الوقت - يبدو أن الحكومة الباكستانية وعلى رأسها رئيس الوزراء "نواز شريف" إضافة إلى قائد الجيش "راحيل شريف" قد حققوا ما يريدون من المشاركة في المناورة التي أجرتها السعودية مؤخرا على حدودها الشمالية والتي اختتمت بحضور قادة 21 دولة مشاركة في الحلف السعودي العسكري الجديد ضد الارهاب. حيث تم عقد صفقات مالية خلال لقاءات جمعت القادة الباكستانيين بقادة سعوديين تسلم بموجبها الطرف الباكستاني مبلغ 122 مليون دولار تحت مسميات ودائع وقروض مالية ميسرة لتنفيذ مشاريع انمائية. وتأتي هذه الصفقات السخية في وقت لم يتضح بعد الدور المفترض لاسلام أباد في الحلف السعودي الجديد.
وكان رئيس الوزراء الباكستاني "نواز شريف" قد ترك منذ أيام اسلام أباد برفقة قائد جيشه "راحيل شريف" متجها إلى الرياض في زيارة ضمن دعوة خاصة من الملك سلمان. وذلك لحضور المناورات التي أجرتها الأخيرة على حدودها الشمالية مع العراق. وقد جرى خلال الزيارة لقاءات ثنائية جمعت الطرفين تناولت الأوضاع في المنطقة والتحالف السعودي الدولي لمحاربة الارهاب، كما أشارت المعلومات إلى أن "نواز شريف" قد التقى بالملك سلمان على حده دون أن تُسرب معلومات حول ما جرى بينهما.
هذا وقد وقع الطرفان خلال اللقاءات اتفاقيتين حول قرض ووديعة مالية بحضور وزير المالية الباكستاني "اسحاق دار" حيث من المفترض أن تقدم السعودية بموجب الاتفاقيتين 122 مليون دولار لباكستان من أجل القيام بمشاريع مختلفة داخل باكستان. ويُقسم المبلغ إلى قسمين 55 مليون عبارة عن وديعة و67 مليون بعنوان قرض من المفترض أن يسدد على 5 دفعات من قبل اسلام اباد.
وطبقا للاتفاق فان قرض الـ67 مليون دولار يصرف على تحسين اقتصاد محافظة بلوشستان الباكستانية إضافة إلى مساعدة الجامعات وخاصة الادارية والعمرانية منها وذلك لتحسين أوضاع هذه المحافظة. كما أن قرض الـ55 مليون دولار من المفترض أن يتم صرفه قرب مدينة "مظفر اباد" في كشمير الباكستانية لتنفيذ مشروعين لبناء أنفاق.
والعارف بالسياسة الباكستانية والعلاقات التي تربط هذا البلد بالسعودية يعلم أن الكثير من الاتفاقات انما تأتي للتغطية على مساعدات مالية سعودية تهدف إلى ارتهان الموقف الباكستاني. وخصوصا في هذه الظروف التي تسعى فيها السعودية إلى ضم أكبر عدد ممكن من الدول إلى حلفها العسكري المزمع انشاؤه تحت مسمى مكافحة الارهاب. ومن الواضح أن القيادات الباكستانية حاضرة لتقديم المواقف المرضية للسعودية ازاء هذه المبالغ المغرية.
وتأتي هذه الاتفاقات في وقت انتقد عدد من النواب في البرلمان الباكستاني ما قامت به دولتهم من المشاركة في التحالف السعودي وارسال 1000 جندي باكستاني للمشاركة في المناورة التي أقامتها الرياض. وقد انتقد بعض زعماء الاحزاب الباكستانية هذا الأمر وفي تصريح لمحمود خان اشكزي أحد زعماء الباشتو الباكستانيين قال فيه لماذا لا تحضر ايران والعراق وسوريا في تحالف السعودية ضد داعش طالما أنه تحالف يهدف إلى مواجهة التنظيم. ويأتي هذا التصريح ليشكك في النوايا السعودية وحقيقة الموقف من تنظيم داعش الإرهابي وانتقادا للحكومة الباكستانية في توجهاتها القريبة من السعودية.
وكذلك "شيرين مزاري" المتحدث باسم حزب "تحريك انصاف" أحد أحزاب المعارضة الباكستانية فقد انتقد الحكومة لارسالها قوات باكستانية للمشاركة في المناورة السعودية في وقت ليس من المعلوم ما هي تفاصيل وأهداف التحالف السعودي لمحاربة الارهاب.
من هنا يمكن القول إن الخوف أصبح جديا من إحتمال أن تعلن باكستان رسميا وقوفها مع التحالف السعودي ضد الارهاب. فرغم عدم المشاركة المباشرة في العدوان السعودي ضد اليمن إلا أن التجارب السابقة تشير إلى أن الأمر ممكن مستقبلا. لذلك لا بد من المسارعة إلى مواجهة هذا الاحتمال من خلال الضغط على الحكومة الباكستانية سياسيا حتى لا تقع فريسة القروض والأموال السعودية السخية. وعلى السياسيين الباكستانيين الالتفات جيدا إلى أن الأموال السعودية لطالما أثرت سلبا على بلدهم الذي يتآكله الفساد والارهاب والمدارس الدينية المتطرفة التي تدعمها السعودية بشكل مباشر وبغطاء من نفس الحكومة الباكستانية ورعايتها.