الوقت - مع استمرار الحرب الشاملة بين جمهورية إيران الإسلامية والکيان الإسرائيلي، نشهد استهدافًا لمناطق وأهداف متعلقة بالطاقة من كلا الجانبين، ففي المناطق المحتلة، تضررت مصفاتا النفط في حيفا وبازان بشدة جراء الضربات الصاروخية الإيرانية، وجاءت الهجمات الصاروخية على أهداف إنتاج الطاقة الإسرائيلية، بعد استهداف بعض المناطق المتعلقة بالطاقة في إيران، بما في ذلك المرحلة الـ 14 من حقل "فارس" الجنوبي في كانکان.
في الواقع، كانت تل أبيب هي التي قصفت في البداية أهدافًا متعلقةً بالطاقة في إيران، وردّت طهران على العدوان الصهيوني باستهداف منشآت إسرائيلية متعلقة بالطاقة في حيفا.
مساعي تل أبيب لإقحام أمريكا في المعركة
يبدو أن استهداف منشآت الطاقة الإيرانية من قبل المقاتلات الصهيونية، كان بهدف صريح هو جرّ الحرب إلى شواطئ الخليج الفارسي، وبما أن معظم منشآت الطاقة الإيرانية تقع على ساحل الخليج الفارسي، فإن الهجوم على حقل فارس الجنوبي قد تكون له عواقب تتجاوز حدود إيران، ويلقي بظلاله على تدفق الطاقة في الخليج الفارسي والدول العربية الواقعة جنوبه.
ومن الطبيعي أنه إذا واجهت منشآت الطاقة الإيرانية في الخليج الفارسي تحديات، ولم تتمكن إيران من مواصلة أنشطتها في استخراج الطاقة في الخليج الفارسي، فلن تسمح طهران للدول الأخرى بتصدير الطاقة عبر مضيق هرمز في الخليج الفارسي، وإذا حدث هذا السيناريو وامتد التوتر بين إيران و"إسرائيل" إلى الخليج الفارسي، فسيكون من الممكن للولايات المتحدة دخول الحرب للسيطرة على صادرات الطاقة من الخليج الفارسي، وهذا ما تسعى تل أبيب إلى تحقيقه.
في الواقع، يهدف تصعيد "إسرائيل" للتوتر في الخليج الفارسي إلى تحقيق هدف أهم، وهو تمهيد الطريق لواشنطن والولايات المتحدة لدخول الحرب ضد إيران، ويبذل الصهاينة جهودًا حثيثةً لتحقيق هذا الهدف.
ما أسباب دخول الولايات المتحدة أتون الحرب؟
يبدو أن الصهاينة، مع استمرار حرب "إسرائيل" على إيران لليوم السادس على التوالي، لم يحققوا أهدافهم المنشودة بعد، من جهة أخرى، فإن تزايد عدد الضحايا في "إسرائيل" جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية، قد ضغط على تل أبيب لتقصير أمد الحرب، وفي غضون ذلك، كان أحد أهم أهداف تل أبيب من مهاجمة إيران، هو تعطيل منشآتها النووية وقدراتها الصاروخية، لكنهم لم ينجحوا في تحقيق هذين الهدفين حتى الآن.
تقع منشأتا "فوردو" و"نطنز" النوويتان الرئيسيتان في إيران، وكلاهما تحت الأرض، ووفقًا لبعض التقارير، فإن منشأة فوردو النووية، أهم موقع لتخصيب اليورانيوم في البرنامج النووي السلمي الإيراني، تقع على عمق مئات الأمتار تحت المناطق الجبلية، وقد حال هذا الوضع دون تمكن طائرات الکيان الصهيوني من قصف المنشآت النووية الإيرانية، وخاصةً فوردو، وفشلت تل أبيب في تحقيق أهدافها الرئيسية بعد حوالي ستة أيام من الحرب والقصف على إيران.
من ناحية أخرى، تسببت موجة العمليات الصاروخية الإيرانية ضد الکيان الصهيوني حتى الآن، في أضرار وخسائر بشرية جسيمة لـ "إسرائيل"، ووفقًا لأحدث التقارير، تضررت المناطق التالية في "إسرائيل" بشدة ودُمرت خلال العمليات الصاروخية الإيرانية:
المناطق الصناعية والمالية
المركز المالي في تل أبيب؛ منطقة حيوية للاقتصاد والأسواق المالية في "إسرائيل"
المنشآت الصناعية والموانئ في حيفا، أهم مركز اقتصادي في "إسرائيل"
مصفاة حيفا، مركز الطاقة الرئيسي في "إسرائيل"
ريشون لتسيون: منطقة صناعية وسكنية بالقرب من تل أبيب
المنطقة الصناعية في كريات غات، مركز لتصنيع رقائق التكنولوجيا وأشباه الموصلات
المراكز العسكرية
مبنى كيريا: من أهم المراكز العسكرية والإدارية في "إسرائيل"، ويُعتبر بمثابة البنتاغون الأمريكي.
مطار تل نوف: من أهم القواعد الجوية للجيش الإسرائيلي.
قاعدة نفاتيم الجوية: أهم قاعدة جوية إسرائيلية قرب ديمونا.
قاعدة عودة الجوية كموقع لمركز القيادة والسيطرة للحرب الإلكترونية.
قواعد دفاع ورادار ثابتة ومتحركة.
قاعدة الجليل، المقر العسكري للجيش الإسرائيلي في الشمال.
شركة رافائيل في حيفا كمركز لإنتاج الأسلحة العسكرية.
الوحدة 8200 في الجيش كمركز للتجسس الإلكتروني والتنصت والتجسس للجيش الإسرائيلي.
المراكز الأمنية والاستراتيجية
معهد وايزمان للأبحاث النووية العسكرية: تضرر هذا المركز البحثي والعسكري بشدة في الهجمات الأخيرة.
مبنى أمان، مديرية الاستخبارات العسكرية.
مبنى الموساد.
مواقع سرية بديلة لمقر قيادة الاستخبارات الإلكترونية الإسرائيلية، "الوحدة 8200"، في هرتسليا.
منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قيساريا.
المراكز الحضرية والخدمية
القناتان التلفزيونيتان العبريتان 14 و16
مطار بن غوريون: أهم مطار دولي في "إسرائيل"
محطة حيفا لتوليد الطاقة
محطة هدرا لتوليد الطاقة، أكبر محطة توليد طاقة في "إسرائيل"، شمال تل أبيب
كما حذّر "إسحاق باريك"، الجنرال المتقاعد في الجيش الإسرائيلي، من أن "إسرائيل" ستواجه خطر الشلل التام اقتصاديًا وجويًا وتجاريًا وعسكريًا في حال تحققت خطط إيران، وفي إشارة إلى التجارب السابقة للجيش الإسرائيلي، قال باريك: "في جميع الصراعات السابقة، تبدأ إسرائيل بقوة، لكنها تنتهي باتفاق أو وقف إطلاق نار؛ وهذه الدورة المتكررة مستمرة".
وأكد أن الحرب مع إيران قد تكون أخطر الحروب نظرًا لترسانتها الصاروخية وقدراتها النووية، كما حذّر باريك من أن تكلفة اعتراض كل صاروخ إيراني تصل إلى 7 ملايين دولار، في حين أن احتياطيات الدفاع الإسرائيلية محدودة لمواجهة هذا الحجم من الهجمات، ولا يمكنها الاستجابة لفترة طويلة.
تحدي نتنياهو لإقناع ترامب
نظرًا لحجم الأضرار والخسائر التي لحقت بالكيان الصهيوني خلال العدوان الذي استمر ستة أيام على إيران، فمن الطبيعي أن تبذل تل أبيب جهودًا كبيرةً لجرّ الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران، على الرغم من أن الصهاينة يواجهون تحديات كبيرة في هذا الصدد في الكونغرس الأمريكي، وحتى من حلفاء ترامب داخل الولايات المتحدة.
يحاول الديمقراطيون في الكونغرس منع الولايات المتحدة من دخول حرب "إسرائيل" مع إيران، وتعارض حركة MAGA (لنجعل أمريكا عظيمةً مرةً أخرى) باعتبارها الداعم السياسي الرئيسي لترامب بين الجمهوريين والمحافظين الجدد، دخول ترامب مرةً أخرى إلى حرب مجهولة في الشرق الأوسط.
حركة MAGA هي حركة أمريكية محافظة وانعزالية تهدف إلى إبعاد الولايات المتحدة عن التكاليف الدولية، ويتعارض دخول ترامب في حرب "إسرائيل" مع إيران مع جميع شعارات ترامب الانتخابية بين المحافظين لإبعاد الولايات المتحدة عن الحرب، وعليه، فإن أمام "إسرائيل" مهمة صعبة لإقناع ترامب بالدخول في الحرب مع إيران، ومن ناحية أخرى، من دون دخول الولايات المتحدة في الحرب، لم تتمكن "إسرائيل" من تحقيق أهدافها الرئيسية والمرغوبة في العدوان على إيران حتی الآن.