الوقت- تناقلت القنوات الاعلامية والاخبارية مؤخرا خبر تحليق طائرات استطلاع تابعة لحزب الله فوق اراضي الشمال الفلسطيني مخترقة اجراءات الجيش الاسرائيلي الوقائية والمتأهبة على طول الحدود.
الخبر نقل عن موقع " روتر نت " التابع للكيان الصهيوني, ان طائرة من دون طيار اخترقت الحدود الاسرائيلية في منطقة الناقورة, ونفذت طيرانا لمدة 20 دقيقة عند الساعة الواحدة فجرا نهار الاحد وعادت باتجاه الاراضي اللبنانية.
تقرير اخر تحدث عن ان هذا التحليق كان للمرة الثانية على التوالي الذي يحدث خلال اسبوع دون قدرة الرادارات الاسرائيلية على اكتشافه , وتعود فيه الطائرة بسلام دون استهدافها.
الحدث الجديد , الذي يترافق مع توتر كبير تشهده الحدود اللبنانية الفلسطينية في ظل عمليات متبادلة بين حزب الله والجيش الاسرائيلي هدفت الى ارساء قواعد جديدة للاشتباك تمكن فيها الحزب من ردع الاعتداء الاسرائيلي في القنيطرة الذي طال موكبا قياديا يضم قياديين لبنانيين وايرانيين يجولون في المنطقة , وما تلاها من عملية في منطقة شبعا قام بها الحزب قاصدا كسر الارادة الاسرائيلية بارساء قواعد اشتباك تميل لصالحها , وما تلاها ايضا من انجازات نوعية للجيش السوري مدعوما بشكل فاعل من محور المقاومة في منطقة الجولان تمثلت في السيطرة على مناطق استراتيجية في الجولان واستعادتها من جيش لحد الجديد , وسط ترقب اسرائيلي لم يستطع ان يخفي حجم قلقه ورعبه من وصول حزب الله والجيش السوري الى الحدود في منطقة الجولان وما يمثله هذا من تهديد لأمن الكيان المصطنع.
هي حرب يخوضها محور المقاومة , باذرعه المتشابكة , تتخذ زمانا ومكانا مختلفا حيث تدعو الحاجة وتشخص القيادة.
بعض الاراء المطروحة رات أن تحليق الطائرات الاستطلاعية الجديدة , يأتي بموازاة اعلان وزارة الدفاع الايرانية تصنيع طائرة استطلاع بدون طيار اطلق عليها اسم "فطرس" وهي تعد من اكبر الطائرات حجما بعد النموذج الاخير " شاهد 129" الذي كشفت عنه الجمهورية الاسلامية منذ اقل من شهرين , وقد افادت المعلومات ان نموذج " فطرس " التقني كان حكرا على الدول المتطورة فقط , حيث يبلغ نطاق تغطيتها 2000 كلم وبإمكانها البقاء في الجو مدة 30 ساعة متواصلة , ويمكن استخدامها لمهمات قتالية واستطلاعية .
كلام صدر حول امكانية ان تكون الطائرة التي حلقت هي طائرة " فطرس " في اول طلعة جوية لها خارج الحدود الايرانية , لتؤكد عبرها الجمهورية الاسلامية على وجهة الصراع الحقيقي الذي تعد له العدة ووحدة الميادين والجبهات على امتداد خطوط المواجهة .
فقد اعتبر البعض من المحللين ان صح ربط الحدث باعلان الجمهورية عن الطائرة الجديدة, أن الجمهورية الاسلامية تريد من الكيان الاسرائيلي الذي يدعي التطور التقني والعسكري ويدعي امتلاكه منظومات دفاع جوي تتحكم بكل ما يجتاح المدى الجوي الاسرائيلي , ويستطيع اسقاطه بعد تشخيصها عبر شبكات رادارية محكمة التقاطع والتطور , أن يدرك ان خصومه باتوا يملكون طائرات متطورة جدا قادرة على الوصول والعبور الى داخل المدى الجوي واختراق التحصينات الدفاعية والعودة الى قواعدها سالمة دون اكتشافها الآني.
وبغض النظر عن الجهة التي اطلقت الطائرة , ومن أين اقلعت واين حطت , يبدو ان الحديث عن محور مقاومة متكامل بات ادق من الحديث عن حزب الله وحماس والحرس الثوري والجيش السوري , فما تظهره الايام من قواعد جديدة في اللعبة والاسلحة المستخدمة والجولات المتعددة والمتبادلة بين قيادات المحور العسكرية , توضح ان تكتيك المواجهة مع الكيان الاسرائيلي يبدو انه يتخذ شكل حربة متشعبة الرؤوس , يريد فيها المحور تشتيت القدرات العسكرية الاسرائيلية ورفع القلق والتوتر والاستنفار الدائم للجيش الاسرائيلي لاستنزافه ومن ورائه من قيادات سياسية وامنية تزج بالجيش في عمليات اعتداء على محور المقاومة دون حسابات دقيقة , وتؤدي به الى الهلاك.
الرسالة التي تريد قيادة المقاومة عموما ايصالها الى الكيان الاسرائيلي , في اجواء ذكرى الشهداء القادة التي يحييها حزب الله في لبنان , مفادها أن الجيش الاسرائيلي بات عليه ان يقلق اكثر مما مضى , بعد تكرار تجربتين لعبور الطائرات من دون تمكن الدفاعات الجوية الاسرائيلية من اكتشافها وعودتها الى قواعدها وما تحمله من معلومات وصور بثتها الى غرف المتابعة التابعة للمقاومة سالمة غانمة.
في التوقيت:
يأتي الحدث في موازاة تحليق مكثف لطيران الاستطلاع الاسرائيلي في اجواء الجولان لمتابعة نتائج حملة تطهير الجنوب السوري التي اطلقها الجيش السوري وحلفاؤه دون القيام بأي عمل عسكري في دلالة واضحة على قسوة الرسالة التي بعثها الحزب عبر صواريخه التي فتت اليات الجيش الاسرائيلي في مزارع شبعا مؤخرا, وكذلك وسط تكرار للخروقات الجوية الاسرائيلية للمدى الجوي والسيادة اللبنانية , فالتحليق الاخير يعبر , عن رسالة يطلقها الحزب للكيان الاسرائيلي تفيد بأن خروقاتكم الجوية ستقابلها خروقات جوية , في محاولة جديدة يقوم بها الحزب لتثبيت قواعد جديدة على مستوى الخروقات الجوية الاسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية وبالتالي للقرار 1701 وفق منطق اطلقه امين عام حزب الله في خطابه الاخير حيث عبر بوضوح عن ان اي خرق او اعتداء اسرائيلي في اي زمان ومكان يطال محور المقاومة لن يمر دون رد.
دلالات المكان:
هي رسائل ردعية في ظاهرها , لكنها تحمل في داخلها رسائل اعمق تتعلق بجرأة المقاومة على الاستمرار والمضي قدما في تحقيق وعود محور المقاومة بقطع اصابع الكيان الاسرائيلي اذا ما فكر في اي اعتداء يطال اي جبهة تخص هذا المحور, فبعد عملية شبعا النوعية , اتت حملة الجولان السوري لتؤكد على ان محور المقاومة جاد في قرار المواجهة لاي اعتداء ولن يسمح بان يرسي الكيان الاسرائيلي مجددا قواعد اشتباك تصب في مصلحته , وتأتي اليوم عمليات التحليق فوق الاراضي الفلسطينية واختراق التحصينات الدفاعية الاسرائيلية , في سياق التأكيد على ان المقاومة جاهزة للتصدي للكيان الاسرائيلي من اقصى الجنوب الغربي اللبناني الى اقصى الجنوب الشرقي وما بعد الجنوب الشرقي نحو مزارع شبعا والجولان السوري المحتل , في مؤشر لتوجه جديد يحمله المحور المقاوم , يهدف الى ربط الحدود اللبنانية مع الجولان السوري المحتل ففي نفس الوقت الذي تجري فيه عمليات التقدم في الجولان , تأتي عملية اختراق المدى الجوي الاسرائيلي في اقصى الجنوب الغربي كدلالة على ان المقاومة حاضرة في كل نقطة وتتحضر وتتجهز ومستعدة لقتال الكيان الاسرائيلي في كل بقعة من بقع المواجهة.
ان انتخاب منطقة الناقورة كنقطة للعبور , يحمل دلالات كثيرة منها أن المقاومة تعرف بدقة خارطة الطرق الجوية الاسرائيلية وتستفيد منها للتضليل , وهذا انجاز نوعي اخر له كلامه ودلالاته , وكذلك التركيز على اخذ معلومات جوية حول هذه المنطقة يؤشر الى امكانية الاستفادة من هذه المعلومات في عمليات قادمة تستهدف الاسر او العبور الى الداخل الفلسطيني في اي مواجهة قادمة تحملها الايام بين اليكان الاسرائيلي وحزب الله واهتمام المقاومة في هذه المنطقة الجغرافية الاستراتيجية التي شهدت عمليات نوعية للمقاومة وتشكل عارضا جغرافيا مهما ايضا يعتبر نقطة ضعف عند الجيش الاسرائيلي الذي يصر على تعزيز قوات اليونيفيل في تلك المنطقة لتلعب دور الانذار المبكر للكيان والاستطلاع الميداني عن قرب.
الرسالة وصلت:
الكيان الاسرائيلي الذي يعاني من واقع جديد جرته الحماقة الاخيرة , واقع يضعه امام فلك حزب الله ومحور المقاومة من الناقورة في اقصى الجنوب الغربي اللبناني الى اقصى الجنوب الشرقي حيث الجولان السوري المحتل , وهذه المساحة تغطي الحدود الشمالية الاسرائيلية بأكملها , ليغدو الكيان امام واقع مقلق يظهر بلسان محلليه وزعمائه واعلامه الذي يتابع عن كثب تحركات محور المقاومة في الجولان السوري المحتل, فهم اليوم ان المقاومة غير متخوفة ولم تعتبر ان الهجوم الاخير في مزارع شبعا قد اقفل حسابا كبيرا من الاعتداءات الاسرائيلية على الكيان ان يسدد فواتيره بتفاصيلها , ووصلت الرسالة بان تفكر اسرائيل مئة مرة قبل ان ترسل طائراتها الى الجنوب لأن هذا سيجرها مجددا الى صراع جديد في ميدان تقني متطور اثبت فيه محور المقاومة فعاليته وحضوره فيه , وكذلك إن كانت تفكر في التدخل المباشر في الجولان لانقاذ مشروع جيش لحد الجديد الذي عملت على تاسيسه لسنوات , لا بد لها من أن تضع في حسابها أن دم المقاومة ما زال يغلي , ويبدو ان قرار حرب شاملة في حسابات المحور الحاضر بقوة في حال سولت نفس اي من عاشقي المجد السياسيين ورواد المغامرات المتهورة الاسرائيليين !!