الوقت- أدخلت الأزمة السورية روسيا الى دائرة اللعب في غرب آسيا من بابها الواسع بعدما كان الغربيون يريدون اسقاط النظام السوري بواسطة الجماعات الارهابية المسلحة التي رسم الغرب وظيفة ومهام آخر لها بعد سوريا وهو الذهاب الى آسيا الوسطى بعد سوريا عبر افغانستان لتهديد أمن روسيا.
موقف الامريكيين
لا يبدي الامريكيون معارضة للاتصالات الجارية بين الروس وطالبان افغانستان لكن الامريكيين اعلنوا مؤخرا ان الروس يدربون عناصر من طالبان في طاجيكستان ويمدونهم بالاموال من اجل مواجهة داعش في افغانستان، ومن المعروف ان الروس يشجعون طالبان على الانتشار قرب الحدود الشمالية لافغانستان ليكونوا درعا امام داعش ولذلك نجد ان طالبان باتت تضع ثقلها على المناطق الشمالية لافغانستان لتكون قاعدة لطالبان من اجل تسهيل العلاقات مع الروس.
الموقف الروسي
لايرغب الروس اساسا في تواجد ارهابيي طالبان وداعش وغيرهم بالقرب من حدود آسيا الوسطى لكن الروس لايريدون نجاح المفاوضات التي بداتها امريكا مع طالبان بمشاركة باكستان والصين والحكومة الافغانية ولذلك يريد الروس رسم دور مستقل لانفسهم ومن اجل هذا بادروا بالاتصال مباشرة بطالبان.
ان الروس يتبادلون الان المعلومات الاستخبارية مع طالبان من اجل مواجهة داعش وذلك بعدما شعر الروس بخطر محدق وهو وجود جماعتين ارهابيتين في القوقاز وهما امارة قوقاز "المرتبطة بالنصرة والتابعة للقاعدة"، و ولاية قوقاز الاسلامية "المرتبطة بداعش" وقد اعلنت الاستخبارات الروسية مؤخرا ان 2400 شخص من القوقاز قد التحقوا بصفوف داعش فيما هناك تقديرات اخرى تتحدث عن انضمام 5 آلاف الى 7 آلاف شخص من روسيا وآسيا الوسطى الى الجماعات الارهابية ومنها داعش.
وكلما ظهر عجز الغربيين والحكومة الافغانية في مواجهة الارهابيين في شمال افغانستان كلما ازداد احتمال شن الروس عمليات عسكرية ضد داعش وطالبان في شمال افغانستان ومن الممكن ان يلقى ذلك ترحيبا من قبل المواطنين الافغان في تلك المنطقة، وقد طلب الجنرال عبدالرشيد دوستم الذي يعتبر من قدماء المجاهدين الافغان من المسؤولين الروس ان يتعانوا مع المجاهدين الافغان في الحرب ضد طالبان.
واذا اقدمت امريكا على المصالحة مع طالبان فإن الفرصة ستكون سانحة لتدخل روسيا وباقي دول آسيا الوسطة وستصبح افغانستان مسرحا للنزاعات الدولية ومنها التنافس الروسي الامريكي.
ويسعى الروس الان الى اقناع الحكومة الافغانية بالسماح لهم لتوسيع دائرتهم الامنية حتى مناطق شاسعة من شمال افغانستان وكذلك ايجاد نوع من التعاون العسكري بين موسكو وكابول لمنع انتشار الارهاب وتعرض امن دول آسيا الوسطى للخطر، واذا اقدم الروس على اعطاء امتيازات لطالبان من اجل عرقلة مفاوضات السلام التي يجريها الامريكيون مع طالبان فإن اوضاع الحكومة الافغانية ستسوء.
ان الاحداث التي جرت في المنطقة منذ سقوط نظام "القذافي" حتى اندلاع الاضطرابات في سوريا لم تكن مقبولة لدى الروس ومن اجل ذلك اقدم "فلاديمير بوتين" على اتخاذ اجراءات سياسية وعسكرية جدية وقاد تدخلا روسيا مؤثرا في الحرب السورية غير موازين القوى لصالح روسيا وحكومة "بشار الاسد" ومن المؤكد بأن مجريات الامور والتنافس الموجود في سوريا سيكون له تأثير على القضية الافغانية وحتى يمكن القول ان الروس ومن اجل الضغط على امريكا في سوريا سيتدخلون في افغانستان ويمكن ان يدعموا طالبان بشتى انواع الدعم.
لكن تبعات التدخل الروسي المحتمل في الحرب الافغانية بسبب العداء الروسي الشديد لامريكا والناتو وحلفائهم العرب ستكون ثقيلة بالنسبة للشعب الافغاني المسلم ودول الجوار والمنطقة وستكون الاوضاع معقدة ومكلفة للغاية.
ان الغارات الجوية الروسية في المنطقة وتشكيل احلاف جديدة زاد من احتمال وجود محور جديد معادي لامريكا في المنطقة وان ما يقوم به هذا المحور في المنطقة وتوسعه عبر التحركات الروسية في التنسيق مع طاجيكستان وكذلك الدعم الصيني والهندي لهذا المحور يظهر ان افغانستان ستكون في المرحلة القادمة محل تنافس بين المحورين الامريكي والروسي.
ولم تتوضح بعد ملامح الخطوات الروسية القادمة في افغانستان ونوعية عملية السلام التي يريد الروس تنفيذها في هذا البلد وبمساعدة من وتبعات ذلك على الافغانيين، لكن من الواضح ان الهدف الرئيس للروس هو ممارسة الضغط على الدول الغربية وعلى رأسها امريكا وعرقلة مشاريع هؤلاء المستقبلية في افغانستان.