الوقت - بعد أن أقدمت سلطات آل خليفة اليوم على إسقاط الجنسية البحرينية عن المرجع الديني الشيخ عيسى قاسم وبعد أن شعرت السلطات البحرينية أن لفعلتها هذه ردة فعل كبيرة جداً في الشارع البحريني سارع رئيس الوزراء البحريني للخروج وتوجيه التهديدات والتوعد للمتظاهرين المنددين بهذا القرار الغاشم حيث أعلن انه سيتم إتخاذ كافة التدابير اللازمة لما سماه "حماية أمن البلاد".
حيث نقلت وكالة فرانس برس اليوم عن وزارة داخلية النظام البحريني زعمها في بيان لها: “إن سحب الجنسية من الشيخ قاسم أتى بسبب قيامه بإستغلال المنبر الديني وإقحامه في الشأن السياسي لخدمة مصالح أجنبية” مدعية أنه كان على "تواصل مستمر مع منظمات خارجية وجهات معادية للبلاد".
وهذا ما أدى إلى إطلاق دعوات للتظاهر يوم الثلاثاء تنديداً بما وصف بـ "الحملة التحريضية السلطوية الشرسة ضده".
وتوالت ردود الفعل البحرينية المستنكرة للقرار البحريني التصعيدي القاضي بإسقاط الجنسية عن آية الله الشيخ عيسى قاسم، حيث أعلنت غالبية المناطق البحرينية عن إلغاء الإحتفالات بليلة النصف من شهر رمضان هذه الليلة، وأكدت توجه الحشود من الرجال والنساء والأطفال إلى الدراز دفاعاً عما يمثله آية الله قاسم من رمزية.
وفي بيان لها، اعتبرت "حركة حق" أن القرار الرسمي “سيقلب المعادلات”، وأن الشعب البحريني لن يقف مكتوف الأيدي أمام تعرض رموزه للاستهداف.
وأكدت الحركة على وقوفها التام مع كبار العلماء وفي مقدمتهم آية الله قاسم مشددة على “ضرورة الدفاع المستميت عن هؤلاء الرموز الكبار لأنهم يمثلون الحالة الأبوية لعموم شعب البحرين ولا يمكن أن يتم إستهدافهم أو المساس بهم دون أن يكون هناك تحول رادع في مسار المواجهة مع النظام”.
وأضافت “يعتقد النظام أنه بإسقاط جنسية آية الله قاسم واستهدافه يقضي على مطالب الشعب المشروعة ويجهز على ثورة الرابع عشر من فبراير إلا أن هذا التصعيد والإمعان في الغطرسة من شأنه أن يؤدي لقلب المعادلة وإعادة الزخم والحضور الشعبي الكبير”.
وتابعت “ يجب ان لا يحسب النظام أنه يمتلك القوة والبطش والأجهزة الأمنية الوحشية وأنها ضمانة لأن يقوم بالتعدي على أكبر رموز الشعب وكأنه في نزهة فهذه الحسابات تنطلق من الوهم وجنون العظمة”.
بدوره، اعتبر "تيار الوفاء الإسلامي" أن قرار النظام البحريني يمثل “خطوة جنونية حمقاء تهدف للانتقام من سماحته على سجلّه النّاصع في الوقوف مع أبناء شعبه المظلومين”.
ورأى بيان الوفاء أنّ إسقاط جنسية الشيخ قاسم يعد “جريمة وانتقاماً من السّنين التي أفناها سماحة الشّيخ في خدمة الدّين والشّعب والوطن، وهي تضع الشّعب أمام خيارين: إمّا الرّضوخ لجريمة النظام وتسليم مصير سماحة الشّيخ لهم، ومن بعدها يمكن للسلطة الذّهاب لأقصى حدّ في إجرامها ضدّ كلّ مكوّنات الشّعب، وإمّا أن ينتفض شعب البحرين لدينه ومقدّساته، ويكبح جنون النظام من أن يرتكب المزيد من الجرائم".
ودعا تيار الوفاء الإسلامي في ختام بيانه “أبناء الشّعب المسلم والغيور لكي يهبّ من أجل سماحته باعتباره عنوانًا للدّين وكرامة الوطن، وبذل الغالي والنّفيس في نصرته”.
بدوره إعتبر "منتدى البحرين لحقوق الانسان" قرار السلطة بحقّ الشيخ عيسى قاسم تعسفيّاً ومخالفاً لكل الأعراف والمواثيق، واعتبر المنتدى أن السلطة البحرينية لم تكن لتتخذ هذا القرار لولا الدعم السعودي والاماراتي والبريطاني. وأضافت أن هذا القرار بحق الشيخ عيسى قاسم سوف يغيّر وجه البحرين.
ودان حزب الله الخطوة غير المسبوقة التي اتخذها النظام البحريني والمتمثلة بسحب الجنسية من العالم آية الله سماحة الشيخ عيسى قاسم ودعا “شعب البحرين الى التعبير الحاسم عن غضبه وسخطه بسبب النيل من رمزه الكبير”.
واعتبر حزب الله في بيان له ان “هذه الخطوة من النظام في البحرين هي خطوة بالغة الخطورة لما يمثّله الشيخ قاسم من مقام ديني رفيع وموقع كبير على مستوى الوطن والأمة وضمانة حقيقية لحاضر البحرين ومستقبله”.
ورأى حزب الله ان “هذه الخطوة تدل على أن السلطة في البحرين قد وصلت إلى نهاية الطريق بالتعاطي مع الحراك الشعبي السلمي ووجهت رسالة خاطئة جدا مفادها أن لا إصلاح ولا حقوق ولا حوار ولا أفق سياسيا”، واضاف ان “السلطة بحماقتها وتهوّرها تدفع الشعب البحريني إلى خيارات صعبة ستكون عاقبتها وخيمة على هذا النظام الديكتاتوري الفاسد”.
واشار حزب الله إلى أن “هذه الجريمة الجديدة تمثل ذروة الحملات التعسفية التي ينفذها هذا النظام بحق أبناء الشعب وهي بمثابة إسقاط للجنسية عن هذا الشعب بكل مكوّناته وعن مناضليه وثورته وتحدياً لإرادته في العيش الحر والكريم”، وتابع “ليس من المقبول نزع الجنسية من أي مواطن يتمتع بحقوقه الطبيعية في المواطنة ولا سيما من عالم كبير كالشيخ قاسم ولد في البحرين وعاش حياته بحرينيا”.
ودعا حزب الله “كل المرجعيات الدينية والسياسية والحقوقية المحلية والعربية والدولية الى إعلان الرفض القاطع لهذه الخطوة الاستفزازية المنكرة”، وشدد على “ضرورة الضغط على النظام البحريني للتراجع عنها فورا ولتغيير مساره السياسي نحو التفاهم مع الشعب للخروج من الازمة السياسية المعقدة التي وضع البحرين فيها بسبب سياساته الهوجاء وخضوعه للقوى الإقليمية والدولية”.
يشار إلى أن نظام آل خليفة يواصل إستهدافه للرموز الدينية والسياسية في البحرين في إطار محاولاته لمعاقبة البحرينيين على خلفية مطالبهم الإصلاحية حيث قام بتعليق عمل جمعية الوفاق الوطني المعارضة وحل جمعيتي "التوعية" و"الرسالة" ومصادرة أموالهما إضافة إلى الاستمرار في ممارسة القمع بحق معارضيه.
وتنذر التطورات في البحرين بمرحلة غير مسبوقة من التصعيد غير المسبوق في ظل توارد معلومات بشأن تغطية إماراتية سعودية للتصعيد الرسمي بهدف إنهاء الثورة التي انطلقت في البلاد منذ 2011 وتطالب بالديمقراطية والحرية والكرامة ووقف الوصاية على قرارات ومقدرات شعب البحرين.
يشار إلى أن محاولات النظام البحريني لإجهاض الحراك السلمي تعددت لكنه عجز عن ذلك رغم مرور خمس سنوات على انطلاق الحراك الشعبي بل زاد من إصرار المحتجين على التمسك بمطالبهم.
ويذكر أن الاحتجاجات الشعبية المستمرة في البحرين تطالب بإصلاحات اقتصادية واجتماعية إلا أن سلطات آل خليفة أقدمت على استخدام القوة الوحشية لقمعها وشهد دوار اللؤلؤة وسط المنامة في العام 2011 أشد عمليات القمع قسوة والتي نفذتها تلك السلطات مستعينة بقوات آل سعود أو ما يسمى بـ “درع الجزيرة” ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وتدمير الدوار وخيم الاعتصام المقامة فيه فوق رؤوس المقيمين بداخلها حيث يشكل الدوار رمزا للحركة الاحتجاجية في هذا البلد.