أعلنت الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون أنه في حال فوزها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنها ستُقدم على اغلاق وملاحقة جميع القنوات ذات الصلة بحركة المقاومة حماس على الشبكة الافتراضية.
وفي حوار لهم مع صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية صرح مسؤولو الحملة الانتخابية الداعمة للمرشحة الديمقراطية للبيت الأبيض، أن استراتيجية كلينتون تقوم على ملاحقة كل ما يُعتبر ذو صلة بـ "المحيط الافتراضي" لحماس، وأضافوا أن كلينتون تعتزم في حال وصولها للرئاسة منع استثمار حركات المقاومة لشبكة الانترنت ومنع كسب المتعاطفين عن طريقها.
قد يبدو مستغرباً اهتمام الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية للبيت الأبيض "هيلاري كلينتون" بتفصيل صغير يتعلق بحجب حسابات حركات المقاومة من على شبكة الانترنت، واصدار الوعود بملاحقة هذه الحسابات في الوقت الذي يواجه الملف الرئاسي الأمريكي الكثير من التحديات الداخلية والخارجية خاصة فيما يتعلق بمكافحة الارهاب، وانتشار نيرانه إلى الداخل الأمريكي. إلا أن المطلع على خفايا السياسة الداخلية الأمريكية يعلم أن كلمة السر وراء هذا الاهتمام هو "اللوبي الصهيوني" الذي تحاول كلينتون استمالته في معركتها الانتخابية مع منافسها الجمهوري دونالد ترامب.
اللوبي الصهيوني بدوره يرى الفرصة مواتية لاستغلال التنافس الانتخابي بين الجمهوريين والديمقراطيين، لتمرير قرارات تخدم الكيان الاسرائيلي وتسهم في تلميع صورته واسكات الأصوات المناهضة له في ظل حملة المقاطعة العالمية التي طالته في الكثير من دول العالم بينها العديد من الدول الأوروبية، والتي استطاعت إلحقاق الضرر بهذا الكيان على الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية.
تصريحات كلينتون تسلط الضوء على مدى التأثير الاعلامي الذي لعبته المقاومة ضد العدو الاسرائيلي، والدور الذي اضطلعت به حركة مقاطعة الكيان الاسرائيلي بكشف صورته الاجرامية في الأوساط الدولية، فقد بلغ تأثير حركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (بي دي اس) وهي حركة عالمية تاسست في 2005، درجة أن المسؤولين في الكيان الاسرائيلي وصفوها بالخطر الاستراتيجي، فيما عقد اللوبيات الصهيونية في أمريكا والدول الأوروبية العديد من المؤتمرات بهدف التصدي لها. وقد عزز الكيان الاسرائيلي من تحركاته الدبلوماسية من أجل تحسين صورته أمام المجتمع الدولي، وقد استطاع سفير الكيان الاسرائيلي في الأمم المتحدة "داني دانون" يوم الاثنين الماضي الفوز برئاسة اللجنة القانونية التابعة للامم المتحدة، وبدعم من دول عربية، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ قيام هذا الكيان المغتصب.
وتدل تصريحات الحملة الانتخابة لكلينتون حول نيتها ملاحقة حركات المقاومة على الشكبة الافتراضية، على وحدة الرؤية لدى الديمقراطيين والجمهوريين تجاه قضايا المنطقة، القائمة على الدعم المطلق للكيان الاسرائيلي، وتكشف أن ما يذهب إليه بعض سياسيي المنطقة بالتفاؤل بمجيء الديمقراطيين لفرَض أنهم يتعاطون بإيجابية أكبر مع الملفات العربية والاسلامية، ما هو إلا مجرد أوهام. كما تكشف تصريحات كلينتون عن سياسة أمريكا المتناقضة مع مبادئ الديمقراطية والمعارضة المدنية، من خلال اسكات الأصوات المعارضة للكيان الاسرائيلي الذي يمعن في قتل وتجويع ومحاصرة الفلسطينيين.
وقد سبق للكيان الاسرائيلي أن مارس ضغوطاً على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل اغلاق الحسابات الاعلامية التابعة لحركات المقاومة. وقد استجاب موقعي "فيسبوك" و"يوتيوب" لهذه الضغوط من خلال اغلاق عدد كبير من الصفحات التابعة والمقربة من إعلام حركة المقاومة حماس، إضافة إلى عدة صفحات تفاعلية داعمة للمقاومة. الأمر الذي احتجت عليه حماس وأصدرت بياناً رسمياً لفتت فيه أن هذه الاغلاقات "جاءت عقب حملة تبليغات واسعة ومنظمة، مسنودةً بضغوطات مباشرة من وزارتي الاتصالات والخارجية الإسرائيليتين على إدارة موقع فيسبوك، على خلفية الدور الكبير للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في دعم وتحريك وإسناد انتفاضة القدس."
عندما يصبح التصدي لحركات المقاومة في الفضاء الافتراضي، أحد البرامج الموعودة على جدول أعمال الرئيس الأمريكي المقبل، ندرك مدى أهمية المقاومة الاعلامية، ومدى المأزق الذي وصل إليه الكيان الاسرائيلي نتيجة هذه المقاومة. فالفضاء الافتراضي تحول هذه الأيام إلى ساحة حرب حقيقة، وهذه الحرب تفوق بتأثيراتها في كثير من الأحيان الحرب الكلاسيكية، مما يوجب على القوى المقاومة أن تكون دائماً على أهبة الاستعداد للمواجهة وحاضرة في جميع الميادين بما فيها الميدان الافتراضي والتصدي للمساعي الكيان الصهيوني صاحب التجربة الطويلة في تشويه الحقائق والسيطرة على وسائل الاعلام وتسخيرها لخدمة مخططاته وسياساته العنصرية.