الوقت – شهدت المنطقة حدثين بارزين خلال الايام الماضية الاول هو اعلان السعودية تراجعها عن وعد تقديم مساعدات عسكرية للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار والثاني هو الاتفاق الروسي الامريكي على وقف اطلاق النار في سوريا، وحول هذين الحدثين اجرى موقع الوقت التحليلي الاخباري مقابلة مع الخبير الايراني في شؤون المنطقة هادي محمدي واليكم نص هذا الحوار:
الوقت: لقد تراجعت السعودية عن وعدها بتقديم دعم للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار ومن ثم قامت وسائل الاعلام التي تدور في الفلك السعودي بشن حملة دعائية ضد لبنان، برأيكم لماذا تسعى السعودية للضغط على لبنان؟
محمدي: ان مجريات الامور في لبنان ليست بمنأى عن مجريات المنطقة خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار ان السعودية لاعب تاريخي في لبنان وتشتري ذمم بعض السياسيين اللبنانيين للتأثير على سياسات لبنان، ان السعودية التي لعبت دوما دورا هاما في لبنان تجد نفسها خاسرة في قضية انتخاب رئيس لبنان وهذا يضاف الى الهزائم السعودية في اكثر من ملف في المنطقة ولذلك نجد الان وجود سياسة هجومية سعودية تجاه لبنان والذريعة هي "لماذا لم تتبع الحكومة اللبنانية السياسات السعودية المعادية لايران كما يجب؟"
ان السعودية اوقفت دعمها المعلن للجيش اللبناني ومن ثم تريد سحب ودائعها المصرفية من لبنان كما انها تنوي طرد الجالية اللبنانية من السعودية لمعاقبة الحكومة اللبنانية وان في هذا النهج السعودي عبرة لباقي دول المنطقة التي تسعى السعودية الى استغلالها فقط.
وقد قيل ان السعودية ستبعث بدلا عن لبنان مبلغاً قدره 5 مليارت دولار الى السودان لكي ترسل مزيدا من المرتزقة الى اليمن، ان السعودية اثبتت انها لا تتحمل الرأي المعارض واستقلال الدول العربية في سياساتها وانها تسعى الى ايجاد محور تكتل عربي في مواجهة ايران والشيعة.
وهكذا يمكن القول ان الخطوات السعودية تجاه لبنان هي جزء من المشروع السعودي الكبير للضغط على ايران ولذلك تسعى السعودية لوضع العالم العربي في مواجهة ايران لكي تزيد تكاليف ايران وتكاليف القوى الحليفة معها او تكاليف الدول المستقلة في هذه المواجهة.
الوقت: لنبتعد عن الموضوع اللبناني قليلا ونتناول الشأن السوري، كيف تقيمون وقف اطلاق النار الذي اعلنته امريكا وروسيا في سوريا من اجل وقف الاشتباكات؟
محمدي: ان الجماعات المسلحة وحماتهم هم بأشد الحاجة لوقف اطلاق النار في سوريا كما ان ايران وروسيا وسوريا ايضا يصرون على وقف اطلاق نار تكون تفاصيله واضحة، ومن هذه التفاصيل قائمة الجماعات الارهابية واماكن انتشارها لكن الطرف المقابل يرى أن هذه الخطة تتعارض مع مصالحه لانه يريد الاحتفاظ بالجماعات المسلحة وقوتها ولذلك نجد ان الامريكيين يتحدثون من جهة عن ضرورة وقف اطلاق النار ومن جهة اخرى يتحدثون عن خطة بديلة في سوريا في اشارة منهم الى التدخل العسكري واطالة عمر الازمة.
ان تصريحات الامريكيين تدل على ان هؤلاء لايعتبرون البيان الروسي الامريكي المشترك حول وقف اطلاق النار في سوريا مفيدا من اجل مشروعهم لقلب نظام الحكم في سوريا، ان الامريكيين كانوا يريدون جلب الامن للارهابيين في سوريا لفترة محددة لكي يتم تزويد هذه الجماعات بالسلاح مجددا وتترتب اوضاعهم حتى يستفيد منهم الامريكيون كادوات ضغط لتحقيق مصالح سياسية، لكن بقاء داعش والنصرة في قائمة الارهابيين واستثنائهم عن وقف اطلاق النار قد خفض الرغبة الامريكية في وقف اطلاق النار.
ان الامريكيين يتحدثون الان عن قصر فترة وقف اطلاق النار ويلوحون بخطة بديلة هي التدخل العسكري في سوريا كما ان تركيا قد نأت بنفسها عن وقف اطلاق النار والحلف السعودي ايضا يضع الشروط وقد راينا كيف اعلنت الامارات ان مقدمة قتال داعش هي القضاء على حزب الله والحشد الشعبي.
لقد قامت تركيا خلال الاسبوعين الماضيين بجمع كافة ارهابيي شمال سوريا في اسطنبول تحت اسم غرفة عمليات حلب لكي تبلغهم بكيفية التنسيق فيما بينهم في فترة وقف اطلاق النار، وقد بدأ التنسيق بين جبهة النصرة وباقي ارهابيي غرفة عمليات حلب وخاصة الجيش الحر في ادلب وجسر الشغور لكي يتبادلوا مراكزهم ومكاتبهم ومناطق انتشارهم حتى يكونوا في مأمن من الغارات الروسية واذا شنت روسيا غارات فسيتهمونها بخرق وقف اطلاق النار وهذا يعني ان هؤلاء وبموازاة ارسال الاسلحة للارهابيين وتعزيز قدراتهم يخططون لاتهام روسيا وحلفاء سوريا بخرق وقف اطلاق النار لكي تواجه المبادرة الروسية الفشل وتتهيأ الظروف لتواجدهم العسكري مرة أخرى في شمال سوريا وانهم سيستغلون هذا التواجد في المفاوضات القادمة لتكون لهم اليد العليا فيها. ان هذا التحايل هو من اجل اجتياز هذه المرحلة وادارة المتغيرات لكي يرسم هؤلاء الاوضاع الميدانية والتطورات السياسية حسب اهوائهم.