الوقت- أعربت وسائل إعلام ومحللون موالون للكرملين، عقب القمة الثانية عشرة لمنظمة الدول التركية التي عُقدت في مدينة كيبلا الأذربيجانية، عن قلقهم إزاء خطط التعاون العسكري المطروحة في الاجتماع، حيث وصف البعض المنظمة بأنها كتلة عسكرية ناشئة خاضعة للنفوذ التركي. ووفقًا لموقع "أوردا" الإخباري الخاص، اقترح الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الذي يرأس المنظمة حاليًا، إجراء مناورات مشتركة للدول الأعضاء في منظمة الدول التركية على أراضي أذربيجان عام 2026.
وفي كلمته، أشار علييف إلى الخبرة الواسعة لأذربيجان في إجراء أكثر من 25 مناورة عسكرية ثنائية ومتعددة الجنسيات مع تركيا العام الماضي. وصرح الخبير السياسي أركادي دوبنوف للموقع الإخباري بأن الاقتراح يعكس رغبة أذربيجان في إثبات مكانتها كثاني أكبر قوة عسكرية في المنطقة بعد انتصارها على أرمينيا. وقال: "أعتقد أن هذا ليس أكثر من مجرد إظهار مكانة أذربيجان كواحدة من أقوى القوات العسكرية في المنطقة، خاصة بعد انتصارها على أرمينيا". وأضاف: "يبدو أن الجيش الأذربيجاني أصبح الآن ثاني أكبر جيش في المنطقة بعد تركيا، والأهم من ذلك، أنه يتمتع بخبرة قتالية حقيقية".
ومع ذلك، استبعد دوبنوف إمكانية تحول المنظمة إلى تكتل عسكري-سياسي على غرار منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا. من البديهي أن باكو تريد إظهار الموارد والقدرات التي اكتسبها الجيش في عمليات حقيقية. ومن غير المستبعد، احترامًا لإلهام علييف، أن تُقام فعالية تُسمى مناورة عسكرية. لكن من غير المنطقي تصور أن منظمة الدول التركية تتحول إلى تكتل عسكري-سياسي، على غرار ما يُقال عن منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي هي نفسها ليست فعّالة عمليًا. أكرر: هذه توقعات وطموحات مبالغ فيها. يرى المحللون الروس هذه التطورات دليلاً على الهيمنة التركية. كتبت فيكتوريا بانفيلوفا، كاتبة عمود في صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا الروسية، في قناة "أخبار تركستان الجديدة" الموالية للكرملين على تيليغرام، أن "إعلان القبلة" كشف عن خلافات جوهرية بين المشاركين. وأضافت: "إن توسيع أجندة المنظمة لتشمل القضايا الأمنية، بالإضافة إلى طلبات إجراء مناورات عسكرية ومبادرة منظمة الدول التركية، التي قد تشمل سوريا، وفقًا لاقتراح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اعتبرها الخبراء محاولة من أنقرة للسيطرة على السياسة الخارجية للدول الأعضاء".
كما أصدرت قناة "فوستوتشني إكسبريس 24"، وهي قناة تحليلية مقربة من الكرملين، تقييمًا لاذعًا، واصفةً المنظمة بـ"الإمبراطورية التركية" التي تعقد اجتماعات "لمناقشة غزو العالم". وقالت القناة: "السلطان التركي أردوغان، الذي يعتبر نفسه على ما يبدو حاكمًا لقارتين، يُصدر الأوامر، وقادة آسيا الوسطى يُومئون برؤوسهم باحترامٍ وحرصٍ مُتظاهرين بوجود الوحدة والأخوة. المؤسف الوحيد هو أن هذه الأخوة مبنية على أسسٍ هشة من التصريحات الجوفاء والطموحات التي لا أساس لها؛ طموحاتٌ تعتمد على الأعلام التركية والخطط الجيوسياسية المشبوهة.
التركيز على "الضعف الاقتصادي"
كما أشارت قناة فيستنيك إكسبريس 24 إلى "الضعف الاقتصادي" لأعضاء منظمة الدول التركية، مُؤكدةً أن أوجه القصور الاقتصادية تُقوّض طموحات المنظمة، حيث لا تُمثل التجارة المتبادلة بين الدول الأعضاء سوى "7% من إجمالي حجم التجارة الخارجية". وأضافت القناة: "للمقارنة، في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي نفسه الذي تقوده روسيا، والذي يُحاول قادة الدول التركية جاهدين النأي بأنفسهم عنه، تصل هذه النسبة إلى حوالي 20%. والخلاصة واضحة: التجارة بين ما يُسمى بالدول الشقيقة ليست مُربحة، لعدم وجود ما يُمكن تبادله بينها".
كما سلّط التحليل الضوء على هيمنة تركيا التجارية، مشيرًا إلى أن واردات قيرغيزستان من تركيا تفوق صادراتها إليها بنحو 20 ضعفًا، حيث بلغت 625 مليون دولار أمريكي، مقارنةً بـ 34 مليون دولار أمريكي فقط. كما رفضت صحيفة فيستنيك إكسبريس 24 مشروع "الممر الأوسط" ووصفته بأنه غير فعال، وكتبت أن "الخطة لا تزال حبرًا على ورق". إن الممر الأوسط هو طريق يربط تركيا بالصين عبر جورجيا وأذربيجان وبحر قزوين وكازاخستان وأضافت القناة أن "الطرق المتنافسة نشطة، وأن "صندوق الاستثمار التركي" برأس ماله البالغ 500 مليون دولار لم ينفذ مشروعًا واحدًا خلال عام".
تحذير من تشكيل تكتل عسكري
حذّرت قناة تورانسكي إكسبريس، وهي قناة تيليجرام مقربة من الكرملين، من أن "فكرة الأخوة التركية" أصبحت أداةً سهلةً للمناورات الجيوسياسية، مضيفةً أن أذربيجان وتركيا تلعبان دورًا رئيسيًا في تنظيم المؤسسات العسكرية والسياسية. وذكرت القناة أن "علييف حدد المسار فورًا: إجراء مناورات مشتركة للدول الأعضاء في منظمة الدول التركية، وإنشاء "مركز قوة واحد" في مجال الدفاع والأمن". وأضافت: "لم يجرؤ أي زعيم آخر على الاعتراض، ووجود ممثلي جمهورية "شمال قبرص" غير المعترف بها زاد من الشكوك حول شرعية مثل هذه المبادرات".
وأشارت القناة إلى أنه على الرغم من الإعلان الرسمي عن الحياد، وافق الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف عمليًا على توسيع التعاون في مجال الأمن السيبراني وإنشاء صيغة جديدة لمنظمة الدول التركية، وهي مبادرة تمهد الطريق لمشاركة الدول غير التركية وتعزيز نفوذ تركيا والغرب، بما في ذلك التقنيات العسكرية البريطانية.
وأضافت تورانسكي إكسبريس: "كل هذا الحديث عن "قوة يجب أخذها على محمل الجد" هو في الواقع غطاء للتقارب العسكري التقني والسياسي، الذي لا يستفيد منه سوى الجهات الأجنبية بشكل مباشر، بينما تبقى مصالح الكازاخستانيين في المرتبة الأخيرة". روسيا "ترد" عبر طاجيكستان. ووصف موقع "بوليت نافيجيتور" الموالي للكرملين زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طاجيكستان بأنها محاولة لمواجهة "تحول الدول الناطقة بالتركية إلى تكتل عسكري سياسي تحت رعاية تركيا وحلف الناتو".
وكتب الموقع: "أصبحت دوشنبه [عاصمة طاجيكستان] القاعدة الرئيسية لروسيا في أعقاب تغير ميزان القوى في المنطقة، حيث تتحول الدول الناطقة بالتركية إلى تكتل عسكري سياسي تحت راية تركيا وحلف الناتو". واعتبر "بوليت نافيجيتور" طاجيكستان الحليف الوحيد غير التركي لروسيا في آسيا الوسطى، مشيرًا إلى اتفاقات البلدين لتعزيز القاعدة العسكرية الروسية رقم 201 ومنع "تدخل دول ومنظمات عدم الانحياز في الشؤون الإقليمية، بما في ذلك في آسيا الوسطى".
وأضافت الوكالة: "الهدف تحديدًا هو مواجهة نفس القوة التابعة لحلف الناتو التي تتخفى تحت ستار "التحالف التركي"، والتي، بتوجيه من لندن وواشنطن، تهدف إلى إضعاف المنطقة". كما وصف إيغور شيستاكوف، مدير مركز المبادرات الخبيرة "أوفي أوردو" على قناة "آسيا تسكي إكسبريس" الموالية للكرملين على تيليغرام، الاجتماع بأنه "نقطة تحول" حيث "تجاوزت الأجندة الاقتصادية البعد الأيديولوجي".
ومع ذلك، حذر من أن المبادرات المتعلقة بالتعاون العسكري، بما في ذلك اجتماع أمناء مجلس الأمن لعام 2025 في بيشكيك، ومقترح أوزبكستان بعقد اجتماعات إعلامية منتظمة في سمرقند، هي مؤشرات على "التشكيل الحقيقي للكتلة". وكتب شيستاكوف: "في رأيي، فإن احتمال إنشاء "جيش توران" ينتقل تدريجيًا من المستوى الرمزي إلى المستوى العملي". "إن التدريبات المشتركة التي تخطط لها أذربيجان لعام 2026 هي تأكيد على أن الطريق إلى تشكيل كتلة عسكرية يزداد وضوحًا يومًا بعد يوم".
