الوقت ـ سعت بعض وسائل الاعلام اعتبار تعیین محمد بن فیصل بن جابر أبو ساق وزیر دولة وعضواً فی مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشوری، مرحلة جدیدة وتاریخیة فی السعودیة ، لأنه أول وزیر یُنسب الی الشیعة بینما لاتزال المناطق الشیعیة تشهد حالات انتهاک لحقوق الانسان تقوم منظمة هیومن رایتس وتش الدولیة کل یوم بتوثیقها عبر تقاریرها .
ویعتبر البعض أن هذا التعیین محاولة للتنفیس عن الوضع الداخلی المحتقن الذی وصل إلی حافة الانفجار فی مناطق شرق السعودیة حیث تتعرض الطائفة الشیعیة إلی العزل والحصار بعد مطالبات عدیدة حملها کبار الشیعة للقادة السعودیین، خصوصا وأنهم أثبتوا أنفسهم فی المناطق الشرقیة والجنوبیة قادرون علی ایجاد التغییر فی حال لم تستجب الحکومة الی مطالبهم الشرعیة.
ویحاول البعض وصفه إیجابیاً وأنه جاء عبر ضغوط وانقیاداً لإرادات غربیة تدعو إلی مراعاة حقوق الإنسان فی السعودیة، واستجابة للمتغیرات الإقلیمیة، وخطر الدعوات الطائفیة فی المنطقة.
أیاً کان لکنه ومن المؤکد لیس وزیراً شیعیاً، إنه رجل أمن سابق وصل إلی رتبة لواء فی وزارة الحرس الوطنی السعودیة، ومن ثم اصبح عضواً فی مجلس الشوری الذی ترأس فیه لجنته الأمنیة، وهو أحد رجالات منطقة نجران ذات الأغلبیة الشیعیة.
ویأتی تعیین الوزیر الموصوف بالشیعی فی وقت تتهم فیه منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هیومن رایتس ووتش السعودیة" ، بمراقبة وسائل الاتصال فی المناطق الشیعیة وعلی الخصوص فی القطیف منها. وأصدرت المنظمة عبر سنوات تقاریرها التی تشیر إلی الاضطهاد الممنهج الذی یتعرض له الشیعة فی شرق المملکة العربیة السعودیة.
ویشکل الشیعة نحو 10% من سکان السعودیة البالغ عددهم 27 ملیون نسمة، فیما یمثلون الغالبیة فی المنطقة الشرقیة الغنیة بالنفط ومع ذلک الا أنهم یتعرضون لشتی انواع الحرمان والاعتقال والقتل والتشهیر بسمعتهم وفرض أن ولائهم للوطن امرمشکوک فیه لکی یصف بعض المتطرفین السعودیین إلی أن تعیین وزیر شیعی فی السعودیة سیکون سفیرا لإیران وعینا لها فی الحکومة، علی حد تعبیرهم. بینما یربطها الاخرون بانها جائت مع استعداد أمریکی لتحالف مع إیران فی العراق لمحاربة التنظیم الإسلامی السنّی المتطرّف "داعش" الذی بات یشکّل تهدیدا للبلدان المجاورة. بینما یشیر إلیها ناشطون سعودیون آخرون بالجریئة لا یمکن فصلها عن سیاق الأحداث فی المنطقة.
وتطالب المعارضة السعودیة ومن جملتها "التیار الإصلاحی" بالمشارکة الأوسع فی نظام الحکم الذی تهیمن علیه العائلة المالکة.وتشهد منطقة القطیف والمناطق الاخری ذات الاغلبیة الشیعیة احتجاجات قُتل خلالها عدد من المحتجین الذین رفعوا شعارات مناهضة للتمییز الطائفی الذی یتعرضون له من قبل السلطات السعودیة.
الشیعی الأول فی حکومة بلاده، فی بلد لا یعطی الشیعة مطالبهم المشروعة و لایتم إشراک الشیعة فی عملیة صنع القرار السعودی حتی وإن کانوا الاغلبیة فی المنطقة الشرقیة و10% من نفوس المملکة، ،و لایتم الاستفادة منهم فی مجال التنمیة السعودیة وفیهم رجال ذوی اختصاصات وکفاءات وادوار مشرفة وکبیرة واثبتت الولاء للسعودیة الوطن وإن کانوا غیر ملزمین بان یبرروا کل یوم مایطالبون به فلیس کل من اراد ان یستوفی حقه المشروع خائناً للوطن وملزم باثبات العکس منه . فرجالات الشیعة ونسائها تحظی بمواقف کبری جعلتهم الیوم بعض الآراء الدینیة السلفیة والوهابیة فی مکانة غیر الوطنی وفی موقف العدو، رغم أنهم یقفون مع بلادهم.
ومع تصاعد وتیرة إستهداف الشیعة بالإرهاب والقمع أصدرت منظمة شیعة هیومن رایتس ووتش الدولیة تقریرها لشهر حزیران/یونیو الماضی وضم التقریر الذی جاء بأکثر من تسع صفحات استعراضاً لابرز العملیات فکان للسعودیة دوراً کبیراً فی حصول الانتهاکات داخلیاً کالآتی:
- إصدارحکماً بالإعدام علی المعتقل (رضا جعفر الربح) حیث یعد هذا الحکم الأول من نوعه التی تصدره المحکمة منذ ان بدأت بمحاکمة المعتقلین علی خلفیة الحراک السلمی الشعبی فی المنطقة.
- ثانی حکم بالإعدام خلال 24 ساعة قضت المحکمة الجزائیة للنظام بإعدام نجل الناشط المعروف (محمد باقر النمر) (20 عاما) وذلک علی خلفیة الاحتجاجات السلمیة فی القطیف.
- سجن الناشط الحقوقی فاضل المناسف 15 عاما بسبب "دوره فی مساعدة تغطیة الصحفیین الدولیین للاحتجاجات فی القطیف".
- إصدار احکام بإعدام شخصین والسجن المؤبد 25 عاما لشخص ثالث من المسلمین الشیعة لإدانتهم بتهم دون محاکمة علی خلفیة الاحتجاجات السلمیة التی جرت فی محافظة القطیف.
- تعرض الشیعة السعودیین لـ"التمییز المنهجی فی التعلیم العام والتوظیف الحکومی، وفی بناء دور المساجد".
- محکمة سعودیة تصدر قرار بالسجن علی 5 شبان بمدة تتراوح ما بین 6 سنوات و3 سنوات ونصف السنة مع المنع من السفر، إثر إدانتهم بالمشارکة فی أحداث القطیف.
- بدأ المحاکمات ضد الشیعة منذ 2013، بتهم المشارکة فی «أعمال عنف وشغب فی منطقة القطیف»، والحکم علی عشرات المتهمین بالسجن مددًا متفاوتة بلغ أقصاها 30 عامًا. واعتقال أکثر من 950 شخصًا فی القطیف والإحساء منذ 2011.
- سقوط اکثر من 20 قتیلاً خلال المظاهرات ، منذ 2012.
ومن هذا المبدأ تتوالت ولاتزال تتوالا الاحداث ضد الشیعة بسبب إنتمائهم الطائفی فحسب وهذا مما یعنی بأن تعیین وزیراً من الحرس الوطنی خارجاً عن نطاق الشیعة لایمتّ بأیة صلة للشیعة ولایمکن احتسابه منها وإن کانت جذوره ترجع الی اصول شیعیة وذلک لأنه لم یفتخر ولم ینضم الی الطائفة الشیعیة یوماً ما.
فالوزیر الجدید وإن تم تعیینه الاّ أن منصبه لایسمح له بالعمل، وأن منصب وزیر دولة لیس ذا قدرة وتخویل یمنحه صلاحیة لکی یفکّ عن ابناء طائفته ولو قلیلا من المحن والألم والتعذیب والاعتقال التی یأخذ بالازدیاد یوماً فیوم. وهذا الامر لن یُسکت الشیعة وإستخدامه کسیاسة "العصا والجزرة" لن یأخذ الشیعة ویجرها للانصیاع وعدم المطالبة بحقوقها المشروعة.
هذا فیما تعلم منظمات حقوق الانسان جیداً بأن هذه الخطوة غیرکافیة لکی تمحو الانتهاکات التی یتعرض لها الشیعة. وأن القطیف یئنّ ویزئر من ظلم العائلة الملکیة السعودیة منذ عقود وأن الملک عبدالله لایستطیع أن یفلت من اخطائه کالشعرة فی العجین لکی یستخفّ بالشیعة عبر تعیینه لواء رکن بظاهر شیعی بعنوان وزیر دولة ویفتخر هو او غیره بانه یردّ للشیعیة حقوقهم المسلوبة .
کما محمد بن فیصل بن جابر أبو ساق أثبت من خلال المناصب التی کان یتمتع بها من أنه لایقلّ وهابیة عن اقرانه ولربما کان اکثر تطرفاً و أقل ولاءً تجاه الشیعة.
