الوقت- أعاد العدوان العسكري السعودي على اليمن تسليط الضوء مجدداً على باب الحريات العامة التي تعاني منها دول الخليج والتي تعيش منذ القدم في نفق مظلم بهذا الخصوص وسط صمت مطبق من المجتمع الدولي وشراء للذمم والضمائر في الاعلام العربي حيث المطلوب الابتعاد قدر الإمكان عن اي شيء يسمى حرية في هذه الدول.
هذه المرة كانت ابواب السجون الخليجية مشرعة للمواطنين الذين يتجرؤون على رفع صوتهم عالياً والتهم كثيرة وجاهزة، ليست سب الذات المليكة التهمة التي تحارب هذه الدول شعوبها بها ، بل سلة من التهم الأخرى التي تناسب مقتضيات المرحلة مثل وهن عزيمة الامة وإهانة" الدول المشاركة بـ"عاصفة الحزم وتوجيه الاتهامات بالخيانة والتواطؤ ضد كل من يعارض أو ينتقد هذه العملية في تصريحات صحفية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وذلك لفرض مزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير التي تعانيه هذه المماليك من فقدانه.
ففي البحرين أصدرت النيابة العامة قرارا بسجن العديد من المواطنين البحرنيين بتهمة نشر دعايات تلحق الضرر بـ "عاصفة الحزم" التي ينفذها التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الشعب اليمني كان اخر هؤلاء حبس محمد المطوع، نائب أمين عام جمعية التجمع الوطني الديمقراطي المعارضة، "احتياطيا" على ذمة التحقيق بعد أن وجهت إليه عدة تهم من بينها إذاعة أخبار كاذبة وشائعات مغرضة، وبث دعايات مثيرة من شأنها إلحاق الضرر بالعمليات الحربية للقوات المسلحة البحرينية المشاركة بعملية “عاصفة الحزم”.
ونقلت وكالة الأنباء البحرينية عن المحامي العام بالنيابة الكلية وائل بوعلاي بأن النيابة العامة استكملت تحقيقاتها في البلاغ المقدم من الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بقيام أمين عام إحدى الجمعيات السياسية بنشر بيان للجمعية تضمن تعريضاً بالإجراءات العسكرية التي تتخذها البحرين حالياً مع عدد من الدول الشقيقة من أجل إعادة الشرعية واستقرار الأوضاع في اليمن والتي أمرت بحبسه احتياطياً على ذمة التحقيق. و يأتي هذا القرار بعد يومين من حبس فاضل عباس، أمين عام جمعية التجمع الوطني الديمقراطي المعارضة، "احتياطيا" على ذمة التحقيق في القضية نفسها، بعد أن وجهت له التهم ذاتها، على خلفية إصداره بياناً انتقد فيه عملية "عاصفة الحزم" التي تنفذها السعودية في اليمن، وتشارك فيها بلاده.
وفي سياق متصل لم تكن الاوضاع في الكويت بأحسن حال عما هي عليه في البحرين حيث قامت السلطات الكويتية بإلقاء القبض على المغرد أبو عسم، والكاتب صالح عثمان السعيد، والأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة حاكم المطيري، والنائب الكويتي السابق صالح الملا وغيرهم، بنفس التهم السابقة . وكان اخر المعتقلين بحسب وسائل الإعلام الكويتية الدكتور صلاح الفضلي؛ بتهمة التطاول على سلطات أمير بلاده، والإساءة "للسعودية " وانتقاد “الفضلي” أيضاً للعدوان السعودي على اليمن المسمى "عاصفة الحزم".
الى ذلك اعتقلت السلطات الكويتية أيضاً المحامي خالد الشطي وذلك على خلفية تغريدات نشرها على موقع تويتر وجه فيها انتقاداً للسلطة السعودية بشأن عدوانها على اليمن. وأفادت الانباء ان السلطات وجهت للشطي تهمة التطاول على سلطات سمو الأمير وتحبيط الروح المعنوية لرجال الجيش والإساءة إلى السعودية وتهديد العلاقات للخطر. ويعرف عن السلطات الكويتية الباع الطويل في سياسة الاعتقال بحق الآراء المعارضة للنظام التي يعبرون عنها، إما عبر قنوات تلفزيونية، سواء في حوارات أو عبر مداخلات هاتفية، أو بالتغريد على حساباتهم بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
وفي السياق ذاته يشن عدد من المغردين والنشطاء السعوديين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملة هجوم شرسة وانتقادات واسعة لكل من تسول له نفسه من السعوديين، انتقاد عاصفة الحزم من قريب أو بعيد، أو حتى إبداء ملاحظات على أداء وسير المعركة حتى اللحظة الراهنة. واعتبر مراقبون أن ما يمارس حاليا يعد بمثابة إرهاب فكري للمخالفين في الرأي، متهمين حكومات الدول الخليجية بالتنكيل بالمعارضين في بلادهم، وهو الأمر الذي يخشى المراقبون أن يعمل على زيادة الهوة والشقاق بين مواطني الخليج أنفسهم.
ولم يتوقف الامر على المواطنين الخليجيين بل شمل الاتهام (انتقاد العاصفة ) وسائل إعلامية أيضاً حيث شنت القنوات السعودية والتي تدور في فلكها حملة إعلامية واسعة للصحفي المصري يوسف الحسيني مقدم برنامج “السادة المحترمون” على قناة “أون تي في” بعد انتقاده العدوان السعودي علي اليمن ومسمياً العملية العسكرية بـ“الزعابيب” (جمع زوبعة ) بدل العاصفة ، بالإضافة إلى قوله سابقا بأن الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك السعودية “خرَّف”حيث تم إيقاف برنامجه على تلك القناة على أثر ذلك.