الوقت - يشكل فشل النمو تهديدا صامتا لأطفال العالم، حيث يؤدي إلى وفاة نحو مليون طفل سنويا قبل بلوغهم سن الخامسة، ليصبح ثالث أكبر سبب للوفيات في هذه الفئة العمرية.
وتأتي هذه النتائج الصادمة في أحدث دراسة للعبء العالمي للأمراض لعام 2023، التي نُشرت في 3 ديسمبر في مجلة The Lancet Child & Adolescent Health.
رغم التقدم الملحوظ الذي انخفضت معه الوفيات المرتبطة بفشل النمو من 2.75 مليون حالة في عام 2000 إلى 880 ألفًا في عام 2023، إلا أن عبء المرض ما يزال ثقيلاً، ويتجلى بشكل حاد في منطقتين: إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث سجلت 618 ألف حالة وفاة، وجنوب آسيا بـ165 ألف حالة.
ويظهر تحليل المؤشرات أن نقص الوزن يشكل العبء الأكبر، مساهماً بنسبة 12% من وفيات الأطفال دون الخامسة، يليه الهزال بنسبة 9%، ثم التقزم بنسبة 8%. كما رصدت الدراسة تقديرات أعلى من المتوقع لأعداد الأطفال المصابين بالتقزم على مستوى العالم.
ويكمن الخطر الأكبر في أن فشل النمو يزيد من قابلية الأطفال للإصابة والوفاة بأمراض شائعة. فقد توفي نحو 800 ألف طفل العام الماضي نتيجة أمراض مثل التهابات الجهاز التنفسي السفلي والإسهال والملاريا والحصبة، وكان فشل النمو عاملا مشاركا رئيسيا في معظم هذه الوفيات.
في إفريقيا جنوب الصحراء، ارتبط فشل النمو بـ77% من وفيات الإسهال و65% من وفيات التهابات الجهاز التنفسي بين الأطفال دون الخامسة، وكانت النسب مرتفعة أيضًا في جنوب آسيا، في حين سجلت الدول مرتفعة الدخل أدنى النسب.
ويشرح الدكتور بوبي راينر، أحد المشاركين في الدراسة، أن أسباب هذه الأزمة متشابكة ومعقدة، وتشمل سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي وتداعيات تغير المناخ ونقص خدمات الصرف الصحي والنزاعات المسلحة، ما يجعل من الصعب اعتماد حل واحد يناسب جميع المناطق.
وتكشف النتائج أن معظم حالات التقزم تبدأ ملامحها في الظهور خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حياة الطفل، ما يبرز الحاجة الماسة للتدخل المبكر، حتى قبل الولادة. كما يحذر الباحثون من حلقة مفرغة بين الهزال والتقزم، حيث يؤدي كل منهما إلى تفاقم الآخر مع تقدم الطفل في العمر.
ويظهر فشل النمو في المراحل الأولى من الحياة مشاكل ما قبل الولادة، بينما قد يعكس في مراحل لاحقة عوامل مثل سوء التغذية المزمن أو تكرار العدوى.
ويختتم الدكتور راينر بالتأكيد على أن عكس آثار التقزم بعد حدوثه مهمة صعبة، لذا يجب أن تُوجه الجهود نحو استخدام هذه البيانات الحديثة لتحديد المناطق الأكثر عرضة للخطر، والتركيز على الكشف المبكر والتدخل الفعال قبل استفحال المشكلة.
