الوقت- قبل أسبوع من الآن وتحديدا في 16 أغسطس انتشر نبأ إستقرار القاذفات الروسية في ايران لقصف الجماعات المسلحة التكفيرية والدواعش في سوريا، وفور انتشار هذا النبأ تداولته الصحافة العالمية بإسهاب وصدرت ردود أفعال وتحليلات ظهر خلالها غيظ وسائل الإعلام العربية المعادیة لمحور الممانعة وحتى الغربية حيث أراد هؤلاء الطعن في شرعية هذه الخطوة ووصل الامر الى الادعاء بأنها تنتهك القرار الدولي رقم 2231.
لكن معظم ردود الأفعال جاءت من المسؤولين و وسائل الإعلام الأمريكية وظهر الإرتباك والتخبط بينهم وصدرت مواقف متناقضة من الشخصيات السياسية والعسكرية ووسائل الإعلام المرتبطة بدوائر القرار بهذا الخصوص، فعلى سبيل المثال في 16 أغسطس قال أحد القادة العسكريين الأمريكيين ان بلاده كانت على علم باستخدام القاذفات الروسية لقاعدة نوجه في مدينة همدان الايرانية لكن في 21 أغسطس وجه قائد عسكري أمريكي آخر إنتابه القلق من التعاون الروسي الايراني في قصف مواقع داعش في سوريا تحذيرا الى موسكو ودمشق بضرورة عدم قصف المناطق التي تنتشر فيها القوات الأمريكية في سوريا.
قائد القوات الأمريكية في العراق وسوريا الجنرال ستيفتن تاونسند قال انه في حال هاجمت المقاتلات الروسية أو السورية المناطق التي تنتشر فيها القوات الامريكية الخاصة في شمال سوريا فإنه سيدافع عن تلك القوات، وقد وصل الامر الى إعلان وزارة الخارجية الامريكية بأن دوائرها الحقوقية تدرس موضوع استخدام القاذفات الروسية للقاعدة الجوية الإيرانية في العمليات الجارية في سوريا وإمكانية انتهاك قرار مجلس الأمن الدولي.
لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رد على التصريحات الامريكية وشدد على أنه لا أساس لاتهام روسيا بخرق القرار الدولي 2231 على خلفية نشر قاذفات تشارك في العملية الروسية ضد الإرهاب بسوريا، في قاعدة همدان الإيرانية.
وأكد لافروف على أنه في حالة نشر القاذفات الروسية في همدان، يدور الحديث فقط عن موافقة إيران على استخدام مطارها من قبل تلك الطائرات التي تشارك في عملية محاربة الإرهاب في أراضي سوريا، تلبية لطلب من القيادة السورية، والتي تتعاون طهران معها أيضا.
وبعد فشل هذه الضجة الإعلامية الأمريكية والغربية بادر هؤلاء الى العزف على وتر آخر وطرحوا موضوع منع الدستور الإيراني لوجود أية قواعد عسكرية أجنبية في البلاد حتى لغايات سلمية لكنهم تجاهلوا ان القوانين الايرانية لاحظت ايضا حالات يتم فيها تعاون عسكري بين ايران وباقي الدول تحت إشراف المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني.
وحسب المادة 176 من الدستور الايراني فإن الاستفادة من الإمكانيات المادية والمعنوية للبلاد لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية تقع ضمن صلاحيات ومهام المجلس الاعلى للأمن القومي الذي يصادق على قراراته قائد الثورة الإسلامية لكي تصبح قانونية، وهذا الأمر إستند عليه رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي في ايران علاء الدين بروجردي فيما يخص التعاون العسكري مع روسيا واستخدام القاذفات الروسية لقاعدة نوجه في همدان.
وقد واجه المسؤولون الغربيون ردودا جدية من وزارة الخارجية الايرانية ورئيس مجلس الشورى الإسلامي ووزير الدفاع ورئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي وتلقوا أجوبة حازمة.
وعلى سبيل المثال قال رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني ان تحليق الطائرات الروسية من مطار همدان لم يتوقف وهناك تحالف بيننا وبين الروس لمكافحة الإرهاب وهذا التحالف يعود بالنفع على المسلمين في المنطقة وفي همدان ايضا لم نضع قاعدة في تصرف أية جهة.
ان الإمعان في تصريحات المسؤولين العسكريين والسياسيين الايرانيين وحتى المسؤولين الروس يظهر عمق التحالف الإستراتيجي بين البلدين من أجل القضاء على داعش والجماعات الارهابية التكفيرية في سوريا، لكن يبدو ان سبب القلق الغربيين وخاصة الأمريكيين من هذا التعاون العسكري الايراني الروسي هو فشل مساعيهم في تشكل ائتلاف ضد داعش خاص بهم فالتحالف العسكري الروسي الايراني السوري كفيل بإظهار عجز وفشل الخطط العسكرية للغربیین.