الوقت- وشهد شاهد من أهله؛ فعندما تعترف اسرائيل بأن داعش لا تشكل تهديداً لها، تكون بذلك قد كشفت هوية هذا التنظيم المصطنع، والدور المعد له مسبقاً. كما أن ممارسات هذا التنظيم والجماعات المتطرفة الأخرى طوال السنوات الثلاث الماضية من عمر الأزمة في سوريا، كشفت بشكل لا يدع مجالاً للشك عن طبيعة هذا التنظيم ومبادئه البعيدة كل البعد عن الاسلام وسياسته التي نلخصّها بمقولة: "أشداء على المقاومين.. رحماء بالاسرائيليين".
فقد كشف لواء الاحتياط في الجيش الاسرائيلي، عاموس جلعاد، رئيس الهيئة الأمنية والسياسية فى وزارة الدفاع الإسرائيلية، أن تنظيم "داعش" الإرهابي لا يشكل أي تهديد على الإطلاق لإسرائيل، مؤكداً أن هذه التنظيم لا يوجه نشاطه فى المرحلة الراهنة ضد إسرائيل
لم تكن تصريحات جلعاد مفاجئة، حيث لم يقم داعش حتى الآن بأي عمل يمكن أن يشكل تهديداً على الكيان الصهيوني، كما لم يدل بأي تصريح يدين هذا الكيان وعدوانه على المقدسات الاسلامية، وبدا ذلك جلياً خلال الحرب الاسرائيلية الأخيرة على غزة التي دامت 50 يوماً وقتل فيها مئات الأبرياء من أبناء غزة من النساء والأطفال والشيوخ، دون أن ينطق داعش بأي كلمة تدين هذه الاعتداءات .
بل الغريب بالأمر أن داعش يضم في صفوفه العديد من الجنود المنحدرين من غزة والأراضي الفلسطينية، الذين تركوا ديارهم وأراضيهم التي يحتلها الصهاينة، وذهبوا إلى العراق والشام بدعوى "الجهاد وقتال المرتدين" في تلك الديار .
ويبدو أن اسرائيل لا تجد صعوبة في التعامل والتنسيق مع التيارات التكفيرية في المنطقة، حيث يوجد تنسيق عالي المستوى بينها وبين هذه الجماعات وخاصة جبهة النصرة، التي ترسل جرحاها الذين يسقطون في المواجهة مع النظام السوري وقوات حزب الله، إلى مستشفيات الكيان الصهيوني لتلقي العلاج .
في المقابل كان تنظيم"داعش"، قد توعد في وقت سابق حركة "حماس" بإنهاء حكمها على قطاع غزة وإعلان قيام دولة غزة .
وقال "داعش": إن المقاتلين يشكلون "سرية الشيخ أبو النور المقدسي"، ويتدربون في معسكرات "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ومعظمهم من أهالي غزة. ووجه التنظيم رسالة مباشرة إلى حركة حماس، مفادها أن المواجهة الحربية قادمة لا محالة معها، حينما أعلن أن اسم السرية الخاصة بالمقاتلين القادمين من غزة هو "أبو النور المقدسي ".
وأبو النور المقدسي كان داعية وطبيبا يقيم في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وكوّن تنظيمًا سلفيًا اسمه "جند أنصار الله"، ودخل في صدامات دامية مع حركة حماس في 2009، انتهت بمقتله وعدد كبير من عناصر التنظيم. وأنهت حماس الوجود الفعلي للتنظيم السلفي الوليد آنذاك، بيد أن مؤيدي "أبو النور المقدسي"، واسمه الحقيقي "عبد اللطيف موسى"، لا زالوا يتواجدون في غزة، ويتحينون الفرصة لـ"الثأر" من الحركة التي "نكلت" بهم وقتلت زعيمهم، على ما يقولون في مواقع الإنترنت "الجهادية ".
ولم يتوقف تهديد داعش على حركة المقاومة حماس بل إن بيانات داعش استهدفت شرائح المجتمع الفلسطيني كافة من مثقفين وأدباء، ففي وقت سابق أيضاً أصدر داعش بياناً يهدد فيه عدداً من الكتاب والأدباء والشعراء في غزة بالقتل، بسبب ما سماه "تماديهم في التطاول على الدين الإسلامي".
وأضاف البيان "إننا نعطي المرتدين منهم فترة ثلاثة أيام للعودة عن ردتهم وفسقهم والدخول في الدين الإسلامي من جديد، ستقوم الدولة الإسلامية ولاية غزة بتطبيق حد الردة ضد كل مرتد، ونخص بالذكر الكتاب والشعراء المذكورين في البيان". كما طالب بيان آخر للتنظيم النساء فى غزة الالتزام بالزي الشرعي.
ويتهم مؤيدو داعش حماس بالتساهل في تطبيق قوانين الدين الاسلامي، وأنها تتخذ سلوكاً ليبرالياً في التعامل مع الأشخاص الذين ينقضون قوانين الشريعة الاسلامية.
لاشك أن هذا النهج الداعشي يشكل مصلحة هامة للكيان الاسرائيلي الذي يجد نفسه اليوم أكبر المستفيدين من الفوضى التي نشرتها الجماعات التكفيرية في المنطقة، فتنظيم داعش وبقية الجماعات المتطرفة تشن حرباً بالوكالة ضد أعداء اسرائيل التقليديين، وتستنزف حركات المقاومة وتستهدف القاعدة الشعبية لهذه الحركات سواء في غزة أو دمشق أو الضاحية الجنوبية، وتتوعد أبناء تلك المناطق بالويل والثبور وقطع الرؤوس فيما الاسرائيلي في منأى عن كل ذلك، لهذا يبدو أن اللواء الاسرائيلي "عاموس جلعاد" لم يجانب الحقيقة حينما قال أن "داعش لا تشكل تهديداً لاسرائيل".
