.jpg){kind=logo}
الوقت- تحاول السعودية البحث عن دورٍ لها في ظل الأحداث المتسارعة في المنطقة. وليس غريباً عليها لعب دورٍ قد يكون على حساب بلدٍ عربي آخر كاليمن. فالسعودية تعمل اليوم على دعوة الأطراف اليمنية لإدارة حوار بينهم على أراضيها. الأمر الذي رحبت به دول مجلس التعاون. فما هي وقائع هذه الدعوة؟ وما هي تداعياتها؟
أولاً: وقائع الدعوة
سيعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون في الرياض الخميس المقبل إجتماعاً لبحث الأزمة اليمنية ومخاطر التهديدات الإرهابية على أمن واستقرار المنطقة. وقد نقلت الأمانة العامة لمجلس التعاون في بيان نشر الثلاثاء على موقعها الإلكتروني، إن وزراء خارجية دول المجلس، سيعقدون في مبنى الأمانة العامة بمدينة الرياض، يوم الخميس 12 مارس الجاري، الدورة الـ (134) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون، برئاسة خالد بن محمد العطية، وزير خارجية قطر، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، وبمشاركة عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون. كما قال الزياني في البيان إن الإجتماع الوزاري سيتدارس آخر المستجدات والتطورات العربية والإقليمية والدولية الراهنة وتداعياتها على أمن واستقرار المنطقة وأشار إلى أن الأزمة اليمنية ستكون في مقدمة القضايا التي سيبحثها وزراء الخارجية، بالإضافة إلى مخاطر التهديدات الإرهابية على أمن واستقرار المنطقة. وكانت قد أعلنت السعودية، الأحد الماضي، ترحيب دول مجلس التعاون بعقد مؤتمر تحضره كافة الأطياف السياسية اليمنية الراغبين بالمحافظة على أمن واستقرار اليمن، تحت مظلة مجلس التعاون وذلك بمدينة الرياض "للخروج باليمن من المأزق إلى بر الأمان بما يكفل عودة الأمور إلى نصابها". جاء هذا في بيان صادر عن الديوان الملكي السعودي، تلبية لطلب من الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي، في رسالة وجهها للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. والرئيس المستقيل هادي يسعى منذ استقالته، الى حشد الدعم الخليجي والدولي الواسع، وإلى تعزيز سلطاته في عدن وإنشاء مركز منافس للسلطة جنوبي البلاد. وكان قد سبق أن دعا هادي، في 3 مارس الجاري إلى نقل الحوار بين الأطراف السياسية في البلاد، لمقر مجلس التعاون، بالعاصمة السعودية الرياض، نظراً لتعذر عقده في صنعاء، نتيجة للظروف الراهنة بحد تعبيره.
ثانياً: قراءة تحليلية
ليس جديداً أن تتدخل السعودية في اليمن. لكنها هذه المرة تحاول حشد موقف دوليٍ وعربيٍ، باحثةً عن دورٍ لها. ولأنها تريد أن تجعل عاصمتها مركزاً للحراك الديبلوماسي، تسعى السعودية لجذب الأنظار من خلال إظهار نفسها على انها قطبٌ مؤثر في المنطقة. لكن موقف دول الخليج الفارسي تعدى كونه محاولةً لجمع الأطراف السياسية. فالسعودية التي أعلنت على لسان وزير خارجيتها دعوة الأطراف للحوار، رداً على طلب الرئيس المستقيل هادي، تحدثت كعادتها بلغة التحريض والتقسيم، وقد أشار وزير الخارجية السعودي في تصريحه حينها، الى عبارة اليمن الجنوبي، مما أثار ردود فعلٍ معارضة واسعة من الداخل اليمني.
فدول الخليج التي وجدت نفسها اليوم بعيدة عن إدارة الملفات المهمة في المنطقة، والتي وجدت نفسها في حالة تراجعٍ تجاه ثقة شعوب المنطقة بها، تحاول من خلال دعوة الأطراف السياسية في اليمن الى وضع اليد على الداخل اليمني، بعد أن استطاعت حركة أنصار الله من إدارة البلاد والتحكم بها.
لكن اللافت في الموضوع أن هذه الوحدة الخليجية اليوم ليست إلا دليلٌ واضحٌ على حجم المأزق السياسي الذي تعيشه هذه الدول لناحية دورها المتراجع في المنطقة، ولناحية رهاناتها التي سقطت مع قرب نهاية الإرهاب المتمثل بداعش. فإذا كان يمكن إستثناء الموقف المصري المغاير لموقف دول الخليج الفارسي، لا يمكن التغاضي عن أن الجميع جمعهم تعظم الدور الإيراني في المنطقة.
فهذه الدول تنظر اليوم لتجد أن سيدتهم أمريكا تسعى للجلوس مع إيران. في حين أنهم لا يجدون لأنفسهم أي دورٍ مؤثر. سوى أنهم يجتمعون لطلبية طلب رجل كالرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي. وهو الرجل الذي يعتبر نفسه اليوم رئيساً، في وقت يتفق الجميع في اليمن، على أن هادي غير شرعي ولا يستطيع تمثيل اليمن. فهل وصل ضعف هذه الدول الى مرحلة أنهم يراهنون على من أثبتوا فشلهم؟ ويضاف الى ذلك أن هذا يعتبر مخالفة للقوانين والمواثيق الدولية، التي ترعى احترام الأطراف السياسية الفاعلة والشرعية. وهذا ما لا ينطبق على الرئيس المستقيل هادي.
وتجدر الإشارة هنا الى أن موقف مصر ليس كموقف دول الخليج الفارسي. فالموقف الخليجي يريد من مصر أن تواكبه (بالتبعية له) في التعاطي مع أزمة اليمن. وبما يراه الخليجيون من مصلحة لا بما تراه مصر. لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يناور بحذر، ولذلك تأخذ القاهرة موقفاً خاصاً. فبالنسبة لمصر، فإن الأمن القومي العربي كلٌ لا يتجزأ. هذا بالضبط ما أعطته إجابات وتعليقات الرئيس عبدالفتاح السيسي على قناتي العربية والحدث مؤخراً. فبرأيه لا يمكن أخذ الأزمة اليمنية لوحدها بمعزل عن الأزمة السورية والأزمة في ليبيا. ويجب التحرك لحل الجميع. وهذا ما قد لا يعجب دول الخليج الفارسي، لأنها تتعامل مع الدول كأوراق وليس كقضيةٍ واحدة.
إذاً، ليس مهماً بالنسبة للسعودية ودول الخليج الفارسي خرق القوانين والمواثيق الدولية. فالمهم أن يظهر جميعهم كأصحاب الأدوار الفاعلة. فسكرة الجنون التي يعيشونها اليوم، من شعورهم بتعاظم الدور الإيراني، حملهم ليجتموا رغم اختلافاتهم، لتلبية طلب رجل غير شرعي. وهنا يأتي السؤال الأبرز: أي حلٍ ينشد هؤلاء، دون إشراك الأطراف الفاعلة في اليمن؟
