الوقت- لايختلف اثنان ان انتهاء الازمة السورية لن يكون نهاية نشاط الجماعات التكفيرية المتطرفة وخاصة تنظيم داعش فالثقة بالنفس التي حصل الدواعش عليها في حربي سوريا والعراق ستعقد الاوضاع للدول المفلسة في الشرق الاوسط وخاصة في شمال افريقيا.
ان الاقبال الجماهيري على داعش يعتبر ضئيلا في الشرق الاوسط ففي لبنان اقل من واحد بالمئة يؤيدون داعش لكن هذا الاقبال يعتبر اكبر في مصر حيث هناك 3 بالمئة من المواطنين يؤيدون داعش وفي السعودية 5 بالمئة وهذا يدل ان هناك حاضنة لداعش في القرن الافريقي.
ان الازمات السياسية والاقتصادية وازمة الشرعية في شمال افريقيا هي كبيرة الى حد يمكن لداعش ان تهاجر بأقل تكلفة ممكنة من سوريا والعراق نحو هذه الحاضنة في افريقيا، ان هذا التنظيم الذي يفكر بالاستيلاء على الارض على عكس تنظيم القاعدة له حوافز ايديولوجية لجيل الشباب الخائبين الذين يريدون رؤية تنظيم قوي آخر بعد مقتل اسامة بن لادن وفرط عقد القاعدة.
ان الكثير من الجماعات المتطرفة في شمال افريقيا استخدموا اسم داعش بعد الانتصارات التي سجلها داعش على الارض وقد بلغ هذا الامر ذروته في عام 2014 حيث شهدنا موجة مبايعات لداعش من قبل الجماعات التكفيرية الصغيرة في هنا وهناك.
ولذلك يبدو ان داعش ورغم هزائمه الاخيرة يستطيع نقل مكان نشاطه الى شمال افريقيا نظرا لوجود جماعات تكفيرية وفية له في تلك المنطقة وهذا ما سيزيد من صعوبة محاربة هذا التنظيم بشكل كبير حيث ستصبح الحرب حرب استنزاف.
وهنا تعتبر ليبيا اكبر دولة في المنطقة مستعدة لنقل هذه العدوى حيث هناك الان وجود لداعش يكبر يوما بعد يوم في هذا البلد، ان هذه الدولة النفطية التي تعتبر واحدة من 10 دول ثرية في العالم تعاني من فقدان السيادة الشاملة والفاعلة وفيها الان حكومتان تتصارعان وهذه بيئة يحبها داعش كثيرا خاصة اذا نظرنا الى اقوال مبعوث الامم المتحدة في ليبيا برنارد ليون حول الشرخ السياسي والاجتماعي الموجود في المجتمع الليبي.
واضافة الى ذلك يعتبر الموقع الجغرافي لليبيا امرا مهما بالنسبة لداعش لان ليبيا قريبة من اوروبا ويقع الى جوار الصحراء الافريقية والى جوار دول هامة مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب، ونظرا الى استراتيجية داعش التي تسمى باستراتيجية الخلايا الناعمة فإن موقع ليبيا يسهل على داعش اجتذاب العناصر الجديدة وفي المقابل يجعل محاربة داعش امرا صعبا بالنسبة للمجتمع الدولي.
ويعتقد المحللون ان تونس هي الدولة الثانية بعد ليبيا التي يمكن ان يشد الارهابيون اليها الرحال، فهذه الدولة التي فيها 35 الف عسكري لديها حكومة فتية تشكلت بعد ما يسمى بالربيع العربي ولم تقدر هذه الحكومة على بسط سلطتها على كافة انحاء البلاد حتى الان وقد شهدت تونس مؤخرا العديد من الاشتباكات في مناطقها الحدودية وعدد من العمليات الارهابية التي تظهر نقاط ضعف تونس امام داعش.
واضافة الى تونس نشرت اجهزة المخابرات الغربية تقارير عن ازدياد نشاط داعش في المغرب والجزائر والسودان وحتى مصر وقالت هذه التقارير ان هدف ازدياد نشاط داعش هو ايجاد الوحدة بين الجماعات المتطرفة في شمال افريقيا التي سجل فيها اكثر حالات مبايعة داعش في عام 2014 .
ونظرا الى موقف هذه الجماعات من داعش مثل جماعة انصار الشريعة في الجزائر والتي تنشط تحت اسم جنود الخلافة في الجزائر فإن فرع القاعدة في شمال افريقيا أو ما يسمى بتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي يمكن ان يمد يد البيعة لداعش في شمال افريقيا.
ان اكبر تحدي الان امام داعش في هذه المنطقة هو تأمين مصادر التمويل لأن شمال افريقيا ليست مثل العراق وسوريا اللتين فيهما الكثير من الثروات للنهب والسرقة لكن معهد اتلانتيك يقول ان بامكان داعش ان يحصل على ثروة كبيرة في شمال افريقيا من خلال الاتجار بالاسلحة وتهريبها وهكذا يستقطب المتطرفين حول محور الاموال والايديولوجيا.