الوقت – بعد مرور أكثر من 100 يوم على إندلاعها أفرزت الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة التي تعرف أيضاً بإنتفاضة القدس تداعيات كثيرة يمكن الإشارة إلى أهمها على النحو التالي:
1 – إستشهاد أكثر من 150 فلسطيني بينهم 30 طفلاً وإمرأة، فيما أصيب نحو 16 ألف آخرين، العشرات منهم في حالة خطرة.
2 – مقتل 27 جندياً ومستوطناً إسرائيلياً وإصابة 385 آخرين، حالة بعضهم وخيمة.
3 – شكّلت الإنتفاضة صدمة شديدة لقادة الكيان الإسرائيلي السياسيين والعسكريين، لأنهم لم يكونوا يتوقعون أن تندلع هذه الإنتفاضة وتشتد خلال فترة تعد قياسية في حسابات هذا الكيان.
4 – يعتقد المراقبون السياسيون والعسكريون إن الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة لا يمكن تطويق تداعياتها المتسارعة رغم الإجراءات العنيفة التي إتخذها المسؤولون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين، والتي أسفرت عن إستشهاد وجرح وإعتقال الكثير منهم، كما أسلفنا.
5 – تركزت الإنتفاضة في القدس المحتلة رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي إتخذتها سلطات الإحتلال، وكذلك في الضفة الغربية رغم إجراءات الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية بقيادة "محمود عباس".
6 – مثّلت الإنتفاضة بحسب المراقبين ردّة فعل قوية على خيبة الأمل التي أصيب بها الفلسطينيون جراء تخاذل بعض حكومات المنطقة عن دعم قضيتهم وإنشغال دول أخرى بمشاكلها ونزاعاتها الداخلية أو بتصديها للجماعات الارهابية.
7 – إندلعت الإنتفاضة الفلسطينية الحالية بعد فشل جميع محاولات إحياء مفاوضات التسوية بين الكيان الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية برعاية الإدارة الأمريكية.
8 – إختلال سيطرة السلطة الفلسطينية على الأوضاع في الضفة الغربية بسبب تراجع شعبيتها في صفوف الفلسطينيين الذين يتهمونها بالتواطؤ مع سلطات الإحتلال لقمع إنتفاضتهم خدمةً لمصلحة الأخيرة.
9 – الشعور المستمر بالخوف من قبل القوات الأمنية والمستوطنين الإسرائيليين جراء إزدياد حالات الطعن بالسكاكين والدهس التي ينفذها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة.
10 – تعمق الخلافات في صفوف قادة الكيان الإسرائيلي بسبب تخبطهم في إتخاذ القرارات العسكرية والأمنية لمواجهة الإنتفاضة الفلسطينية.
11 – إضطرار السلطات الإسرائيلية لتغيير خططها العسكرية والأمنية باستمرار لمواجهة الإنتفاضة الفلسطينية المتصاعدة في الأراضي المحتلة.
12 – إضطرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الأيام الأولى للإنتفاضة وفي أعقاب الإحتجاجات الشعبیة إلى التنازل عن خططه لتهويد الأماكن المقدسة ومن بينها قراره القاضي بالتقسیم الزماني للمسجد الأقصى بين المسلمين واليهود.
13 – خشية المستوطنين في المستوطنات البعيدة عن أماكن الفلسطينيين من إنتقال الإنتفاضة إلى مستوطانتهم لشعورهم بأن وجودهم لا يستند إلى أيّ شرعية قانونية كونهم غاصبين للأرض الفلسطينية وليسوا من سكانها الأصليين.
14 – إنتشار المظاهر المسلحة في صفوف المستوطنين لخشيتهم من العمليات الإستشهادية التي ينفذها الفلسطينيون ضد القوات الأمنية الإسرائيلية القريبة من المستوطنات داخل الأراضي المحتلة.
15 – فقدان الأمل لدى المستوطنين بإمكانية بقائهم في فلسطين المحتلة بعد شعور الكثير منهم بأن حياته باتت مهددة بالخطر نتيجة الصدامات المستمرة بين الفلسطينيين والقوات الأمنية الإسرائيلية قرب المستوطنات.
16 – عجز القوات الإسرائيلية عن ملاحقة الفدائيين الفلسطينيين، كما حصل مؤخراً حينما تمكن عدد من الشبّان الفلسطينيين من قتل أربعة إسرائيليين في عملية نوعية في تل أبيب، مما زاد من خشية وقلق سلطات الإحتلال من تكرار مثل هذه العمليات في المستقبل.
17 – ساهمت الإنتفاضة في تعزيز التلاحم بين الفصائل الفلسطينية المقاومة والمدعومة من قبل الشعب الفلسطيني لاسيّما حركة حماس والجهاد الاسلامي، وظهر ذلك جلياً من خلال مواقف وتصريحات مسؤولي الحركتين في الشهور الثلاثة الأخيرة.
18 - أوصلت الإنتفاضة الثالثة بناء المستوطنات في الضفة الغربية إلی طریق مسدود بشکل جاد، وبدلاً من أن تتحول هذه المنطقة التي كانت الأكثر أمناً أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، إلی مکان لاجتماع عملاء الصهاينة، إضطر هؤلاء للفرار من هذه المنطقة بفعل الإنتفاضة.
19 - مقارنةً مع الإنتفاضتين الأولى والثانية شهدت الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة مزیداً من الإشتباكات وتزایداً في العمليات العسكرية والمواجهات بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية وفقاً للإحصاءات الرسمية للجانبين.
هذه التداعيات وغيرها تدلل بوضوح على مدى العمق الإستراتيجي الذي تتمتع به الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة وسمو الأهداف التي يسعى المنتفضون لتحقيقها وفي مقدمتها تحرير الأرض المغتصبة من براثن الإحتلال الإسرائيلي وعودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم وتشكيل الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف.
أخيراً ينبغي التأكيد على أن إنتفاضة القدس أظهرت للعدو قبل الصديق أن الفلسطينيين توصلوا إلى إستنتاج هام مفاده أن السبيل الوحيد لاستعادة حقوقهم المشروعة والمغتصبة، هو التموضع في محور الإنتفاضة ودعم الفصائل المقاومة وعدم التعويل على محادثات التسوية الزائفة والمفرغة من أيّ محتوى يخدم القضية الفلسطينية وشعبها الممتحن.