الوقت- لطالما عودتنا الحكومة البحرينية الخليفية على القيام بحملات اعتقالات واعتداءات على المخالفين والمعارضين والمطالبين ببعض الحقوق السياسية والاجتماعية على طول الاراضي البحرينية. فكان سجن جو يضج بالمعتقلين السياسيين والمعارضين، فيغص بأعدادهم التي أضحت تفوق العدد الذي يحتمله هذا السجن. ولم تستطع الاعتراضات الداخلية والخارجية ان توقف حملة الاعتقالات هذه التي لا تمت الى حقوق الانسان بصلة لا من قريب و لا من بعيد. واليوم، وبعد أشهر على اعتقال الشيخ علي سلمان امين عام جمعية الوفاق البحرينية، وضعت حكومة ال خليفة يدها على المعارض نبيل رجب الناشط الحقوقي ورئيس مركز البحرين لحقوق الانسان من جديد. فما سبب الاعتقال؟ وما هي تداعياته على الساحة البحرينية؟
أيام على ذمة التحقيق
النيابة العامة البحرينية أصدرت اوامرها بتوقيف رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب سبعة أيام على ذمة التحقيق بتهمة وصفتها المعارضة بالكيدية والانتقامية. وهذه لا تعتبر المرة الاولى التي تعتقل حكومة ال خليفة الناشط البحريني بتهم مختلفة، والواضح ان تهمة اليوم لا يمكن فصلها عن الاعتقالات السابقة فهي شكل جديد للتهم نفسها، ولكن ما يميزها عن سابقاتها انها المرة الأولى التي يتم فيها توجيه تهم بمستوى "جناية" للحقوقي نبيل رجب التي تصل عقوبتها بحسب القانون الجنائي للسجن مدة عشر سنوات .
رئيس نيابة محافظة العاصمة نواف العوضي قال إن النيابة قد تلقت بلاغاً من الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بقيام أحد الأشخاص بنشر أخبار وصور في وسائل الإعلام تضمنت تعريضاً بما أسماها الإجراءات العسكرية التي تتخذها المملكة حالياً مع دول اخرى وعلى راسها السعودية من أجل ما وصفها "تثبيت الشرعية وإعادة الاستقرار في جمهورية اليمن"، بما من شأنه التشكيك في مشروعيتها، في إشارة إلى رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب .
و قد أفاد موقع "مرآة البحرين" ان العوضي زعم انه ثبت أن الصور التي نشرها ملفقة ومنقولة عن نشرات سابقة تتعلق بأحداث أخرى لا علاقة لها بالعمليات العسكرية لدول التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن، كما تضمنت كذلك إهانة لهيئة نظامية .
وأشار إلى أن النيابة ألقت القبض على المتهم بناء على أمر النيابة التي قامت باستجوابه، وقررت حبسه اسبوعين احتياطيا على ذمة التحقيق بعد أن وجهت إليه تهمتي بث شائعات في زمن الحرب وإهانة هيئات نظامية .
وقال المحامي محمد الجشي إنه تم توجيه تهمتي "إهانة هيئة نظامية" و"بث شائعات في زمن الحرب" لرئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب .
وقد رفض الناشط الحقوقي نبيل رجب التوقيع على محضر التحقيق لان المحقق كتب كلاماً لم يقله في التحقيق وانما كانت محادثة جانبية قبل بدء التحقيق .
الجدير بالذكر ان الناشط الحقوقي رجب التزم الصمت في التحقيق واكتفى بالقول إنه مستهدف من قبل النظام لعمله في مجال حقوق الانسان ولكشفه الانتهاكات .
رفض من الراي العام ولا حياة لمن تنادي ..
اعتقال رجب حرك الراي العام البحريني من جديد ضد القرارات التعسفية التي طالت المعارضين البحرينيين. فقد اعتبرت 26 منظمة حقوقية أن تجديد اعتقال رجب التعسفي يؤكد عدائية النظام للمدافعين عن حقوق الإنسان، داعية الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى التدخل للإفراج عن رجب وحماية المدافعين عن الحقوق والحريات في البحرين .
وأضافت المنظمات في بيان مشترك أصدرته رفضاً لاعتقال رجب :" أن نبيل رجب مارس حقه الأصيل في التعبير عن الرأى على مواقع التواصل الاجتماعي في انتهاكات تخص سجن جو، وكان على السلطات أن تفتح تحقيقاً جاداً في الخروقات الخطيرة وإحالة المتورطين في قضايا التعذيب للعدالة، لا أن تقدم على اعتقاله، وإحالته إلى النيابة ".
وأوضحت المنظمات ان :" نبيل رجب يشكل شخصية حقوقية بارزة، فهو يرأس مركز البحرين لحقوق الإنسان، ونائب اﻷمين العام للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، واعتقاله بصورة تعسفية يقدم البحرين في المحافل الدولية بوصفها دولة تخنق الحريات اﻷساسية ".
واختتمت المنظمات بيانها معتبرة ان عملية الاعتقال "تزامنت مع جملة من اﻷحداث الدولية والإقليمية الكبيرة في منهجية واضحة، عبر الاستفادة من الانشغال العالمي بالأحداث الدولية بغية توجيه ضربات متكررة للعمل الحقوقي الذي مازال فاعلاً ومؤثراً في البحرين داخليا وخارجيا ".
الواضح ان التهم الموجهة من قبل آل خليفة للناشط الحقوقي نبيل رجب تنقسم الى قسمين: قسم داخلي و آخر خارجي .
فالداخلي يحاكي سياسة العنف والقمع التي تمارسها الحكومة ضد المدنيين والمعارضين، فتسجن كل من يعارض سياستها ويطالب بحقوقه، السياسة التي تنقل صورة جوهرية لواقع التخبط التي تعيشه البحرين اليوم .
والتهم الخارجية لا يمكن فصلها عن سياسة التابع الواضح للسياسة السعودية، فحكومة آل خليفة لطالما ابتعدت عن مطالب شعبها المحقة، ملتحقة بالقطار السعودي الذي يشن اليوم أفظع الحروب ضد الشعب اليمني .
لا يخفى على كل متابع للوضع البحريني اليوم الحالة التي يعيشها الشعب المعارض والمطالب بحقوق مشروعة، والتي لا يمكن وصفها سوى بالظلم والقهر والعنف والتعسف. فحقوق الانسان والتي أضحت مجرد شعار على طول الاراضي البحرينية، تحاربه اليوم سياسة آل خليفة بكل قوة سياسية واجتماعية، وتقاتله على اساس الحفاظ على مقعد سياسي هنا ومصالح خارجية هناك. فكيف تنتهي ماساة البحرينيين؟ وما هو مستقبل حقوق الانسان المقيدة خلف قضبان سجون آل خليفة؟ اسئلة برسم الامم المتحدة فهل من إجابات مقنعة !