الوقت – شهدت العاصمة التركية أنقرة انفجارا كبيرا ليلة الاربعاء الماضي بالقرب من مبنى هيئة الاركان العامة للجيش التركي قتل فيه 28 شخصا جلهم من العسكريين وجرح 61 آخرون، وقد وجهت الحكومة التركية مباشرة اصابع الاتهام الى حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في سوريا وجناحه العسكري أي "وحدات حماية الشعب الكردية" رغم نفي هذين الحزبين الكرديين ضلوعهما في التفجير.
ورغم قيام رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو بكيل الاتهامات بسرعة للاكراد يعتقد الخبراء السياسيون انه من المستبعد ان يقوم الاكراد بتنفيذ مثل هذه العملية لأن حزب العمال الكردستاني منشغل بالرد على هجمات الجيش التركي في مناطق تواجده وانه لايرد على هذه الهجمات الآن خارج نطاق تواجده كما ان اكراد سوريا الذين يحققون الان انتصارات في حلب بدعم جوي امريكي لايقدمون على مثل هذا الفعل حتى لايعرضوا انفسهم للهجمات التركية.
وهناك جمماعة اخرى يمكن ان تكون ضالعة في تفجير انقرة وهي تنظيم داعش الارهابي لكن هذا التنظيم لم يعلن مسؤوليته عن هذا الهجوم حتى الان خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار ان طبيعة هجمات داعش هي ارتكاب الجرائم والقتل دون الاكتراث لكون الضحايا من المدنيين او العسكريين.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل يمكن الربط بين تفجير انقرة وبين سياسات تركيا أو الاستغلال السياسي للتفجير وذلك نظرا الى الاوضاع الداخلية التركية والاوضاع الملمة بتركيا؟ وهل يمكن ان يساعد هذا التفجير في تنفيذ بعض السياسات الداخلية والاقليمية للحكومة التركية؟
لقد وقع تفجير أنقرة في وقت تشهد تركيا مواجهات مندلعة بين الجيش وسكان المدن الكردية في جنوبي تركيا واذا نظرنا الى الاوضاع الاقليمية نجد ان الجيش السوري يحقق الان انتصارات لافتة بدعم واسناد جوي روسي في حلب ولم يفصله عن الحدود التركية سوى 15 كيلومتر فقط.
ومن جانب آخر تتقدم القوات الكردية في سوريا بدعم جوي امريكي ورغم انف الاتراك في حلب والضفة الشرقية لنهر الفرات واستطاعت هذه القوات الربط بين منطقتي كوباني وعفرين وهذا ما اغضب الاتراك فقام الجيش التركي بقصف هذه المناطق بالمدفعية.
ويعتقد الخبراء الان ان تركيا التي تتهم الاكراد بتفجير أنقرة تريد تحقيق هدفين من وراء هذه الاتهامات، الاول هو قمع اكراد تركيا في الداخل والثاني استمرار قصف الاراضي السورية لمنع دخول اكراد سوريا الى اعزاز.
وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا قد استغل قبل 4 أشهر من الان وتحديدا في 10 اكتوبر 2015 انفجارين مماثلين وقعا في محل تجمع متظاهرين مناهضين لحكومة اردوغان في أنقرة قتل فيهما 95 شخصا لرفع رصيده الانتخابي، بعد ان كان هذا الحزب قد فشل في كسب الاكثرية المطلقة المطلوبة لتشكيل الحكومة في الانتخابات البرلمانية حيث كانت معظم الاستطلاعات تشير ان حزب اردوغان المجبر على تشكيل حكومة ائتلافية يعاني من تراجع في شعبيته لكن هذان التفجيران وحدوث موجة من القلق في اوساط الشعب التركي ساعد حزب اردوغان على ركوب الموجة وحصد اكثرية مقاعد البرلمان في الانتخابات المبكرة.
ويعتقد الخبراء الان ان الحكومة التركية التي تواجه معارضة دولية بسبب قصفها للمناطق الحدودية في سوريا تريد استغلال تفجير انقرة لتبرير اعتداءاتها العسكرية في سوريا وربما توسيع دائرة تدخلها العسكري المباشر في سوريا خلال الفترة المقبلة.