الوقت- قالت قناة العربية الممولة سعوديا ان وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" قد قام بجولة في 4 دول افريقية ونتيجة هذه الجولة كانت "طرد" ايران من افريقيا وذلك بعد الخلاف المحتدم بين البلدين اثر حادث الهجوم على السفارة السعودية في طهران، واضافت العربية ان "الجبير" تناول موضوع تدخل ايران في شؤون الدول الاخرى في جولته الافريقية.
واضافت العربية ان السعودية بدأت محاولاتها لحصر الدور الايراني في افريقيا بعدما كانت ايران قد رفعت مستوى تمثيلها الدبلوماسي في 30 دولة افريقية و زادت من نفوذها هناك خلال العقد الماضي.
وتأتي ادعاءات العربية في وقت تتمتع ايران بعلاقات تاريخية مع الدول الافريقية لكن هذه العلاقات قد تأثرت بالمد الوهابي وحالة معاداة الشيعة في افريقيا، وقد مارست السعودية ضغطا هائلا على السودان التي كانت لها علاقات استراتيجية مع ايران وقد اغلقت السلطات السودانية المركز الثقافي الايراني في هذا البلد قبل 3 اعوام ونصف، كما قطعت السودان والصومال وجيبوتي علاقاتها مع ايران اثر حادث الهجوم على السفارة السعودية في طهران وذلك بضغط من الرياض التي ضغطت ايضا على نيجيريا لكي يقوم الجيش النيجيري بقتل الشيعة النيجيريين الذين يقودهم الشيخ "ابراهيم زكزاكي" قبل اشهر وقد زج "زكزاكي" ايضا في السجن.
ورغم استسلام بعض الدول مثل السودان امام الضغوط السعودية وقطع علاقاتها مع ايران لكن دولا مثل الجزائر والمغرب وتونس ومصر لم تتأثر بالضغوط السعودية وحاولت اتخاذ موقف محايد.
وقد سعت السعودية كثيرا لجر الجزائر الى التحالف العربي الذي شكلته لشن العدوان على اليمن لكن الجزائر دعت السعودية الى ضبط النفس وتجنبت مماشاة السياسات السعودية.
اما مصر و رغم مشاكلها الاقتصادية الكثيرة واستغلال السعودية لهذه الأداة للضغط عليها من اجل جرها نحو المحور السعودي المتشكل ضد ايران تجنبت الدخول في هذا المحور والحلف.
ان تاريخ الدولة الفاطمية في الدول الافريقية وانتشار التصوف في المجتمعات الافريقية وخاصة في شمال هذه القارة والمشتركات الموجودة بينهم وبين الشيعة قد وفرت ارضية مناسبة للنشاط الايراني في افريقيا ولذلك يجب القول ان هناك حاضنة جيدة لايران في هذه الدول وان قيام بعض الدول مثل السودان بالاستجابة للضغوط السعودية وقطع علاقاتها مع ايران لن يؤثر على المشتركات الثقافية العميقة بين ايران ومجتمعات هذه الدول وان النفوذ الايراني سيظل قويا فيها.
ومن جهة اخرى هناك انطباع سيء في الدول العربية في شمال افريقيا تجاه الدول العربية في الخليج الفارسي فالكثير من شعوب دول شمال افريقيا يعتبرون انفسهم من البربر قبل ان يكونوا عربا ولذلك يستحقرون الدول العربية الموجودة في الخليج الفارسي فالقذافي كان معارضا شرسا للدول العربية في الخليج الفارسي وخاصة السعودية وكان ينعتهم بخنازير الخليج وقد ظلت هذه النظرة تجاه السعودية وحلفائها موجودة حتى الان عند شعوب الدول العربية في شمال افريقيا وهذه ستكون عائقا كبيرا امام استمرار النفوذ السعودي في هذه الدول.
ان المجتمعات الافريقية هي مجتمعات معتدلة من الناحيتين الثقافية والمذهبية ولديهم اسلام معتدل ولذلك نجد ان هذه المجتمعات تتقبل ايران كرمز للاسلام المعتدل امام الاسلام الوهابي المتطرف وذلك على الرغم من انتشار الوهابية في المناطق النائية في افريقيا بفعل الاموال السعودية، لكن و رغم ذلك فإن اداء الجماعات التكفيرية مثل داعش وانتماء هذه الجماعات الى السعودية واشمئزاز التيار الصوفي والاسلام المعتدل من التطرف والوهابية جعل السعودية تعاني كثيرا في محاولاتها من اجلال النفوذ في المجتمعات والدول الافريقية.
ان السعودية ورغم استطاعتها لابعاد بعض الدول العربية مثل السودان والصومال عن ايران بسبب استغلال نقاط الضعف الاقتصادية لهذه الدول، قد فشلت في ابعاد العديد من الدول الافريقية الهامة عن ايران كما ان الخلفية الثقافية والاجتماعية الموجودة في الدول الافريقية تعتبر ايضا مانعا امام نفوذ السعودية والوهابية في هذه الدول ولذلك يمكن القول ان ادعاءات وزير الخارجية السعودي حول منع النفوذ الايراني في افريقيا ليست الا هروبا من الواقع وضربا من الخيال.