الوقت - يبدو واضحاً حجم المأزق الذي يعيشه الإرهابيون في حلب، لا سيما بعد أن أحكم الجيش السوري وحلفاؤه، السيطرة على طريق الكاستيلو. وهو الأمر الذي يُعتبر إنجازاً نوعياً، لأسبابٍ عديدة. فالطريق كان يُعتبر الشريان الوحيد للمسلحين من ريف حلب الشمالي بإتجاه شرق حلب. كما أن هذا الإنجاز، سيُمكن الجيش السوري من تأمين نقطة ارتكاز تمكنه من فتح محور عمليات جديد، من الجهة الغربية. فيما سيساهم ذلك في اتساع عمق الأمان للبقعة التي تتضمن الأراضي الواصلة بين المنطقة الصناعية وطريق نبل والزهراء.
لكن هذا الإنجاز للجيش السوري، انعكس حالةً من المأساة لدى المسلحين، مما دفعهم الى طلب الدعم المعنوي والإستنجاد بدعاة التكفير لرفع المعنويات. وهو ما يمكن تأكيده، من خلال رسائل الدعم التي أطلقها، العديد من دعاة التنظيم الإرهابي. وعلى سبيل المثال، فقد هدد الداعية السعودي عبد الله المحيسني، أحد قضاة جيش الفتح والقيادي في جبهة النصرة أمس الإثنين، عبر رسالة صوتية، الجيش السوري وحلفاءه بحرب طاحنة داخل مدينة حلب. مهدداً أيضاً، بإفشال مخططات الجيش الساعية لقطع خطوط إمداد الفصائل المسلحة وحصارها داخل مدينة حلب.
السيطرة على طريق الكاستيلو
إستطاع الجيش السوري وحلفاؤه، السيطرة على طريق الكاستيلو وهو الممر الوحيد للإمداد، بالنسبة للتنظيمات الإرهابية داخل الأحياء الشرقية لمدينة حلب، والتي باتت بعد سيطرة الجيش على الطريق مطوقة بالكامل. وهنا فإنه بتاريخ 25/6/2016، بدأ الجيش السوري والحلفاء تقدمهم باتجاه مزارع الملاح الشمالية وسط تغطية نارية كثيفة ودقيقة. وبالفعل تمت السيطرة الكاملة على المزارع الشمالية في اليوم التالي. ثم حاولت هذه الفصائل بعد يومين من سيطرة الجيش السوري وحلفائه على المزارع الشمالية استرجاع المزارع ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل. وبتاريخ 7-7-2016، نجح الجيش السوري والحلفاء بالتوغل داخل المزارع الجنوبية والسيطرة الكاملة عليها لتصبح منطقة مزارع الملاح كاملاً تحت السيطرة ليحقق الجيش السوري من خلال ذلك، إنجازاً عسكرياً هاماً في هذه المزارع التي لها ميزات جيوعسكرية مهمة. حيث أن المسلحين المتواجدين في أحياء حلب الشرقية، موصولون بأكبر تجمع للمسلحين عبر طريق الكاستيلو ومنه إلى ريف حلب الشمالي ثم إلى الريف الغربي وصولاً إلى التجمع الأكبر في إدلب ومنها إلى الأراضي التركية لعلاج المصابين ونقل الأسلحة والذخائر. كما أن من نتائج السيطرة على مزارع الملاح، تطويق مدينة حلب وعزلها عن الريف بشكل كامل.
وهنا، فإن السؤال المطروح حالياً، هو حول الخيارات المطروحة لدى الإرهابيين في حالة إغلاق طريق الكاستيلو، والتي يمكن اختصارها بالتالي:
الخيار الأول: يمكن أن يسعى الإرهابيون لمحاولة السيطرة على مزارع الملاح من جديد، بهدف محاولة إعادة فتح طريق الكاستيلو. حيث أنه وفي الماضي، تمكن الجيش من فتح هذا الطريق، بعد أن فشل بذلك منذ سنتين، بسبب إخفاقه في رفع الحصار عن نبل والزهراء. الأمر الذي أبقى المزارع بيد الإرهابيين. فيما سيكون لحركة نور الدين الزنكي والحزب الإسلامي التركستاني، دور أساسي في ذلك، إن حاول الإرهابيون السير بهذا الخيار.
الخيار الثاني: وهو الأقل كلفة بالنسبة لهم، حيث يمكن أن يرضخوا للوضع القائم، والذي فرضه الجيش السوري والحلفاء. فيما سيسعون لإيجاد طريق بديلة أو فرعية أو محلية، لكي يأمن الإرهابيون من نار الجيش السوري. فعلى الرغم من أن الجيش السوري يسيطر على طريق صغير ولديه إشارف ناري على أجزاء من هذه الطريق، قد يحاول الإرهابيون الإلتفاف وإيجاد طريق بديل دون النزاع مع الجيش السوري.
الخيار الثالث: قد يلجأ الإرهابيون لمحاولة فتح طريق لوجستي من جنوب حلب، أو جعل أوتستراد دمشق – حلب، بديلاً عن طريق الكاستيلو.
صدق من وصف معركة حلب بالمعركة الإستراتيجية. وصدق من قال أن طريق الكاستيلو، هي كلمة السر في معركة حلب. فما يتوارد حول الوضع المأساوي للإرهابيين، يدل على حجم الخسارة التي مُنيت بها التنظيمات الإرهابية في سوريا، بعد الإنجاز النوعي للجيش السوري والحلفاء. فيما تجري التحضيرات اليوم، لما بعد معركة السيطرة على طريق الكاستيلو. حيث أنها وبعد أن أصبحت بيد الجيش السوري والحلفاء، فتحت الباب أمام سيناريوهات عديدة من الإنجازات المستقبلية لمحور المقاومة في الصراع السوري. في وقتٍ يعيش الإرهابيون واقعاً، لا يمكن أن يتجاوزوا فيه الخيارات التي طرحناها أعلاه. فأي الخيارات سيلجأ له المسلحون؟