الوقت - طل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن في مقابلة على شبكة (سي بس اس) الاخبارية ليتحف العالم بتصريحات ليست غريبة عنه, فهو المسؤول الأكبر عن عشرات الاف الضحايا في العراق عندما أعلن حربه المزعومة على الارهاب.
الا أن تصريحات بوش الابن جاءت كدليل اضافي ليؤكد للعالم أن أمريكا مستعدة لفعل أي شئ في سبيل الوصول الى مصالحها و ان اختلفت السياسات أو الحزب الحاكم جمهوريا كان أو ديمقراطيا.
و في حوار مع قناة (سي بي أس) الأمريكية، أكد “بوش الإبن” أنه راضٍ للغاية عن القرار الذي اتخذته إدارته في وقت سابق بإرسال قوات أمريكية إلى العراق عام “2003”، والقضاء على الرئيس العراقي الراحل “صدام حسين”.
ثم علل بوش الابن عدم فرار صدام من العراق رغم الغزو الامريكي قائلا : عدم فراره كان سببا في بداية ظهور التنظيمات المتطرفة في العراق و الشام .
بوش الذي يتطلع للعودة الى حكم أمريكا عبر الحزب الجمهوري الذي تزايدت حظوظه بالفوز مؤخرا بعد فوزه الساحق في انتخابات الكونغرس النصفية مؤخرا متقدما على الحزب الديمقراطي الحاكم. صرح ان شقيقه الاصغر جيب بوش قد يكون مرشحا عن الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة سنة 2016 قائلا(أعتقد أنه سيكون رئيسا جديدا لأمريكا.
تصريحات بوش الذي أعلن فيها بكل وقاحة عن عدم أسفه لوقوع عدد كبير جدا من الضحايا قابله استنكارا على الصعيد العراقي و العالمي ککل.
احصائيا و لمجرد التذكير، أعلن الجيش الأمريكي على موقعه الالكتروني أن حصيلة القتلى الذين سقطوا في العراق من مدنيين وعسكريين من مطلع 2004 الى آب/اغسطس 2008 بلغت 77 ألف قتيل، وأن عدد الذين اصيبوا جراء العمليات القتالية وأعمال العنف خلال الفترة المذكورة بلغ نحو 121 ألف جريح. بينما كشفت وثائق المراسلات الأمريكية السرية التي نشرها موقع ويكيليكس عام 2010 بأن عدد القتلى العراقيين منذ بداية الغزو بلغ 109 آلاف قتيل حتى ذلك التاريخ .
وبالنسبة للمنظمات الدولية فقد أشارت الى ارقام مختلفة لغياب التنسيق وعدم تعاون الحكومات العراقية معها، وكانت آخر احصائية قدمتها بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في العراق عن ضحايا العنف قد بينت أن 34452 مدنيا قتلوا وأن أكثر من 36 ألف شخص اصيبوا في عام 2006 .
وكانت هناك دراسات دولية أخرى تناولت اعداد ضحايا الاحتلال والعنف في العراق، ومنها الإعلان عن احصائية نشرتها مجلة ‘لانسيت’ الطبية البريطانية قدر فيها عدد القتلى في العراق بحوالي 650 الفا منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في مارس 2003.
كل هذه الضحايا لماذا سقطت و لماذا حتى الان هناك جرحى ما زالوا يعانون ؟ و ماذا جلبت ديمقراطية بوش لأبناء الشعب العراقي و من حارب بوش على أرض العراق؟
أيضا لمجرد التذكير فان الحرب الامريكية المزعومة على الارهاب سنة 2003 و التي جاءت بعد غزو أفغانستان سنة 2001 و قبلها أحداث 11 أيلول المثيرة للجدل جاءت حسب الزعيم الأمريكي للأسباب التالية:
1_ استمرار حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عدم تطبيقها لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان التفتيش عن الأسلحة بمزاولة أعمالها في العراق
2_ استمرار حكومة الرئيس العراقي المقبور بتصنيع وامتلاك "أسلحة دمار شامل" وعدم تعاون القيادة العراقية في تطبيق 19 قراراً للأمم المتحدة بشأن إعطاء بيانات كاملة عن ترسانتها من "أسلحة الدمار الشامل". من الجدير بالذكر أنه لم يتم حتى هذا اليوم العثور على أية "أسلحة دمار شامل" في العراق بل أن نتائج مفتشي الأسلحة أكدت عدم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل نهائياً.
3_ امتلاك حكومة الرئيس السابق صدام حسين لعلاقات مع تنظيم القاعدة ومنظمات "إرهابية" أخرى تشكل خطراً على أمن واستقرار العالم وهو إدعاء لم يثبت باي دليل لإستحالة وجود قواسم فكرية وعقائدية تجمع القاعدة بنظام الحكم العراقي العلماني.
4_ نشر الأفكار الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط ولو بالقوة العسكرية وتغيير أنظمة الحكم الرسمية للدول.
و يمكن تلخيص الاسباب الحقيقية بما يلي:
1. نشر الأفكار الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط العسكرية وتغيير أنظمة الحكم الرسمية للدول ولو بالقوة
2. ضمان عدم حصول أزمة وقود في امريكا بسيطرتها بصورة غير مباشرة على ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم.
3. للحفاظ علی المصالح الشخصية لبعض شركات الأعمال وشركات الدفاع الكبرى في امريكا.
4. دعم واستمرار الشعبية التي حظي بها الحزب الجمهوري ابان أحداث سبتمبر 2001بغية استمرار هيمنة الحزب على صنع القرار السياسي في اميركا.
5. إنجاز المهمة التي لم يكملها والده في حرب الخليج الثانية.
يبقى الاعلام سلاحا فتاكا بيد امريكا فهي حتى الان نجحت و تنجح في اظهار نفسها داخليا و خارجيا الداعم الاول للحريات و شرطي العالم المتربص بالارهاب. فكما روج الجمهوريون لغزوهم للعراق و هلل لهم العدو و الصديق، ها هو العالم اليوم يثني على تفضل أوباما بضربه للارهاب مما جعله يزيد من وقاحته و يفتح ملف التدخل البري الذي ان حصل يصعب تنبأ ما قد يتبعه.
أخيرا فان سياسة امريكا في المنطقة و طمعها بالثروات الطبيعية و على رأسها النفط الوفير لا يمكن أن تتغير، قد يختلف الأداء على الأرض فقط و ما دخول أوباما على خط الصراع ضد وليد أمريكا البار(داعش) الا دليل على ما ذكر. ولا ننسى على رأس الهرم اسرائيل التي تتفرج وتبقى الأيام كفيلة لاظهار الحقائق و اللبيب من ينظر الى ما يجري حوله بعين البصيرة...
