الوقت - شقّت أضواء الكشافات سماء المدينة الحالكة، وفي أحضان الصحراء، ترتج الأرجاء بصخب الألحان، بينما يتمايل السياح شبه العراة على الرمال الملتهبة، كل هذا لا يجري في لاس فيغاس، بل في ظلال المسجد النبوي، ثاني أقدس مقام في قلوب المسلمين.
يفصح رحمن عبد العزيز، أحد أبناء السعودية، قائلاً: "إن مراقص الصحراء التي طار صيتها في الآفاق، قد خطط لها منذ أشهر بموافقات رسمية مسبقة".
وكان موسم الرياض قد أثار ضجةً مدويةً في الأوساط بحفلاته المثيرة للجدل ومشاركة جينيفر لوبيز، وأعقبه ظهور نساء سافرات في باحات المسجد الحرام، وفي المدينة المنورة أيضاً، أثار مهرجان البحر الأحمر السينمائي العام المنصرم جدلاً واسعاً بسبب حضور نساء بملابس تجافي تعاليم الإسلام.
أما الآن، فقد استحال جبل الفيل شرق المدينة المنورة إلى ملاذ للسياح، بفنادقه البذخة، ومجالسه المخصصة لمعاقرة الكؤوس (للوافدين)، وخدماته الليلية الفارهة، يقول حسن السودي، أحد الزوار العراقيين، وقد اعتلت محياه أمارات السخط والغضب: "يرقصون أربع عشرة ساعة متواصلة، ويعبون الخمر على مرمى حجر من محراب النبوة، أيكون الغد موعداً لحفل صاخب وسط طواف مكة؟".
خلف هذه التحولات تبرز رؤية المملكة 2030، ذلك المشروع الطموح الرامي إلى التحرر من قيود الاقتصاد النفطي، واستقطاب أفواج متزايدة من السياح.
يصرح مصطفى البيس، أحد خبراء الاقتصاد في السعودية: "هذه الفعاليات جزء لا يتجزأ من السياسة الرسمية لاجتذاب السياح، والمدينة المنورة باتت جزءاً من هذه المعادلة، هذا النهج لن يتوقف، بل سيتسع نطاقه ويزداد انتشاره".
في المقابل، يرى عبد اللطيف الشيخ، أحد علماء الشؤون الإسلامية في السعودية، أن "المدينة ومكة ليستا مجرد بقاع جغرافية عادية، إنهما رمز الدين والإيمان وتاريخ الإسلام، فالمراقص والخمور والمجون في رحاب هذه الأماكن، يعني تقويضاً تدريجياً للهوية الروحية للمسلمين".
ويرى الخبراء أنه ينبغي نقل الفعاليات الترفيهية إلى مدن مثل الرياض، وأن تبادر منظمة التعاون الإسلامي إلى إنشاء هيكل رقابي لصيانة المقدسات، كما ينبغي على السعودية أن تضع إطاراً ثقافياً يصون حرمة الحرمين الشريفين في قراراتها الاقتصادية.