الوقت- مرة جديدة يخرج علينا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريحاته الطائفية التي تعبر عن الهوية السياسية الحقيقية لحزب العدالة والتنمية الذي يقوده والتوجهات العنصرية والطائفية التي تنتهجها هذه السلطة في التعامل مع شؤون المنطقة خاصة في ظل إشعال فتيل الحروب والمنازعات التي لتركيا متمثلة في أردوغان نصيب الأسد منها.
هذه المرة كان الوضع في اليمن والعدوان السعودي على الشعب اليمني الفقير موضع حديث أردوغان الطائفي. حيث طالب الرئيس التركي خلال لقاء تلفزيوني يوم الجمعة الماضي الجمهورية الاسلامية الايرانية وما أسماه "الجماعات الإرهابية الانسحاب من اليمن" ، مضيفا في الوقت ذاته ان بلاده يمكنها أن تفكر في تقديم الدعم اللوجستي في مجال الإمداد والتموين لعملية العدوان على اليمن والتي سميت "عاصفة الحزم" . وفي سياق متصل شكّك أردوغان في دور إيران في المنطقة والحرب على الارهاب في العراق بقوله إن “هدف ايران هو زيادة نفوذها في العراق”. وقال في التعليق علي العملية الجارية لاستعادة تكريت، “تم التأكيد من الجانب الإيراني على الجانب الطائفي، يريدون أن يملؤوا الفراغ الذي سيتركه "داعش”. وسبق ذلك موقف مشابه من أنقرة أقل حدة اتجاه الاحداث في اليمن عندما طالبت أيضاً حركة انصار الله ومن يقف ورائها من القوى الإقليمية بالعدول عن مواقفهم التي تهدد أمن اليمن والمنطقة ."
اذاً من الواضح ان المال النفطي الخليجي قد نجح على ما يبدو في استقطاب دول مثل تركيا الى الحرب الدائرة على اليمن بإعلان انقرة وقوفها الى جانب الرياض بالرغم من الخلافات السائدة بين الطرفين وخاصة فيما يتعلق بملف الاخوان المسلمين وبعد سحب البساط من تحت رجلي انقرة والجماعات التي تدعمها في ليبيا وتونس ومصر ووضع التنظيم "اي الاخوان المسلمين" على لائحة الارهاب في مصر ودول الخليج. ولكن تم وضع الخلافات هذه حالياً على جنب ليصبح المال النفطي والدافع الطائفي، العاملين الرئيسين، في تدافع تركيا وغيرها من الدول نحو الرياض وسياساتها الطائفية المدعومة امريكياً. ولكن اين الغريب في ذلك ؟ أليست تركيا وحكامها جزء اساسي من المشروع الطائفي الرامي لتقسيم المنطقة وتشتيتها من العراق الى سوريا ولبنان، والآن اليمن؟ الم تعمل تركيا منذ فترة على دق اسفين الفتنة والتقسيم والتقاتل وسلب الثروات ومصادرة القرار والسيادة لتلك الدول وسوريا والعراق على وجه الخوص ، لصالح الزعيم الامريكي؟ . فالجميع يعرف مدى التورط التركي في دعم التنظيمات الارهابية من داعش الى النصرة وتسهيل مرور المقاتلين القادمين من الزوايا الأربعة للعالم إلى الأراضي السورية والعراقية وبحماية المخابرات التركية وهذا ما تؤكده المحاكم التركية ذاتها التي استطاع أردوغان على ما يبدو شراء ذممها لاحقاً . حيث اكتشف الجيش التركي في شهر كانون الثاني 2014 تمرير شاحنات تحمل سبع حاويات محملة بقذائف صاروخية بمرافقة المخابرات التركية، وعندما أمر النائب العام في مدينة اضنة "عزيز طقجي" بتفتيش ومصادرة الحاويات اعترض اردوغان مبرراً ذلك بعدم قانونية تفتيش الحاويات لأنها تحت سلطة المخابرات، وتم عزله بأمر مباشر من اردوغان وتحويله مع 13 من عناصر الجيش للمحاكمة بتهمة "التآمر" التي تصل عقوبتها بالسجن لمدة أقصاها 20 سنة .
ومن جانب آخر فإن ملف تركيا في دعم الجماعات الارهابية الاصولية لا يقف عند هذا الحد بل يتعداه ليصل الى علاقات قوية ومريبة تربط أردوغان نفسه بالسعودي "ياسين القاضي" احد ابرز 13 شخصية سعودية متهمة بتمويل القاعدة والموضوع على القائمة السوداء الأمريكية منذ نيسان 2013، أضف الى ذلك تمرير وسائل النقل الحديثة التي يستخدمها الارهابيون والتي كان آخرها ما حصل على معبر أطمة حيث تحدثت التقارير ومن داخل صفوف المعارضة السورية عن الاف الارهابيين المدججين بمختلف انواع الأسلحة والذين دخلوا الاراضي السورية بدعم من المخابرات التركية واستطاعوا احتلال مدينة ادلب في نهاية المطاف . ناهيك عن إقامة معسكرات تدريب بالتعاون مع امريكا على الاراضي التركية .
اذاً الحقائق تثبت بأنه لا يمكن المساواة بين مواقف تركيا المحابية للإرهاب، وداعمة له، وبين مواقف دول مثل ايران التي قدّمت للعراق وسوريا دعما لوجستياً واستشاريا في إطار الحرب على تنظيم داعش الارهابي ، فيما لم تقدّم تركيا، جهدا ملحوظا يساهم في دحر الإرهاب، بل تقوم بالعكس من ذلك . ايران التي اكتفت بالرد على تصريحات أردوغان السابقة باستدعاء القائم بالأعمال التركي ، بسبب غياب السفير التركي في طهران لتبلغه احتجاجها وأسفها إزاء تصريحات أردوغان "غير المألوفة وغير الملائمة"، ربما لسان حالها ولسان حال العديد من شعوب المنطقة يقول لأردوغان: "لا تنه عن خلق وتأتى مثله ... عار عليك اذا فعلت عظيم ".