الوقت- منذ احتلال الكيان الاسرائيلي للجولان عام 1976 الى سَن الكنيست قانوناً لضمه في العام 1981 والتحركات الاسرائيلية تجري لفرض واقع يخرج الجولان من دائرة النقاش الدولي والاقليمي القائم بإنسحاب المحتل منها واعادتها الى سوريا بالرغم من قرار المنظمة الاممية رقم 497 والذي رفض قرارالكنيست، هذا ويعمل الكيان للترويج بأن السوريين المتواجدين هناك والبالغ عددهم 30 الفاً بدأوا بالتوجه اكثر من ما مضى لأخذ الجنسية الاسرائيلية، الى مخطط تعزيز الاستيطان وبناء شركات زراعية وصناعية لها هناك. مؤخراً عقد نتياهو جلسة حكومته الاسبوعية في احدى المستوطنات الجولانية ليطلق تصريحه بأن الجولان لن يعاد الى سوريا وستبقى بيد كيانه.
خطوة نتنياهو هذه تبعها اتصال مع وزير الخارجية الامريكية جون كيري ابلغه فيه انه على قناعة بأن سوريا لن تعود مرة اخرى الى سابق عهدها، وبأنه حان الوقت على المجتمع الدولي لإخراج الجولان من الدائرة السورية وضمها للكيان الاسرائيلي بعد 50 عاماً على احتلالها. تحرك الكيان الاسرائيلي هذا استوجب الرد من الجانب السوري واستنكار دولي وعالمي، فقد صرّحت وزارة الخارجية السورية على لسان فيصل المقداد بأن الجولان عربية وستبقى عربية وهو بقرار من الامم المتحدة التي رفضت الخطوة الاسرائيلية باحتلالها، هذا والقوات المتعددة الجنسية المتواجدة هناك دلالة واضحة من قبل الامم المتحدة على انها ارض عربية محتلة. السؤال هنا حول دوافع تصريحات نتياهو الجديدة في هذا الوقت بالذات وهو ما سنحاول الاشارة اليه.
اولاً: سلسلة مجريات واحداث وتحركات للاعبين اساسيين على الساحة السورية تقود الى بلورة تخوّف لدى الكيان الاسرائيلي فيما يتعلق بالجولان المحتل، فالاسابيع الاخيرة تشهد نشاط الاتصالات الدولية التي تجري برعاية الامم المتحدة بهدف معالجة الوضع السوري، فيما تفيد المعلومات بأن احد خطوط المعالجة يشتمل طلب اعادة الجولان او التأكيد على هويته السورية، فالاطراف السياسية السورية بتنوعها وتعدد توجهاتها اجمعت في مفاوضات جنيف 3 على ضرورة العمل لإستعادة الجولان السوري، فورقة العمل في المفاوضات ركزت على احترام السيادة السورية واستقلالها ووحدة اراضيها وعدم التنازل عن اي جزء من اراضيها، هذا مجتمعاً اقلق الكيان الاسرائيلي خاصة وان بند التوافق المتعلق بالجولان السوري قد ورد على لسان المبعوث الدولي الخاص بسوريا ستيفان دي مستورا.
تجدر الاشارة الى ان المحاولات الاسرائيلية على مدى الاعوام الخمس الماضية لم تقتصر على الاستفادة من الجانب الامني فقط، بل ركزت جهودها لقيادة الامور الى المكان الذي يمكن انتزاع شرعنة دولية لاحتلالها الجولان وان يكون خارج دائرة اي اتفاقات متعلقة بالشأن السوري. هذا وتصريحات وتحركات نتنياهو الاخيرة في الجولان المحتل تأتي لايصال رسالة للمجتمع الدولي بأن كيانها قادر على تخريب اي مسعى للحل في سوريا.
ثانياً: هي رسالة موجّهة لروسيا قبل الزيارة المرتقبة لنتياهو الى موسكو في ال 21 من الشهر الحالي، هذه الرسالة مفادها بأن موسكو عليها ان تأخذ بعين الاعتبار منافع ومصالح الكيان الاسرائيلي في اي مفاوضات، هذه المصالح لا تقتصر على الجولان السوري المحتل فقط وانما هو كركيزة اساسية، هذا وكان نتيناهو في زيارته الاخيرة الى امريكا قد دعا السوريين من هناك لكي ينسوا موضوع الجولان، وهو طلب من اوباما ان يعمل لسَنِّ قرار دولي يشرعن احتلال الجولان، فبالنسبة للكيان الاسرائيلي فإن الجولان السوري يمثل موقع استراتيجي امني وصلة وصل بين لبنان وفلسطين وسوريا، وبالتالي يمكن من خلاله الاحتفاظ بورقة قوية في مشروع زعزعة امن المنطقة.
ثالثاً: هي رسالة من الكيان الاسرائيلي للمجتمع الدولي بأنها متجهة الى مزيد من الاستيطان وتكريس الاحتلال وفرضه بالقوة، فهي تواصل بناء المستوطنات هناك وتشجيع المستوطنين الاسرائيليين على الإقامة عبر تسهيلات كبيرة. وفي هذا الإطار أعلن أخيرا الصندوق الدائم للكيان لإسرائيلي "ككال" عن اعتزامه توسيع المستوطنات في الجولان، وإقامة 19 حياً استيطانيًا جديداً في الهضبة المحتلة. ويُتوقع أن يستوعب المشروع، الذي سيبدأ تنفيذه صيف العام الحالي، 1500عائلة جديدة، وأن ينتهي بناؤه في غضون خمس سنوات. كما وان نتنياهو يسعى لطرح نفسه على انه اللاعب الاقوى في الدفاع عن الكيان الاسرائيلي ومستوطنيه.