثير من الدول الأخرى تسعى لزيادة عدد السكان عن طريق حملات إعلانية وبرامج توعية تنظمها الحكومة، كما تشجع هذه الدول الولادة الطبيعية وتفرض حظراً قانونياً على الولادة القيصرية؟
هل تعلمون أن الزواج من أجل زيادة النسل في الكيان الإسرائيلي، يعتبر عاملاً مهماً جداً، وهو واجب على كل يهودي، كما أن الكيان الإسرائيلي يحظر تحديد النسل، ويقول نظام الكيان إنه يجب أن تتكون كل عائلة إسرائيلية من خمس أشخاص على الأقل؟
هل تعلمون أن دول مثل فرنسا، بريطانيا وأمريكا، والتي تطالب بقية دول العالم بخفض معدلات النمو السكاني لديها، هل تعلمون أن معدلات النمو في هذه الدول أعلى من معدلات النمو السكاني في إيران، حيث تجاوزت معدلات النمو السكاني في هذه الدول في فترة الثمانينات والتسعينات معدلات النمو في إيران بكثير؟!
ومن المثير للاهتمام أن نعرف:
ألمانيا تخصص في كل عام ميزانية تصل إلى أكثر من 270 مليار دولار لدعم الأسرة والتشجيع على الإنجاب.
فرنسا تمنح مبلغ ألف يورو للمواطنين الذين ينجبون طفلاً ثالثاً في إطار سياستها الجديدة لدعم الإنجاب، بالإضافة إلى ذلك، فإن جميع الأسر الفرنسية الذين لديهم أطفال أعمارهم أقل من ثلاث سنوات، يحصلون على مبلغ شهري قدره 182.43 يورو لكل طفل.
روسيا تمنح لكل عائلة تنجب طفلاً ثانياً، 450 ألف روبل أي مايعادل 15 ألف دولار أمريكي، والذي يعادل راتب موظف روسي لعامين متتاليين، وفي حال إنجاب طفل ثالث فإن الحكومة تهدي العائلة قطعة أرض مساحتها من 600 إلى 1000 متر مربع. كما تعطي مساعدة مالية شهرية حوالي 80 دولار في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل.
في بريطانيا تمنح السلطات مساعدات مالية أسبوعية للعائلات التي لديها أطفال، حيث تمنح الحكومة للطفل الأول 20,3 بوند أسبوعياً، كما تمنح الطفل مساعدة للطفل الثاني بما يزيد عن 13,4 بوند أسبوعياً.
حتى في الصين التي ظلت سنوات طويلة تمنع الأسر من إنجاب طفل ثاني، وتفرض ضرائب باهظة على مواطنيها في حال حدوث ذلك، أصبحت اليوم تشجع إنجاب طفل ثاني، حيث كشفت وسائل إعلام صينية أن الحكومة ستقدم مبلغاً مادياً كبيراً للأزواج لقاء إنجابهم الطفل الثاني.