الوقت - واخيرا وصل البرنامج النووي الإيراني الى محطته الاخيرة وذلك بعد دخوله حيز التنفيذ يوم أمس بعد بيان مشترك صدر من قبل وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني في فيينا. وبينما رحبت معظم عواصم العالم، بتوصل إيران والمجموعة السداسية لإتفاق ينهي العقوبات المفروضة على إيران، بقيت السعودية والى جانبها الكيان الإسرائيلي لوحدهما الممتعضين من توقيع هذا الإتفاق. حيث واصل نتانياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي تشكيكاته حيال سلمية البرنامج النووي الإيراني، مدعيا من خلال إعلان رسمي أصدره مكتبه، أن طهران لازالت تسعى للحصول على السلاح النووي على حد زعم البيان!. وبالاضافة الى الكيان الإسرائيلي فان السعودية أيضا لم يرق لها توصل إيران ومجموعة 5+1 الى اتفاق ينهي الأزمة بينهما، حيث يمكن لمس ذلك بوضوح من خلال تصريحات المسؤولين السعوديين. إذن لماذا هذا الإمتعاض من قبل السعودية تجاه الإتفاق النووي؟ وکيف سيكون تأثير هذا الإتفاق على الوضع الداخلي الإيراني والشأن الاقليمي؟
في هذا السياق أكد البروفسور عبدالستار قاسم، استاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية الفلسطينية، خلال حوار خاص مع «الوقت» أن «الشعب الإيراني يحتاج الى استرخاء، هو محاصر وتحت الضغط منذ عام 1997 وبالتالي هو بحاجة الى نوع من الاسترخاء ليلتقط نفسه، هذا الاتفاق الذي حصل، يرفع العقوبات عن إيران وهذا سيساعد على رفع المدخول الإيراني والانتباه بشكل اكبر الى اوضاع الناس المعيشية واليومية وهذا سيعزز مكانة النظام الإيراني».
واضاف «الشيء الآخر هو ان إيران لم تدمّر أياً من منشآتها النووية، ومنشآتها باقية والصناعات العسكرية لم يمسها أحد فبالتالي الاتفاق نجاح سياسي وتقني كبير لإيران».
واستطرد قائلا، «وأما على صعيد المنطقة، فان إيران ستكون أكثر قدرة على دعم المقاومة سواء في لبنان او فلسطين بعد هذا الإتفاق. لقد لاحظنا أن الدعم الإيراني قد تقلص خلال السنوات الماضية بسبب ضيق الحال المالي في إيران. الآن الامور ستصبح أفضل للمقاومة بسبب الدعم الإيراني المتوقع لتتمكن من مواجهة الکيان الإسرائيلي».
واضاف قاسم: لكن من ناحية اخرى فان "إسرائيل" وبعض الدول العربية مستاءة من الإتفاق النووي لانه يمكّن إيران من تعزيز امكانياتها المالية والإقتصادية والعسكرية. وربما يؤدي هذا الإتفاق الى رفع منسوب التنسيق بين السعودية و"إسرائيل" في المجال العسكري والامني فيما بينهما لمواجهة إيران المستقبلية وهذا يتطلب من إيران مزيداً من الإستعداد العسكري لكي تكون قادرة على مواجهة أي عدوان سعودي إسرائيلي محتمل ضدها في المستقبل.
واشار البروفسور قاسم خلال حديثه مع الوقت أنه، «من ناحية اخرى فعلى إيران أن تكون منتبهة لان التهديد النووي تجاه إيران لا زال قائما. حيث أن أمريكا عدوة ايران تعتبر دولة نووية قوية، وبالاضافة الى ذلك فان باكستان أيضا دولة نووية جارة لإيران. حيث نسمع دائما باكستان تهدد بالرد على من يمس بالامن السعودي، طبعا إيران لا يوجد لها أطماع في السعودية، لكن المشكلة أن السعودية يمكن أن تعتدي على إيران، فتضطر إيران للرد وهذا ربما يؤدي الى رد باكستاني!. اي بمعنى آخر يبقى على إيران أن لا تغفل عن إمتلاك السلاح الذي يمكنها من الدفاع عن نفسها في ظل مثل هذه التهديدات التي تواجهها مستقبلا».
وفي رده على سوال آخر حول أن بعد ما آمنت الدول الغربية بارجحية المفاوضات مع إيران لحل خلافاتها معها سلميا، لماذا تصر السعودية على توتير الأجواء في المنطقة ضد إيران؟، قال قاسم: اي نجاح في المنطقة العربية الإسلامية، تعتبره الانظمة العربية القبلية، إعتداءً عليها، لماذا؟، لان إيران نجحت وأصبحت دولة ذات قيمة كبيرة في الساحة الدولية ومثمرة في الساحة العالمية. هذا سيؤثر على الرأي العام العربي، وهذا النجاح سيولد غيرة لدى الرأي العام العربي، وسيصبح هذا الرأي العام العربي أكثر انزعاجا من الانظمة الفاشلة التي تقوده منذ سنوات طويلة، فلهذا من المتوقع ان هذه الانظمة ستواجه النقمة العربية الشعبية، ومن بينها النظام السعودي. اذن الانظمة على شاكلة السعودية تعتبر اي نجاح لإيران، بمثابة تهديد لوجودها.
واضاف قاسم في نهاية حديثه مع الوقت: ولهذا فان هذه الانظمة الاستبدادية المتعفنة لا تقبل ولا ترضى بوجود ناجحين في المنطقة، إنما تريد الكل يكون فاشلا كما هي الحال بالنسبة اليها. لكن على إيران أن تبقى صامدة وقوية وتستمر بتطوير قدراتها العلمية والتقنية لكي تصبح عاملا كبيرا ومؤثرا في الساحة الدولية.