الوقت - الحزب الاسلامی فی افغانستان الذی یقوده قلب الدین حکمتیار هو من الاحزاب الرئیسیة السبعة التی تشکلت منذ انطلاق النهضة الاسلامیة فی هذا البلد وعمل هذا الحزب الی جانب احزاب اخری علی اسقاط الحکومة الشیوعیة التی کانت تحکم البلاد فی سبعینیات القرن الماضی.
ویمکن القول ان حزب حکمتیار الذی انفصل عن الحزب الاسلامی الاصلی الذی کان معروفا فی السابق فی افغانستان بدأ عمله مع عدد من الاحزاب السنیة الاخری انطلاقا من مدینة بیشاور الباکستانیة قبل ان ینتقل الی جنوب افغانستان وبعض المناطق التی وقعت تحت نفوذه فیما بعد فی شرق البلاد .
وخلال احتلال الاتحاد السوفیتی السابق لاراضی افغانستان وفترة الحکم الشیوعی للبلاد بین عامی 1979 و1992 لعب الحزب الاسلامی مع احزاب اخری دورا مؤثرا فی تلک الفترة التی اطلق علیها الفترة الجهادیة . وبعد انتصار المجاهدین وتمکنهم من طرد الروس خارج البلاد واستقرار الاوضاع فی کابول بدأ التنافس علی السلطة بین هذه الاحزاب وطالب الحزب الاسلامی بمناصب علیا فی الحکومة ومنح منصب رئاسة الوزراء لکنه طالب ایضا بحقیبة وزارة الدفاع فرفضت الجمعیة الاسلامیة بقیادة برهان الدین ربانی واحمد شاه مسعود هذا الطلب وعلی اثرها قرر الحزب الانضمام الی المعارضة ضد الحکومة التی شکلتها الجمعیة الاسلامیة ووصل الامر الی نشوب معارک دامیة بین الطرفین لا سیما فی العاصمة کابول ادت الی مقتل وجرح الآلاف من الافغانیین فی صفوف الجانبین خصوصا من التاجیک والشیعة .
وعندما هاجمت طالبان کابول لم یشارک الحزب الاسلامی فی الدفاع عن المدینة وسلم منطقة " سوروبی " لعناصر طالبان دون قتال . واعتقد الکثیرون فی حینها ان حکمتیار اتفق مع طالبان علی تسلیم کابول مقابل منحه دورا فی ادرة شؤونها الا انها لم تفی له بوعدها ولهذا قرر الحزب الاسلامی مع احزاب اخری تشکیل جبهة معارضة لطالبان ولعب دورا مؤثرا فی هذه المعارضة خصوصا بین عامی 2001 و2002 وخاض معارک ضاریة ضد طالبان والحرکات الموالیة لها للسیطرة علی بعض المناطق وتقویة نفوذه فی مناطق اخری .
ورغم ان الحزب الاسلامی وحرکة طالبان ینحدران من نفس طائفة البشتون الا انهما لم یتفقا علی العمل سویة بسبب تلک الخلافات .
وبعد سقوط حکومة طالبان استمر الحزب الاسلامی فی موقفه المعارض للحکومة التی تشکلت برئاسة حامد کرزای اثر الغزو الامریکی للبلاد عام 2001 وبقی الحزب علی هذا الحال الی ان انفصل عنه عدد من اعضائه قبل نحو 6 سنوات بینهم مسؤول الجهاز الامنی السابق فی الحزب والذین انضموا فیما بعد الی حکومة کرزای .
وقبل 3 او 4 سنوات شغل اکثر من 50 عضوا من الحزب الاسلامی مناصب حساسة فی حکومة کرزای قبل ثلاث او اربع سنوات بینهم "عبد الکرم خرم" الذی اصبح مسؤولا لمکتب کرزای، والکثیر من الولایات الافغانیة لا زالت تدار شؤونها من قبل عناصر تابعة او موالیة للحزب الاسلامی فی الوقت الحاضر.
ویمکن القول ان الحزب الاسلامی ورغم معارضته لحکومة کرزای فی الظاهر الا انه لعب بالحقیقة دورا غیر مباشر فی دعم هذه الحکومة وتجلی هذا الدعم خلال الانتخابات الرئاسیة الاخیرة التی جرت فی الخامس من الشهر الجاری ومشارکة مرشحه "قطب الدین الهلال" فی خوض هذا السباق الانتخابی . ورغم التوقعات بان هلال لن یحصل علی مرکز متقدم بین باقی المرشحین تبقی هذه التجربة مهمة للحزب الاسلامی لدخول عالم السیاسة ولعب دور اکبر فی ادارة شؤون البلد فی المستقبل .
وهناک سبب آخر یراه المراقبون فی دعم هذا الحزب للانتخابات وهو قناعته بضرورة التصدی للحرکات والعناصر السلفیة والمتطرفة التی تمولها السعودیة ومنعها من توسیع نفوذها الذی یهدد الامن والاستقرار فی البلاد .
ونتیجة لما عرف عن الحزب الاسلامی بأنه لایتمتع بالثبات والاستقرار فی مواقفه واتهام قائده حکمتیار بانه متقلب المزاج لا ترغب الکثیر من الحرکات الافغانیة بالعمل مع هذا الحزب ومن بینها حرکة طالبان رغم انها عملت معه فی السابق.
ولهذا السبب یتوقع المراقبون انه لن یکون بمقدور الحزب الاسلامی الحصول علی مکانة مرموقة فی الحکومة القادمة ما لم یتخل عن نهجه السابق ویتأقلم مع الظروف الجدیدة التی یمر بها البلد والتی تجلت ملامحها بوضوح خلال الانتخابات الرئاسیة وانتخابات المجالس البلدیة الاخیرة والتی شهدت اقبالا واسعا من قبل الناخبین رغم الظروف الامنیة القلقة التی نجمت عن تهدیدات طالبان باستهداف مراکز الاقتراع الا انها فشلت فی ذلک الی حد کبیر بسبب یقظة واستعداد القوات الامنیة الافغانیة التی انجزت المهمة دون الاستعانة بأی قوات اجنبیة.