الوقت- اليمن مجددا" ساحة من ساحات حروب السعودية, بعد أن كانت حديقتها الخلفية, حديقة كانت لسنوات طوال تدور في الفلک السعودي وتنسج الرياض لها سياستها الداخلية والخارجية, لكي لا يكون لهذا البلد الحرية في القرارالسياسي و ما يترتب عليه، ساحة حاولت السعودية استعادتها بكل ما تستطيع, متاجهلة امكانية نشوء حرب داخلية يكون اقطابها الحوثيون من جهة ومن يدور في الفلك السعودي من جهة أخرى.
́فلكٌ خرجت منه عدن على يد الحوثيين, فكانت ضربةٌ لكل مفاصل التحكم السعودي هناك وموجهة صفعة لمشروع كان يمكن أن ُُيبقي اليمن دولة ترعى الفساد وينتابها الضعف ولتبقى دولة تتسول على أعتاب دول الخليج الفارسي.
فقدساعدت سلسلة من الإجراءات التي إتخذتها السعودية لإضعاف اليمن. أولى هذه الخطوات كان عبر إعادة عناصر "القاعدة" اليمنيين الى بلادهم بعد انتهاء المعارك في أفغانستان، وتوظيفهم في مراكز هامة في الدولة من جيش أو مراكز عامة. فكثيراً ما ترى في اليمن قادةً في الجيش من ضباط وعناصر أو مدراء عامين من عناصر "القاعدة"، مقاتلين سابقين في أفغانستان، ضمن صفوف ما عرف بـ "العرب الأفغان.
لم تكتف السعودية بدعم الأحزاب المتطرفة، فقد دعمت ايضا" الأطراف السياسية الأخرى وحرضتها على بعضها البعض، كما ان انها نجحت في اليمن بتطبيق سياسة "فرّق تسد". فدعمت مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الدفاع والأمن اللواء الركن علي محسن صالح الأحمر، والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وخلقت للاثنين طرفاً آخر وهو الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور هادي، وشغلت الأطراف الثلاثة بالاقتتال فيما بينهم ".
على كل حال فالسعودية لا تريد أن تستقر المنطقة وتصل الی بر السلام بعد ما اقحمتها بصراعات طائفية ومذهبية راح ضحيتها الملايين من سکان المنطقة خاصة خلال العقود الثلاثة الماضية .
فما حصل في كل من سوريا والعراق يتم الان تصديره الى اليمن بكل ادواته الطائفية والفكرية والاعلامية, فلقد ودع اليمن عام 2014 بتفجير أسقط 37 قتيلا وعشرات الجرحى في استهداف احتفال بالمولد النبوي دعت إليه جماعة “أنصار الله” (الحوثي) في محافظة إب وسط البلاد، الأربعاء 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. فكان4 201 من أكثر الأعوام سوءا على اليمنيين، حيث شهد ارتفاع عدد الهجمات على الجنود والمدنيين، وتزايد الاغتيالات لسياسيين بارزين.
ويعتبر تنظيم القاعدة الارهابي احدی أدوات السعودية من اجل تحقیق اهداف الریاض في المنطقة وفي الدول العربية ونرى ان السعودية تقوم بدعم القاعدة كلما يتم تهديد مصالحها في المنطقة .
وقد أكد خبراء في الشأن اليمني ان السعودية هي التي تقف خلف هجمات القاعدة على انصار الله وانفجار انابيب خطوط النفط في شمال اليمن ومطالبة الجنوب بالانفصال وقد اكد مصدر مطلع ان السعودية قد قامت باقناع عدد كثير من القيادات الجنوبية بالمبادرة الجديدة .
أما على الصعيد المادي, فبعد أن سيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء, قامت السعودية بقطع معظم مساعداتها عن اليمن ووضعت تقسيم اليمن في سلم اولوياتها، وتتسرب منذ شهر حتى الآن انباء عن مشاورات تجريها دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي لاحتواء حركة انصار الله التابعة للحوثيين وباقي اطراف المعارضة اليمنية اضافة الى تنحية الرئيس اليمني.
وکانت مبادرة دول الخليج الفارسي الاولى هي التي اجهضت ثورة الشعب اليمني ومنعت حدوث تغييرات جذرية وقد تصاعدت حدة الاحتجاجات الشعبية الى حين قيام تنظيم انصار الله باجبار رئيس الجمهورية على حل الحكومة لكي تلبي قليلا من مطالبات الشعب .
اذا "ففي كل معركة تخسرها السعودية تسعى الى تعويض تلك الخسارة من خلال الحرب الطائفية, مستعينة بالقاعدة وأخواتها, لارباك الخصم واختلاق فوضى عارمة تحرق الجميع لكي تبقى هي حجر الرحى التي تدور في فلكه دول العالم العربي والاسلامي. لكن السؤال الذي لا بد للاجابة عنه هو, ما الذي يدعو السعودية التعاطي بهذا الشكل مع ملف اليمن بالتحديد؟ اجوبة قد توضح معالم الصراع الناشئ من خلال الأسباب التالية:
أولا": إطلالة اليمن الجغرافية على مضيق باب المندب، أهم الممرات البحرية في العالم.والجدير بالذكر ان ايا من البلدان المحيطة بباب المندب تواجه اضطرابات مثل الصومال واليمن الى جيبوتي.
ثانيا", المصلحة النفطية التي تقف دوماً في وجه أي بلد نفطي من شأنه التأثير على ديموغرافية المنطقة، ناهيك السعوديون يريدون أن يرسموا في ذهن الجميع أن لشبه الجزيرة العربية مقر واحد وهو السعودية .
الإتصال الجغرافي مع اليمن ووجود حدود مشتركة بين اليمن والسعودية يدفع الأخيرة الى الخوف من تعاظم الدور الحوثي, الذي يرتبط مع ايران ارتباطا وثيقا وهذا ما لا تحبذه الرياض من ان يكون على حدودها اي طرف له صلة مع ايران.
اذا" معالم الصراع الجديد واضحة في الساحة اليمنية حيث التأثير اليوم فيها فقط للرياض وصعده؛ راقبوهما، ولا بأس أن تمنحوا صعدة تركيزا أكبر فهي من تدير اللعبة الآن، بينما الرياض (وزميلاتها: الدوحة، أبو ظبي، أنقرة..وغيرها) تتحرك في إطار رد الفعل؛ رد الفعل المتهور على كل حال .