الوقت - انطلقت أعمال المؤتمر الأمني في طهران بمشاركة شخصيات بارزة إيرانية وأجنبية لدراسة النظام الأمني الإقليمي في منطقة غرب آسيا. وقد انطلقت أعمال المؤتمر الأمني صباح أمس الأحد في العاصمة طهران، تحت شعار "الحوار والتعاون والثقة المتبادلة لتحقيق الأمن والإزدهار الجماعي في منطقة غرب اسيا". ويُعتبر المؤتمر مهماً لناحية المحاور التي يطرحها والأهداف. فيما يحضر المؤتمر شخصيات إيرانية أمنية وسياسة وعسكرية بالإضافة الى سفراء أجانب وخبراء في المجال الأمني والأمن القومي. فماذا في فعاليات المؤتمر؟ وكيف يمكن تحليل أهداف وأهمية المؤتمر؟
كلمات المؤتمر
في هذا السیاق أكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران علي لاريجاني أن طهران تتابع تسوية الأزمات في المنطقة من خلال معايير اللجوء الى الطرق السياسية والإهتمام بتفعيل الحوار والوحدة الوطنية. مؤكداً على أن إيران ليست عدوة بعض الدول كالسعودية إنما هي ترفض وتعارض سياسات إثارة وتأجيج الحروب في كلٍ من اليمن وسوريا بالتحديد. وأشار لاريجاني الى أهمية الوضع السياسي والإقتصادي لمنطقة غرب آسيا.
من جهته قال وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان أن ظاهرة "داعش" هي محصلة ثلاثين عاماً من التخطيط والتآمر لنظام الهيمنة والإستكبار العالمي ضد ايران والثورة الإسلامية ومحور المقاومة وشعوب المنطقة. مؤكداً أن أمريكا لا تريد وجود أي معارض لها ولسياساتها في المنطقة، وهو ما يجعلها في مواجهة دائمة مع محورالمقاومة التي تقوده إيران. فيما أكد على أن السياسة الإيرانية الدولية لا تقبل بأي تدخل أجنبي في شؤون شعوب المنطقة بل تسعى لجعل الشعوب تُقرِّر مصيرها.
من جهة أخرى أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني العميد شمخاني أن الكيان الإسرائيلي هو مصدر الأزمات في منطقة غرب آسيا مشيراً إلى أن إيران لا تنظر إلى أي واحدة من دول الجوار أو دول منطقة غرب آسيا على أنها مصدر خطر باستثناء الكيان الصهيوني. مشيراً الى ضرورة تعزيز الديمقراطية ومشاركة الفئات الإجتماعية المختلفة في تحديد مصيرها. مؤكداً على ضرورة السعي إلى خلق توازن إقليمي من خلال تعزيز التنسيق على الصعيد السياسي والإقتصادي والأمني والثقافي معتبراً أن هذا الأمر سيؤدي إلى الوصول إلى حالة بعيدة عن التوتر.
المؤتمر: تحليل أهم الأهداف
أولاً: تطرق المؤتمر للحديث عن الأسس النظرية والموضوعية وطبيعة النظام الإقليمي الجديد، حيث يهدف طرح هذا المحور، لتفعيل النقاش حول النظام الإقليمي الحالي بشكل موضوعي، وكيفية رؤية التطورات الحاصلة، عبر ملاحظة نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات في المنطقة، لا سيما التي تهم شعوب دول المنطقة. وهو ما يُعتبر جديداً ومتميزاً من ناحية الطرح، كونه يأخذ مصالح شعوب المنطقة بعين الإعتبار، في ظل تطورات وحقبة حساسة تمر بها دول وأنظمة المنطقة.
ثانياً: طرح المؤتمر حقيقة القوى الإقليمية والدولية الفاعلة، والتي يخدم دورها شعوب المنطقة، وهو ما يُساهم في توجيه النُخب والرأي العام نحو حقائق المرحلة على صعيد الأدوار والأحجام، وكيفية التعاطي معها بشكل موضوعي وعلمي. وهو ما يُساهم في خلق مادة جديدة بعيدة عن تأثير وسائل الإعلام المُسيَّسة.
ثالثاً: إن طرح التطورات الجديدة والنظام الأمني الحالي في غرب اسيا ومستقبل هذا النظام وكيفية هندسة نظام جديد يتناسب مع مصلحة شعوب المنطقة، يُساهم في تحديد الأولويات وفهم واقع المرحلة مما يُساهم في إيجاد سُبل واقعية للتعاطي مع التحديات الكبيرة لا سيما ملفات الإرهاب والأهداف الإستكبارية.
أهمية المؤتمر
عدة أمور توضح أهمية المؤتمر:
أولاً: إن شعار المؤتمر "الحوار والتعاون والثقة المتبادلة لتحقيق الأمن والإزدهار الجماعي في منطقة غرب اسيا"، يدل على الدعوة لمنطق الحوار والتعزيز التعاون المُشترك في ظل التحديات المعقدة التي تمر بها المنطقة والعالم. في حين يبدو من الشعار أن أهداف المؤتمر جماعية.
ثانياً: سيهتم المؤتمر بتقديم رؤى وأفكار جديدة الى زعماء المنطقة. وهو ما سيُساهم في توحيد الجهود على المستويين النظري والعملي، خصوصاً لطبقة صُنَّاع القرار.
ثالثاً: يهدف المشاركون في المؤتمر لتفعيل معرفة شعوب المنطقة بحقيقة الأوضاع، وجعلهم شركاء في مواجهة التحديات. لا سيما الحقائق المتعلقة بتعريف الإرهاب والجهات الإرهابية.
رابعاً: يتعاطى المؤتمر برؤية إيجابية مع مستقبل المنطقة. أي أن يبعث الأمل بالمستقبل ويُعطي جرعة من التفاؤل تُساهم في دفع كافة الجهود الى الأمام.
مرة جديدة ومن البوابة الإيرانية، يمر مشروع هندسة نظامٍ أمنيٍ يُحقق آمال وشعوب المنطقة. وهو الأمر الذي يُعتبر متميزاً، لأسباب تتعلق بالعقلية التي أدارت وخططت للمؤتمر. عقلية تؤمن بأهمية احترام خيارات شعوب المنطقة، وضرورة الإنطلاق من آمالها نحو مستقبلٍ أفضل. كل ذلك لا يمكن أن يحصل دون إعتبار الكيان الإسرائيلي العدو الوحيد لأبناء المنطقة بالإضافة الى الدعوة لتعزيز التعاون المشترك بين أبناء وشعوب ودول المنطقة. لذلك جاء المؤتمر الأمني في طهران كنموذجٍ لمشروعٍ ينقل المنطقة وشعوبها نحو نظامٍ أمني يعكس تطلعاتهم وآمالهم.