الوقت- لاشك في أن لو لا الدعم الامريكي للديكتاتوريات في المنطقة لم تبق هذه الديكتاتوريات متسلطة كل هذا الوقت علی رقاب الشعوب التي تحكمها، بل لانهارت هذه الانظمة الفاسدة ولتخلصت الشعوب منها منذ أمد بعيد. النظام البحريني الطاغوتي الذي افسد كثيرا في البلاد خاصة خلال مايقارب الاربع اعوام الاخيرة، حصل علی جميع الدعم الاعلامي والسياسي وغير ذلك من واشنطن للاستمرار بحكمه الجائر ضد الشعب البحريني المظلوم. حيث تغض واشنطن بصرها علی جميع الجرائم التي يرتكبها هذا النظام ضد شعبه بدء من ملئ السجون بالابرياء مرورا بمنع الحريات العامة مثل الانشطة السياسية للاحزاب حتی وصولا بقتل المتظاهرين بالرصاص الحي.
ونری في هذا السياق الموقف المضحك من قبل واشنطن في مايخص تعاملها تجاه الانتخابات الصورية التي اجراها النظام البحريني الاخيرة في البلاد، حيث تسارع امريكا وعلی لسان «جين ساكي» المتحدثة باسم خارجيتها بتبريك هذه المهزلة الانتخابية معتبرة اياها بانها فرصة مهمة لتحقيق مطالب الشعب الشرعية!. انه لامر عجيب حقا ان تعتبر واشنطن هذه الانتخابات مهمة لتحقيق طموحات الشعب في حال معظم الشعب قد قاطع هذه الانتخابات ولم يشارك فيها بتاتا، حيث اختصرت المشاركة القليلة و الخجولة في هذه الانتخابات علی المستفيدين من نهب ثروات البلاد فقط. كيف يمكن ان نصف هذه الوقاحة من قبل واشنطن في دعمها لنظام ديكتاتوري لا يشك احد في ظلمه وجوره لشعبه ليس فقط علی يد قواته الامنية بل عبر سماحه لقوات اجنبية عسكرية باحتلال البلاد للمشاركة في ذبح وقتل الشعب البحريني البريء؟.
ويصبح هذا الموقف اكثر مضحكا من قبل واشنطن عندما نعرف ان المشاركة في الانتخابات لا تزيد في ابعد تقدير علی الـ 30% وفق ما اعلنته جمعية الوفاق الاسلامية البحرينية المعارضة، والتي قالت ان نسبة المشارکة في الانتخابات لكانت لم تصل حتی الی نسبة الـ 30% في حال لم يجبر النظام القوات الامنية والعسكرية علی المشاركة في هذه الانتخابات كرها واجبارا. إذا لا نعرف كيف يمكن أن تكون هذه الانتخابات البحرينية قاعدة لانطلاق البلد نحو المصالحة الوطنية وحل الازمات عند ما يكون اكثر من 70% من الشعب البحريني رفضها رفضا قاطعا ولم يشارك فيها نهائيا!!.
نحن تعودنا علی هذه المواقف المزدوجة الامريكية في مايخص تعاملها مع الانتخابات، فعلی سبيل المثال عند ما تشارك عشرات الملايين في الانتخابات الايرانية وتجری الانتخابات بكل شفافية، سرعان مانری انطلاق التشكيكات من قبل امريكا تجاه هذه الانتخابات واتهام ايران بانها لم تراع القوانين المعترف فيها دوليا في مايخص اجراء الانتخابات!. وكذلك الانتخابات السورية التي جرت في الآونة الاخيرة هي شاهد آخر علی هذه السياسة الامريكية حيث اتهمت واشنطن دمشق بانها لم تطبق معايير الديمقراطية خلال هذه الانتخابات و لم نر ان واشنطن قد اعتبرت هذه الانتخابات بانها من الممكن ان تكون محطة لانهاء الازمة السورية. إذا من الواضح جدا انه ليست الانتخابات الديمقراطية او الصورية هي المهم بالنسبة لامريكا بل الشيء المهم لواشنطن هو ان ايا من هذه الانتخابات تحقق مطامعها في المنطقة، حيث انها ستكون انتخابات ديمقراطية وفقا للعرف الامريكي وقاموسه السياسي.
لكن وبعيدا عن هذه التصرفات الانتهازية الامريكية إزاء الانتخابات البحرينية فان مثل هذه الانتخابات لايمكن ان تحل الازمة في البحرين وستضل مقاومة الشعب البحريني ضد الديكتاتورية مستمرة دون ان تتوقف. الشعب البحريني يبحث عن ابسط حقوقه وهو لازال محروم منها، حيث ان هذا الشعب يطالب بان يكون لكل انسان رأي واحد حتی يتم تقرير مصير البلاد عبر انتخابات حرة ونزيهة لكن لم توافق السلطات علی ذلك والانتخابات التي جرت اخيرا يقول البعض عنها بانها كانت شهدت مشاركة الكثير من الاجانب فيها الذين حصلوا علی الجنسية البحرينية؛ لغرض تغيير التركيبة السكانية في البلاد لصالح اهداف النظام.
وسرعان ما سيشهد العالم اتساع نطاق الازمة في البحرين بسبب استمرار النضال الشعبي لنيل حقوقه من النظام الجاثم علی صدره، وهذا بالطبع سيكون بمعنی أن الانتخابات لم تكن تحظی بالمشاركة الشعبية الكبيرة. وعندها سيعرف النظام البحريني ان خططه التضليلية قد انكشفت ولم يعد باستطاعته الاختفاء ورائها للاستمرار في الحكم. كما انه علی النظام البحريني قبل ان تنفجر الاوضاع بشكل وشيك، ان ينهي المهازل ويفتح المجال الی الجموع الغفيرة من الشعب لتشارك في رسم مصير البلاد، لان هذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن ان يخرج البلاد من الاوضاع المأساوية التي يعاني منها. كما علی واشنطن ان تترك معايرها الازدواجية حيال البحرين حتی يتمكن الشعب من الاعلان عن مواقفه وان يشارك في انتخابات حرة وشفافه لانتخاب الافراد الذين يؤمن بهم.
واخيرا فان علی اسرة آل خليفة ان تفهم جيدا ان تاريخها قد انتهی منذ زمن بعيد ولم تعد تصلح لحكم البلاد عبر ممارسة القمع والقتل والمجازر، وان الشعب البحريني الیوم هو ليس كما كان في السابق حيث اصبحت له قوی تطالب بحقوقه ودول في المنطقة تدعم مطالبه الشرعية.