الوقت- بالدهشة والذهول تتلقى واشنطن وحلفاؤها أنباء انضمام المعارضة السورية "المعتدلة"حسب وصفها، الى تنظيم "داعش الارهابي"، بما يرسم ظلال شك كبرى حول جدوى الرهان على بناء قوة معارضة مسلحة، تحتاج عاماً من التدريب والتسليح والتجهيز والتنظيم، وفي النهاية تعلن انضمامها الى "داعش".
ومع الانهماك الأميركي بلملمة الشظايا التابعة للمعارضة المعتدلة "أمريكيا"، صرّح قادة هذه المعارضة من ضمنها الجيش السوري الحر وجبهة ثوار سوريا، أنّ هجمات الائتلاف الدولي تقطع عليهم طريق المشاركة في الحرب، وأنهم يشعرون بضعف حيلتهم وحجتهم وتشظّي قواعدهم وجماعاتهم، داعين المجتمع الدولي الي وقف الضربات الجوية للتحالف ضد مواقع تنظيم “داعش ” الارهابي. هذه التصريحات للمعارضة المسلحة السورية ترافقت مع تزايد حدة الخلافات الداخلية بين كتائب المعارضة المسلحة حول الانضمام الی داعش والبيعة مع أبوبكر البغدادي.
مبايعات بالجملة:
واضح هو المشهد في سوريا، كوضوح الشمس، ففي أول فرصة تعلن الجماعات الارهابية المدعومة أمريكياً وخليجياً انضمامها الى تنظيم "داعش" الارهابي، فالتحاق أكثر من 300 مسلح من «لواء التوحيد» الإخواني الموالي لتركيا بتنظيم داعش في الرقة مقتدين بأثر أقرانهم من فصائل معارضة مسلحة تصنفها واشنطن بـ«المعتدلة» وتعول عليها في بناء جيش يملأ الفراغ بعد هزيمة التنظيم، لم يكن مستغرباً، بل جاء بعد أقل من يوم على التحاق القائد العام لما يدعى "جيش الشام"راشد طكو مع عدد كبير من مقاتليه بالتنظيم الإرهابي ومبايعته له في الرقة على خلفية النزاعات والاشتباكات التي دارت بينه وبين ألوية "صقور الشام"بقيادة أحمد عيسى الشيخ في ريف إدلب التي انفصل عنها ورفض تسليمها أسلحته الثقيلة.
"الجيش الحر" تنظيم أخر سطع نجمه في بداية الأزمة، وكان محط امال السعودية وأمريكا، فلم تتوانى هذه القوى عن دعمه عسكريا وماليا ولوجستياً ، تبايع اليوم أبرز قادته في دير الزور السورية تنظيم "داعش"، وأكدت مصادر متعددة أن قائد المجلس العسكري في ريف دير الزور التابع للعقيد منير المطر وقائد ألوية الفاروق غنام الكردي وأبو هارون والرائد أبو عبد الرحمن مسؤولي مستودعات الذخيرة قد بايعوا تنظيم داعش الارهابي.
اتحاد داعش والنصرة
اعلاميا الضربات الجوية للتحالف الدولي مهّدت لإنشاء اتحاد بين "داعش" و"النصره"، بهدف القضاء على ما تبقى من "المعارضة المعتدلة" أمريكيا، لذلك عقدت "جماعة خُراسان" في سوريا اجتماعاً سرياً أوائل الشهر الحالي في حلب، لدمج الجماعات الإسلامية المتشدّدة المقاتلة في سوريا في اتحاد سيعيد تشكيل، في حال تمّ، ساحة المعركة في سوريا المعقّدة أصلاً .سيكون لهذا الاتحاد تداعيات على الدول الغربية من حيث حشد المزيد من القوات المقاتلة ضدّ المصالح الغربية في المنطقة، وستقضي على ما تبقى من "المعارضة المعتدلة" التي تدعمها الولايات المتحدة وتخطّط لتدريبها.
وكشف مصدر رفيع المستوى في المعارضة السورية لموقع "دايلي بيست" الأميركي أن "خُراسان ترى أن دورها الآن يتمحور في وضع حد للصراع الداخلي بين داعش والنصرة". وبالفعل يمكن رؤية بوادر هذا السعي ميدانياً، في شمال سوريا، أثناء الهجوم المنسّق الذي شنّه التنظيمان على "حركة حزم" و"جبهة ثوار سوريا" بقيادة جمال معروف، وهما جماعتان مدعومتان من واشنطن.
برغم ما سبق، فإن اختيار «معارضة معتدلة» ليس المعضلة الوحيدة التي تواجه واشنطن وحلفاءها على الأرض، فهناك مخاوف من انتقال أسلحة «المعتدلين» إلى أيدي المتشددين، كما يطرح تساؤل عن الضامن الحقيقي لأن يبقوا في خانة «الاعتدال» ولا يتجهوا إلى التطرف كما يحصل الان.
الواقع يثبت أن لا ضمانات سوى طبيعة العلاقة والشروط المفروضة لتوظيف الجماعات ضمن أجندة محددة، أما الحديث عن ضمانات حقيقية فهو أمر شبه مستحيل. إن عملية انتقال الأسلحة التي بحوزتهم إلى الجماعات الأكثر تطرفاً أمر ممكن، وقد حصل في السابق، بل في أحيان تم بيع الأسلحة.
"لا معارضة معتدلة"
المحاولات التي تسعى إليها أمريكا وتركيا والسعودية لتدريب "معارضةٍ معتدلة" تصطدم بوقائع ميدانيةٍ وسياسية تتعارض مع مساعيها، فالسؤال الذي يفرض ذاته: هل هناك معارضة «معتدلة»؟
ببساطة أجاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، أو بلغة أوضح اعترف، بأنه لا «معارضة معتدلة» داخل سوريا، وأن أجهزة الاستخبارات الأميركية «استهانت بقدرات داعش في سوريا».
أوروبا أيضا تنفي وجود أي "معارضة معتدلة" في سوريا ،فقد نقل مسؤول حزبي لبناني عن ديبلوماسي أوروبي التقاه في بيروت قوله إنّ الأوروبيّين باتوا متيقنين أنه لا يوجد ما يُسمّى «معارضة معتدلة» في الشام… وأنّ هذه التسمية لا تنطبق إطلاقاً على المجموعات الإرهابية المسلحة، وعلى رغم ذلك هناك بعض الدول التي ثبت أنها دعمت تلك المجموعات وموّلتها وسهّلت مرورها إلى سورية ولبنان والعراق، لا تزال تستغلّ البازار السياسي المفتوح، وتسعى إلى تشكيل مجموعات مسلحة بمسمّيات جديدة، لمواصلة استهداف سورية ودول المنطقة، وهذا لا يخدم الهدف الأساسي المتمثل بأولوية محاربة الإرهاب، بل يؤدّي إلى خلق المزيد من التنظيمات الإرهابية المتطرفة. رغم الفشل الأمريكي لا تعتبر مسألة تدريب معارضة «معتدلة» قضية منتهية، فالنفس الأميركي طويل جداً، هم عندما يتحدثون عن إطار زمني، فإنما يتحدثون عن ثلاث إلى خمس سنوات، وهنا ثمة حلول من بينها البحث في "الجيش الحر" عن قادة ميدانيين أو إنشاء قوة بديلة منه تكون مفصلة على مقاييس الأميركيين».
خاتمة
لا شك أن جميع التنظيمات المسلحة في سوريا تعمل وفق أجندة "أمريكية"، لكن واشنطن تسعى لانكار الحقيقة والاستمرار في تحقيق مصالحها على الساحة السورية عبر طرح مسميات لا تمت الى الواقع بصلة، وما تمارسه تلك المجموعات ومحاولتها عقد الصفقات العسكرية والتجارية فيما بينها، لتأمين ما يلزم بقاءها على قيد الحياة، يعزز فكرة ارتباطها ببعضها بعضا، مما يؤكد أن لا وجود "لمعارضة معتدلة"، فالكل داعش.
ومع الانهماك الأميركي بلملمة الشظايا التابعة للمعارضة المعتدلة "أمريكيا"، صرّح قادة هذه المعارضة من ضمنها الجيش السوري الحر وجبهة ثوار سوريا، أنّ هجمات الائتلاف الدولي تقطع عليهم طريق المشاركة في الحرب، وأنهم يشعرون بضعف حيلتهم وحجتهم وتشظّي قواعدهم وجماعاتهم، داعين المجتمع الدولي الي وقف الضربات الجوية للتحالف ضد مواقع تنظيم “داعش ” الارهابي. هذه التصريحات للمعارضة المسلحة السورية ترافقت مع تزايد حدة الخلافات الداخلية بين كتائب المعارضة المسلحة حول الانضمام الی داعش والبيعة مع أبوبكر البغدادي.
مبايعات بالجملة:
واضح هو المشهد في سوريا، كوضوح الشمس، ففي أول فرصة تعلن الجماعات الارهابية المدعومة أمريكياً وخليجياً انضمامها الى تنظيم "داعش" الارهابي، فالتحاق أكثر من 300 مسلح من «لواء التوحيد» الإخواني الموالي لتركيا بتنظيم داعش في الرقة مقتدين بأثر أقرانهم من فصائل معارضة مسلحة تصنفها واشنطن بـ«المعتدلة» وتعول عليها في بناء جيش يملأ الفراغ بعد هزيمة التنظيم، لم يكن مستغرباً، بل جاء بعد أقل من يوم على التحاق القائد العام لما يدعى "جيش الشام"راشد طكو مع عدد كبير من مقاتليه بالتنظيم الإرهابي ومبايعته له في الرقة على خلفية النزاعات والاشتباكات التي دارت بينه وبين ألوية "صقور الشام"بقيادة أحمد عيسى الشيخ في ريف إدلب التي انفصل عنها ورفض تسليمها أسلحته الثقيلة.
"الجيش الحر" تنظيم أخر سطع نجمه في بداية الأزمة، وكان محط امال السعودية وأمريكا، فلم تتوانى هذه القوى عن دعمه عسكريا وماليا ولوجستياً ، تبايع اليوم أبرز قادته في دير الزور السورية تنظيم "داعش"، وأكدت مصادر متعددة أن قائد المجلس العسكري في ريف دير الزور التابع للعقيد منير المطر وقائد ألوية الفاروق غنام الكردي وأبو هارون والرائد أبو عبد الرحمن مسؤولي مستودعات الذخيرة قد بايعوا تنظيم داعش الارهابي.
اتحاد داعش والنصرة
اعلاميا الضربات الجوية للتحالف الدولي مهّدت لإنشاء اتحاد بين "داعش" و"النصره"، بهدف القضاء على ما تبقى من "المعارضة المعتدلة" أمريكيا، لذلك عقدت "جماعة خُراسان" في سوريا اجتماعاً سرياً أوائل الشهر الحالي في حلب، لدمج الجماعات الإسلامية المتشدّدة المقاتلة في سوريا في اتحاد سيعيد تشكيل، في حال تمّ، ساحة المعركة في سوريا المعقّدة أصلاً .سيكون لهذا الاتحاد تداعيات على الدول الغربية من حيث حشد المزيد من القوات المقاتلة ضدّ المصالح الغربية في المنطقة، وستقضي على ما تبقى من "المعارضة المعتدلة" التي تدعمها الولايات المتحدة وتخطّط لتدريبها.
وكشف مصدر رفيع المستوى في المعارضة السورية لموقع "دايلي بيست" الأميركي أن "خُراسان ترى أن دورها الآن يتمحور في وضع حد للصراع الداخلي بين داعش والنصرة". وبالفعل يمكن رؤية بوادر هذا السعي ميدانياً، في شمال سوريا، أثناء الهجوم المنسّق الذي شنّه التنظيمان على "حركة حزم" و"جبهة ثوار سوريا" بقيادة جمال معروف، وهما جماعتان مدعومتان من واشنطن.
برغم ما سبق، فإن اختيار «معارضة معتدلة» ليس المعضلة الوحيدة التي تواجه واشنطن وحلفاءها على الأرض، فهناك مخاوف من انتقال أسلحة «المعتدلين» إلى أيدي المتشددين، كما يطرح تساؤل عن الضامن الحقيقي لأن يبقوا في خانة «الاعتدال» ولا يتجهوا إلى التطرف كما يحصل الان.
الواقع يثبت أن لا ضمانات سوى طبيعة العلاقة والشروط المفروضة لتوظيف الجماعات ضمن أجندة محددة، أما الحديث عن ضمانات حقيقية فهو أمر شبه مستحيل. إن عملية انتقال الأسلحة التي بحوزتهم إلى الجماعات الأكثر تطرفاً أمر ممكن، وقد حصل في السابق، بل في أحيان تم بيع الأسلحة.
"لا معارضة معتدلة"
المحاولات التي تسعى إليها أمريكا وتركيا والسعودية لتدريب "معارضةٍ معتدلة" تصطدم بوقائع ميدانيةٍ وسياسية تتعارض مع مساعيها، فالسؤال الذي يفرض ذاته: هل هناك معارضة «معتدلة»؟
ببساطة أجاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، أو بلغة أوضح اعترف، بأنه لا «معارضة معتدلة» داخل سوريا، وأن أجهزة الاستخبارات الأميركية «استهانت بقدرات داعش في سوريا».
أوروبا أيضا تنفي وجود أي "معارضة معتدلة" في سوريا ،فقد نقل مسؤول حزبي لبناني عن ديبلوماسي أوروبي التقاه في بيروت قوله إنّ الأوروبيّين باتوا متيقنين أنه لا يوجد ما يُسمّى «معارضة معتدلة» في الشام… وأنّ هذه التسمية لا تنطبق إطلاقاً على المجموعات الإرهابية المسلحة، وعلى رغم ذلك هناك بعض الدول التي ثبت أنها دعمت تلك المجموعات وموّلتها وسهّلت مرورها إلى سورية ولبنان والعراق، لا تزال تستغلّ البازار السياسي المفتوح، وتسعى إلى تشكيل مجموعات مسلحة بمسمّيات جديدة، لمواصلة استهداف سورية ودول المنطقة، وهذا لا يخدم الهدف الأساسي المتمثل بأولوية محاربة الإرهاب، بل يؤدّي إلى خلق المزيد من التنظيمات الإرهابية المتطرفة. رغم الفشل الأمريكي لا تعتبر مسألة تدريب معارضة «معتدلة» قضية منتهية، فالنفس الأميركي طويل جداً، هم عندما يتحدثون عن إطار زمني، فإنما يتحدثون عن ثلاث إلى خمس سنوات، وهنا ثمة حلول من بينها البحث في "الجيش الحر" عن قادة ميدانيين أو إنشاء قوة بديلة منه تكون مفصلة على مقاييس الأميركيين».
خاتمة
لا شك أن جميع التنظيمات المسلحة في سوريا تعمل وفق أجندة "أمريكية"، لكن واشنطن تسعى لانكار الحقيقة والاستمرار في تحقيق مصالحها على الساحة السورية عبر طرح مسميات لا تمت الى الواقع بصلة، وما تمارسه تلك المجموعات ومحاولتها عقد الصفقات العسكرية والتجارية فيما بينها، لتأمين ما يلزم بقاءها على قيد الحياة، يعزز فكرة ارتباطها ببعضها بعضا، مما يؤكد أن لا وجود "لمعارضة معتدلة"، فالكل داعش.