الوقت- بعد قرار مجلس الشيوخ الأمريكي بتمديد الحظر المفروض على إيران لمدة عشرة أعوام أخرى، بدأ الاتفاق النووي المبرم بين طهران ومجموعة (5+1) يواجه تحديات خطيرة، خصوصاً بعد أن هددت إيران باتخاذ إجراءات عاجلة ومؤثرة ردّاً على هذا القرار.
وقرار الحظر الأمريكي (Iran Sanction Act) أو (ISA) والمعروف باسم قانون (داماتو) نسبة إلى السيناتور الأمريكي (الفونسو داماتو) الذي تقدم به للكونغرس، وتم إمضاؤه من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق (بيل كلينتون) عام 1996، يستهدف قطاع الطاقة والصناعة النفطية والغازية في إيران. وقد تم تمديد هذا القانون عام 2006 وكان من المقرر أن تنتهي مدته بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وتزعم واشنطن بأن الاتفاق النووي لم ينص على منع تمديد الحظر على إيران؛ بل يسمح للرئيس الأمريكي باتخاذ ما يراه مناسباً حسب تشخيصه ووفقاً للصلاحيات الممنوحة له في هذا المجال.
وتؤكد إيران بأن قرار الحظر الأمريكي يمثل إنتهاكاً صارخاً للاتفاق النووي الذي حظي بتأييد ومصادقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وتشدد في الوقت نفسه على أنها قد التزمت بتنفيذ بنود هذا الاتفاق المتعلقة بها وفي مقدمتها خفض مستوى تخصيب اليورانيوم إلى ما دون 20 بالمئة وتقليص أعداد أجهزة الطرد المركزي في منشآتها النووية، وتجميد العمل في مفاعل "أراك" لإنتاج الماء الثقيل.
كما تؤكد طهران أيضاً بأن الاتفاق النووي هو اتفاق دولي، حيث وقّعت عليه بالإضافة إلى أمريكا الدول الاخرى الدائمة العضوية في مجلس الدولي "روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا" بالإضافة إلى ألمانيا، ولهذا لا يحق لواشنطن أن تنفرد باتخاذ أي قرار من شأنه أن يعرض هذا الاتفاق إلى الاهتزاز.
من هنا ينبغي القول بأن قرار تمديد الحظر الأمريكي ستكون له تداعيات مهمة على الصعيدين الإقليمي والدولي يمكن إجمالها بما يلي:
التداعيات الدولية
- يحق لطهران أن تتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تطالب فيها بمقاضاة أمريكا إزاء انتهاكها للاتفاق النووي، حيث ورد في البندين 26 و29 أنه لا يحق إعادة العقوبات التي تمّ تعليقها أو لغوها في الاتفاق النووي. كما وردت في الملحق الثاني للاتفاق وتحديداً في البنود(1-2-4) و(1-3-4) و(2-3-4) و(4-3-4) و(2-1- 4) الإشارة إلى القوانين والعقوبات التي يجب تعليقها أو إلغاؤها، إلاّ أن قانون "داماتو" الجديد، وخلافاً للبنود المذكورة أعاد هذه العقوبات ثانيةً.
- خرق الاتفاق النووي من قبل أمريكا سيؤدي إلى زعزعة الثقة بها لدى المجتمع الدولي أكثر من أي وقت مضى، ويثبت أنها لا تلتزم بتعهداتها وبالقوانين والمقررات الأممية، وتتخذ قرارات تتعارض مع هذه القوانين لتحقيق مآرب تنسجم مع سياستها الداخلية والخارجية.
- خرق أمريكا للاتفاق النووي سيضعها في مواجهة الاتحاد الأوروبي بشكل علني، وهذا ما عبّرت عنه مستشارة الأمن القومي الأمريكي "سوزان رايس" في مقابلة مع شبكة "سي أن أن" عندما أشارت إلى "أن الاتفاق النووي متعدد الأطراف، وليس اتفاقا ثنائياً، ومن المؤكد أن روسيا والصين والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي لن يوافقوا على رغبتنا بتمزيق هذا الاتفاق أو التنصل عن مسؤوليتنا في تنفيذ بنوده؛ بل يمكنني القول بأننا نحن من سينجر إلى العزلة الدولية لا إيران".
من جانبها أكدت مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي "فيديريكا موغيريني" إن الاتفاق النووي هو متعدد الأطراف وعُقد في إطار الأمم المتحدة ولا يمكن أن يُلغى بشكل منفرد، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بتنفيذ هذا الاتفاق بشكل كامل، مضيفة أنها لديها مسؤولية مباشرة في هذا المجال باعتبارها رئيسة اللجنة المشتركة التي تشرف على الإتفاق.
التداعيات الإقليمية
- خرق الاتفاق النووي من قبل أمريكا ستكون له تداعيات على مدى إمكانية التفاهم بين طهران وواشنطن لتسوية الملفات العالقة في المنطقة لاسيّما الأزمتين السورية واليمنية.
- قانون (داماتو) الجديد من شأنه أن يعمق الأزمة السياسية بين طهران وواشنطن، وسيتيح في الوقت نفسه المجال للكيان الإسرائيلي وبعض الدول الإقليمية وفي مقدمتها السعودية لاستغلال هذه الفرصة من أجل مواصلة مواقفها المتأزمة مع إيران، وسيؤدي هذا بالتالي إلى أن تفقد أمريكا فرصة ثمينة يمكن من خلالها التوصل إلى حلول لأزمات المنطقة لاسيّما في سوريا واليمن إذا ما كانت فعلاً صادقة وجادة في هذا المجال.