الوقت- تدارست العائلة الخليفية الحاكمة في البحرين، معمقا، التجربة الإسرائيلية في اضطهاد وإبادة الفلسطينيين، وتحاول حكومة المنامة جاهدة تطبيق "النموذج الاسرئيلي”، ضد المواطنين الأصليين في البحرين.
يعتقد آل خليفة أن الصهاينة الغزاة تمكنوا عبر سلسة طويلة من الإجراءات العسكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية والتربوية من اجهاض حلم الدولة على كامل أرض فلسطين التاريخية، فيما الحلم بدولة على الأراضي المحتلة في 1967، فدونه الكثير من العراقيل والعقبات.
المستوطنون
إحدى النقاط التي تثير انتباه آل خليفة، هو تمكن الإسرائيليين من تحويل الفلسطينيين إلى أقلية سكانية في بلدهم، عبر عمليات الهجرة والتهجير (وأمور لا حصر لها أخرى) على مدى عقود، ويبلغ عدد السكان العرب في إسرائيل (أو ما يعرفون بعرب 48) نحو 1.6 مليون نسمة، أي نحول نحو 20% من سكان الكيان الإسرائيلي البالغ عددهم نحو 8 ملايين.
في البحرين، وبحسب تقديرات 2006، يبلغ عدد الشيعة نحو 381 ألفا، أما السنة فيقدرون بنحو 204 ألفا (لا يعر ف إن كان من بينهم مجنسين). هذه التقديرات يذكرها د. صلاح البندر المستشار السابق في الديوان الملكي، الذي طرد من البحرين في 2006.
ويعتقد البندر أن النظام الخليفي قد يتمكن من تحويل الشيعة إلى أقلية في العام 2018، ولا أدري عن السبب الذي يجعل المعارضة تشكك في ذلك! أو لا تستثمره، باعتبار البندر شاهد عيان على الجرائم التي يمارسها الحكم ضد المواطنين ومؤسساتهم ومعتقداتهم في البحرين.
بالنسبة لي، شخص البندر لا يعنيني، وإنما موقعه ومنصبه السابق، ويهمني أكثر المعلومات والتحليلات التي يقدمها، والتي قد تكون مفيدة في تسعير الحملة ضد نظام مازال قادرا على النجاة بأفعاله. وإذا افترضنا أن مستشار الملك نبيل الحمر، مثلا، انقلب ضد الحكم، غدا، وعرض معلومات داخلية وحساسة، فلا أظن أن من الحكمة تجاهلها، على اعتبار أن الحمر كان يوما مع النظام! من دون أن يعني ذلك تبني كل طروحات البندر، وإنما ذلك الجزء الذي كشف أو يكشف فيه أمرا خافيا، أو تحليلا مبنيا على معلومات مستقاة من مصادرها.
حاليا، تقدر المعارضة أن نحو 100 ألف شخص قد تم تجنيسهم، ولا نعلم إن كان الرقم المذكور يتضمن أبناء المجنس وزوجته أو زواجته. كما تقدر المعارضة أن المجنسين يمثلون نحو 40% من الكتلة الانتخابية لعام 2014، وبالتالي قد تكون تقديرات البندر في محلها لجهة تحويل الشيعة إلى أقلية في غضون السنوات الأربع الماضية.
المستوطنات
البعد الآخر في النموذج الإسرئيلي المطبق في البحرين يتعلق بالمستوطنات. وليس بين يدي حاليا كتاب قديم لباحث الاجتماع البحريني د. باقر النجار يشير فيه إلى استيراتيجية حصار القرى بتجمعات سكانية جديدة، يحيل القرية الأصلية معزولة ومهمشة، ويبرز ذلك بنموذج رسم توضيحي.
وقد كشف د. صلاح البندر إلى أن المخطط الهيكلي الذي نفذته شركة «سكدمور أوينغز أند ميريل» الأميركية يستهدف خلق مناطق معزولة للمواطنين الشيعة، على غرار المناطق الفلسطينية، التي تحاصرها الجدران والطرق الالتفافية.
الشركة المذكورة كانت وضعت المخطط لمطار بن غوريون الإسرائيلي، وقد اتفقت معها حكومة المنامة، في 2005، (قبل عام من طرد البندر)، على إعداد "مخطط هيكلي استراتيجي للبحرين للعشرين سنة المقبلة”.
ولا تتوافر معلومات غنية عن المخطط، ولا عن شكل البحرين المراد الوصول إليها في 2025 أو 2030، ويعتقد البندر أن المخطط سري في الديوان الملكي، لأنه يرسي خططا خبيثة لاجراء تغييرات جوهرية في حالة البحرين الديمغرافية، وذلك مرتبط على نحو وثيق بالتخطيط طويل الأمد لمآل الجزيرة الصغيرة.
لا أد تبني كل طروحات البندر، لكنّ حُسن الظن في النظام ما عاد ممكنا، بعد إعلانه الحرب الشاملة على المواطنين، والشواهد لا حصر لها على ألوان الحصار للمواطن ومؤسساته الدينية والسياسية والاقتصادية والتعليمية.
كما لا أعرف إن كان المخطط المذكور، يتضمن الإعلاء من شأن المنطقة الجنوبية، وزيادة رقعتها وعدد سكانها، وتحويلها محل جذب استثماري، فيما يظل شارع البديع، مثل الأنبوب الضيق الذي يخنق الأغلبية السكانية في البلاد، كما تظل جزيرة سترة متخلفة خدماتيا، ومنكوبة على مختلف الصعد.
المعنويات
جانب آخر يسعى إليه النظام الخليفي، مستثمرا التجربة الإسرائيلية، وهو زرع وترسيخ دونية المواطن "البحراني = الشيعي”، مما يؤدي إلى جعل استهدافهم مثل "شرب الماء”، فيما هم عليهم القبول كونهممواطنين من الدرجة الثانية.
باحث الاجتماع البحريني المقيم في السويد د. عبدالهادي خلف يعتقد أن الغزو الخليفي للبحرين منذ أزيد من 230 عاما أدى إلى تبلور ثقافة "الغازي = آل خليفة”، حيث تعتبر العائلة الحاكمة نفسها مالكة للأرض وما عليها وما تحتها.
كما أدى الغزو الخليفي إلى تبلور ثقافة "المغزي”، أي المنهزم = البحراني، والذي عليه القبول بأن يكون خادما مطيعا لدى الغازي.
ولذا، أظن أن من بين التحديات التي تواجه الشيعة في البحرين هو عدم ثقتهم في ذواتهم، وقلة تقديرهم لأنفسهم، ومكانتهم، وعدم الإحاطة بأهميتهم في البلاد، وذلك ما يجعلهم يشعرون في حالات كثيرة بأنهم عزّل، مساكين، فقراء، مهمشين، مستضعفين، وبلا أوراق تفاوضية، ولا أحد يقف إلى جانبهم، وتلك نظرة قاصرة تماما، تماما.
إن النموذج الإسرائيلي يزحف على البحرين، ويكاد يحقق بعض أهدافه، فيما يتوجب على مواطني البلاد، ألا يعيدوا تجربة الفلسطينيين، وأن يبادورا للعمل داخليا وخارجيا، وعلى كل الجبهات، وأولى أوراقهم الرابحة أنهم أصل البلاد وفخرها وعزها، وأنهم قادرون على الإنجاز: أنا ابن البحرين أنا أستطيع.
يعتقد آل خليفة أن الصهاينة الغزاة تمكنوا عبر سلسة طويلة من الإجراءات العسكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية والتربوية من اجهاض حلم الدولة على كامل أرض فلسطين التاريخية، فيما الحلم بدولة على الأراضي المحتلة في 1967، فدونه الكثير من العراقيل والعقبات.
المستوطنون
إحدى النقاط التي تثير انتباه آل خليفة، هو تمكن الإسرائيليين من تحويل الفلسطينيين إلى أقلية سكانية في بلدهم، عبر عمليات الهجرة والتهجير (وأمور لا حصر لها أخرى) على مدى عقود، ويبلغ عدد السكان العرب في إسرائيل (أو ما يعرفون بعرب 48) نحو 1.6 مليون نسمة، أي نحول نحو 20% من سكان الكيان الإسرائيلي البالغ عددهم نحو 8 ملايين.
في البحرين، وبحسب تقديرات 2006، يبلغ عدد الشيعة نحو 381 ألفا، أما السنة فيقدرون بنحو 204 ألفا (لا يعر ف إن كان من بينهم مجنسين). هذه التقديرات يذكرها د. صلاح البندر المستشار السابق في الديوان الملكي، الذي طرد من البحرين في 2006.
ويعتقد البندر أن النظام الخليفي قد يتمكن من تحويل الشيعة إلى أقلية في العام 2018، ولا أدري عن السبب الذي يجعل المعارضة تشكك في ذلك! أو لا تستثمره، باعتبار البندر شاهد عيان على الجرائم التي يمارسها الحكم ضد المواطنين ومؤسساتهم ومعتقداتهم في البحرين.
بالنسبة لي، شخص البندر لا يعنيني، وإنما موقعه ومنصبه السابق، ويهمني أكثر المعلومات والتحليلات التي يقدمها، والتي قد تكون مفيدة في تسعير الحملة ضد نظام مازال قادرا على النجاة بأفعاله. وإذا افترضنا أن مستشار الملك نبيل الحمر، مثلا، انقلب ضد الحكم، غدا، وعرض معلومات داخلية وحساسة، فلا أظن أن من الحكمة تجاهلها، على اعتبار أن الحمر كان يوما مع النظام! من دون أن يعني ذلك تبني كل طروحات البندر، وإنما ذلك الجزء الذي كشف أو يكشف فيه أمرا خافيا، أو تحليلا مبنيا على معلومات مستقاة من مصادرها.
حاليا، تقدر المعارضة أن نحو 100 ألف شخص قد تم تجنيسهم، ولا نعلم إن كان الرقم المذكور يتضمن أبناء المجنس وزوجته أو زواجته. كما تقدر المعارضة أن المجنسين يمثلون نحو 40% من الكتلة الانتخابية لعام 2014، وبالتالي قد تكون تقديرات البندر في محلها لجهة تحويل الشيعة إلى أقلية في غضون السنوات الأربع الماضية.
المستوطنات
البعد الآخر في النموذج الإسرئيلي المطبق في البحرين يتعلق بالمستوطنات. وليس بين يدي حاليا كتاب قديم لباحث الاجتماع البحريني د. باقر النجار يشير فيه إلى استيراتيجية حصار القرى بتجمعات سكانية جديدة، يحيل القرية الأصلية معزولة ومهمشة، ويبرز ذلك بنموذج رسم توضيحي.
وقد كشف د. صلاح البندر إلى أن المخطط الهيكلي الذي نفذته شركة «سكدمور أوينغز أند ميريل» الأميركية يستهدف خلق مناطق معزولة للمواطنين الشيعة، على غرار المناطق الفلسطينية، التي تحاصرها الجدران والطرق الالتفافية.
الشركة المذكورة كانت وضعت المخطط لمطار بن غوريون الإسرائيلي، وقد اتفقت معها حكومة المنامة، في 2005، (قبل عام من طرد البندر)، على إعداد "مخطط هيكلي استراتيجي للبحرين للعشرين سنة المقبلة”.
ولا تتوافر معلومات غنية عن المخطط، ولا عن شكل البحرين المراد الوصول إليها في 2025 أو 2030، ويعتقد البندر أن المخطط سري في الديوان الملكي، لأنه يرسي خططا خبيثة لاجراء تغييرات جوهرية في حالة البحرين الديمغرافية، وذلك مرتبط على نحو وثيق بالتخطيط طويل الأمد لمآل الجزيرة الصغيرة.
لا أد تبني كل طروحات البندر، لكنّ حُسن الظن في النظام ما عاد ممكنا، بعد إعلانه الحرب الشاملة على المواطنين، والشواهد لا حصر لها على ألوان الحصار للمواطن ومؤسساته الدينية والسياسية والاقتصادية والتعليمية.
كما لا أعرف إن كان المخطط المذكور، يتضمن الإعلاء من شأن المنطقة الجنوبية، وزيادة رقعتها وعدد سكانها، وتحويلها محل جذب استثماري، فيما يظل شارع البديع، مثل الأنبوب الضيق الذي يخنق الأغلبية السكانية في البلاد، كما تظل جزيرة سترة متخلفة خدماتيا، ومنكوبة على مختلف الصعد.
المعنويات
جانب آخر يسعى إليه النظام الخليفي، مستثمرا التجربة الإسرائيلية، وهو زرع وترسيخ دونية المواطن "البحراني = الشيعي”، مما يؤدي إلى جعل استهدافهم مثل "شرب الماء”، فيما هم عليهم القبول كونهممواطنين من الدرجة الثانية.
باحث الاجتماع البحريني المقيم في السويد د. عبدالهادي خلف يعتقد أن الغزو الخليفي للبحرين منذ أزيد من 230 عاما أدى إلى تبلور ثقافة "الغازي = آل خليفة”، حيث تعتبر العائلة الحاكمة نفسها مالكة للأرض وما عليها وما تحتها.
كما أدى الغزو الخليفي إلى تبلور ثقافة "المغزي”، أي المنهزم = البحراني، والذي عليه القبول بأن يكون خادما مطيعا لدى الغازي.
ولذا، أظن أن من بين التحديات التي تواجه الشيعة في البحرين هو عدم ثقتهم في ذواتهم، وقلة تقديرهم لأنفسهم، ومكانتهم، وعدم الإحاطة بأهميتهم في البلاد، وذلك ما يجعلهم يشعرون في حالات كثيرة بأنهم عزّل، مساكين، فقراء، مهمشين، مستضعفين، وبلا أوراق تفاوضية، ولا أحد يقف إلى جانبهم، وتلك نظرة قاصرة تماما، تماما.
إن النموذج الإسرائيلي يزحف على البحرين، ويكاد يحقق بعض أهدافه، فيما يتوجب على مواطني البلاد، ألا يعيدوا تجربة الفلسطينيين، وأن يبادورا للعمل داخليا وخارجيا، وعلى كل الجبهات، وأولى أوراقهم الرابحة أنهم أصل البلاد وفخرها وعزها، وأنهم قادرون على الإنجاز: أنا ابن البحرين أنا أستطيع.