الوقت- منذ بداية الأزمة السورية و تركيا ضالعة في موجة الإرهاب التي اجتاحت سورية، ضلوعها ترجم على أرض الواقع عند إقامتها مخيمات اللجوء حتى قبل بداية الأزمة السورية بأشهر كما جاء على لسان وزير الخارجية السورية وليد المعلم في أحد المؤتمرات الصحفية لتبدأ بعدها تركيا بفتح أراضيها لتكون جسراً برياً و جوياً لعبور مئات المقاتلين العرب و الأجانب من أصحاب الفكر الإرهابي إلى سورية للقيام بأعمال أرهابية تحت مايسمى مساندة الثورة السورية. ليعلو بعدها صوت تركيا مطالبة بإقامة منطقة عازلة في الشمال السوري هذا عدا عن انتهاك الأجواء السورية لمرات عديدة و سرقة المعامل والمصانع من مدينة حلب وسرقة النفط وحادثة إسقاط المقاتلة الروسية والتي فتحت أبواب جهنم على تركيا في تلك الأثناء لتسود القطيعة بين الجانبين التركي والروسي لمدة تسعة أشهر تقريباً وتوغلها في مدينة جرابلس ثم مدينة الباب التابعة لمحافظة حلب بعد تبدد آمال اردوغان بعد تحرير مدينة حلب و إعلان وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية وتسوية أوضاع بعض المسلحین الارهابیین ونقل أخرين إلى مدينة إدلب التي تعيش اليوم على فوهة بركان لا أحد يعلم وقت و ساعة انفجار ذلك البركان إلا تركيا ففي خطواتها الأخيرة و قبل التوجه لحضور مفاوضات أستانة المزمع عقدها في العاصمة الكازاخية قامت تركيا بتشكيل مايسمى بالجيش الوطني كما جاء على لسان رئيس المكتب السياسي "للواء المعتصم " أحد فصائل مایسمی ب" الجيش السوري الحر " مصطفى سيجري " حيث قال أن ماقام به الأخوة الأتراك يأتي في سياق توحيد صفوف المعارضة بعيداً عن التحزبات و التكتلات.
نعم أدركت تركيا صعوبة الحالة التي تعيشها المعارضة في الخارج من انقسامات وتبادل التهم بتحرير مدينة حلب و ترجم هذا التشرذم بعودة "نواف البشير" أحد الأعضاء البارزين في المعارضة إلى سورية و ذهاب فريق أخر للمطالبة بالسلام مع الکیان الإسرائيلي وبرسم خارطة طريق للسلام معها و حال المجموعات المسلحة والفصائل الارهابية في الداخل ليس بأفضل اغتيالات وتصفية على مستوى القادة ليس مؤشراً جيدا لتركيا فلابدّ من ورقة ضغط تضغط فيها على روسيا في محادثات أستانة التي ستقام في23 من الشهر الحالي و التي تعتبر محطة محورية في طريق التسوية السياسية للأزمة السورية و يعول عليها كثيرين ففي الوقت الذي يبحث فيه لافروف مع نظيره التركي التحضير لمفاوضات أستانة تقوم تركيا بلم شمل الفصائل المسلحة وتسليحها بينما السعودية وقطر خارج لعبة أستانة لتقوم كلا من الرياض و الدوحة بتلغيم طريق الحل السياسي و ذلك بتأجيج الأوضاع الميدانية في وادي بردى لفرض فرقائهم على الحكومة السورية بعدما قامت تركيا بسحب البساط من تحت أقدامهم لتحكم قبضتها على الجماعات الارهابیـة المقاتلة في سورية.
فالجانب التركي سوف يقدم التنازلات حول المرحلة الانتقالية و مدتها و بقاء الرئيس بشار الأسد بينما يكون التنازل الروسي بأن تزيل موسكو أسم المجموعات الإرهابية عن بعض الجماعات المسلحة لتضعها ضمن خانة المعارضة المعتدلة. هذا مايؤكد ازدواجية المعايير في الوجوه التركية فهي من جهة تحضر لمفاوضات أستانة و تتفق مع روسيا على ذلك بينما تقوم وبشكل غير علني بتسليح فصائل المقاتلين ولم شملهم .
فهل تركيا مازالت تلعب بنار الإرهاب وماهي تبعات ذلك على الوضع الأمني التركي في ظل الظروف الأمنية الأخيرة التي شهدها الشارع التركي من تفجيرات و اغتيال للسفير الروسي على أراضيها. فهل تركيا المستفيدة من تجارة النفط مع داعش جادة في التحضر لحل الأزمة السورية ؟ وإن كان كذلك، فما هو الثمن الذي قبضته أو سوف تقبضه؟ أو أن تركيا أدركت مؤخراً أنها ذهبت منذ البداية في طريق الخطأ في مسار الملف السوري؟ هنا لابد من الإشارة إلى أن سياسة الدول تقوم على تغليب المصلحة دون النظر إن كانت سياسة خاطئة أو غير خاطئة. نعم بدايتها حرب كونية على سورية وبداية نهايتها أطراف متخاصمة متناحرة تتسابق كل منها لإثبات نفسها كلاعب أساسي في القضية السورية فهل ستكون أستانة فعلاً بداية النهاية للأزمة السورية؟ و ماهي مرحلة مابعد أستانة؟