الوقت – هناك أقسام من الشيعة يعيشون في شبه الجزيرة العربية وتاريخهم الحضاري يعود الى صدر الاسلام ومنهم الشيعة الجعفرية او الإمامية الذين يشكلون قسما هاما من سكان السعودية ويعيشون في المنطقة الشرقية والحجاز بشكل عام ومنهم الإسماعيليون الذين يعيشون بشكل عام في منطقة النجران وان الشيعة الذين يعيشون في المنطقة الجنوبية من السعودية أي في جيزان ونجران وعسير هم من شجرة واحدة وان أصلهم من اليمن ومن قبيلة همدان.
ان الشيعة الزيديين والاسماعيليين الذين يسكنون في المناطق الجنوبية من السعودية هم امتداد سكاني للشيعة الزيديين والاسماعيليين في اليمن الذين انفصلوا عن اليمن بعد احتلال مناطقهم على يد آل سعود في عام 1934 فهؤلاء ما زالوا يرسلون أموال الخمس والزكاة الى علماء ومراجع الدين في صعدة اليمنية، وهناك علاقة متقابلة ومتبادلة حيث يرجع الشيعة الإسماعيليون في اليمن في الكثير من الأمور الى مراكز الإسماعيليين في نجران.
ان الاسماعيليين والزيديين في اليمن والسعودية وبغض النظر عن علاقاتهم القومية والمذهبية فإنهم مشتركون أيضا في مقارعة الظلم والإستبداد والإستكبار والجهاد والثورة المسلحة وهذا يجعل مناطقهم مؤهلة لتكون عمادا آخر من أعمدة محور المقاومة في غرب آسيا، ان السعودية تمارس ظلما وضغطاً ممنهجا على هؤلاء الإسماعيليين ضمن نظرية الإستعمار الداخلي للقوميات غير الوهابية وتمنع أي تطور في أوساطهم فهناك التمييز والضغط الممارس ضد الأقليات طائفيا وسياسيا وإقتصاديا وإبعادهم عن التوظيف وفرص العمل وإقتصار ذلك على الوهابيين ما أدى الى الكثير من حالات النزوح والهجرة الداخلية للإسماعيليين نحو مناطق أخرى من السعودية.
وفي عام 2000 إنتفض الإسماعيليون في نجران ضد التمييز الممنهج والتهديدات المتزايدة لآل سعود ضدهم ما هدد أمن آل سعود الذين كانوا قد اعتقلوا قادة الإسماعيليين وأغلقوا مساجدهم وقد حدثت إشتباكات مسلحة بين الثوار وقوى الأمن وإمتدت الإضطرابات الى مناطق أخرى بأشكال مختلفة.
وهكذا يمكن القول ان التمييز السعودي الممنهج ضد الإسماعيليين شكل سببا لدفعهم نحو تشكيل حركة إجتماعية وثورية وإن أية ثغرة أمنية توفر فرصة مناسبة للأقليات للعمل السياسي.
ان تقدم حركة أنصارالله في المناطق الثلاث في جنوب السعودية (نجران وجيزان وعسير) قد أحدث فراغا أمنيا سعوديا حيث يشعر آل سعود بخطر متزايد يهددهم من تلك المناطق وسبب ذلك هو التعارض المذهبي بين سكان تلك المناطق مع الجماعة الوهابية.
ان تحول أنصارالله الى حركة شاملة وثورية خلال 15 سنة يمكنه ان يزيد من رغبة الإسماعيليين في شبه الجزيرة العربية نحو انتهاج النزعة الثورية، فأنصارالله اليمنية استطاعت ان تتحول خلال 15 سنة من حركة صغيرة ومحدودة في جزء من محافظة صعدة الى لاعب فعال ومؤثر في المنطقة وهذا النموذج يمكن تطبيقه في مقاس أصغر بالنسبة للإسماعيليين في شبه الجزيرة العربية.
ويمكن ان يتخذ الإسماعيليون، أنصارالله أنموذجا في الكثير من المجالات فأنصارالله أيضا إتخذوا في بداية تأسيسهم منظمة التعبئة الإيرانية أنموذجا لتشكيلاتهم ومن ثم إقتبسوا أساليبهم الدفاعية والقتالية من حزب الله لبنان، وبإمكان الإسماعيلية ان يتبنوا خطابا خاصا بهم ويبنوا كوادرهم ويوسعوا تشكيلاتهم بالتحالف مع القبائل القريبة والمتحدة معهم ويستقطبوا الشباب الى صفوفهم.
وفي المجال العسكري والأمني أيضا بإمكان الإسماعيليين ان يعملوا على إحياء نظامهم الأمني ويسلحوا أنفسهم بالعتاد وهذا يمكن ان تكون خارطة طريق خاصة بهم في شبه الجزيرة العربية في المجالين الأمني والعسكري.
وفي الشق الإعلامي أيضا يمكن ان تشكل أنصارالله نموذجا جيدا للإسماعيليين في شبه الجزيرة العربية ويمكن نقل المواقف والتجارب حيث استطاعت أنصارلله الإستفادة من تلفزيون وموقع المسيرة ومد جسور العلاقة داخليا وإقليميا وعالميا مع الآخرين عبر هذه الوسائل الإعلامية.
وفي مجال تبني القضية يمكن ايجاد خطاب وشعار البراءة لأعداء الإسلام المحمدي (ص) الأصيل ورفع شعار النصر للإسلام والمستضعفين على غرار شعارات أنصارالله.
وأخيرا يمكن القول ان الإسماعيليين في شبه الجزيرة العربية لديهم إمكانيات كبيرة للإنخراط ضمن قوى المقاومة فهؤلاء لم تتغير هويتهم وهم يؤمنون بمقارعة الظلم ويقدرون على صنع إجماع بين القبائل والطوائف، وما يزيد من دوافع الإسماعيليين للتحرك بهذا الإتجاه هو ظلم آل سعود ضد الشيعة وتوفر الفرصة السياسية للأقليات بعد إنتصارات أنصارالله في جنوب السعودية.