الوقت- يبدو أن عقد لقاء بين رئيسي الولايات المتحدة وروسيا أصبح أقرب من أي وقت مضى. وتحدث الكرملين، بصفته المكتب الرئاسي الروسي، عن استعداد فلاديمير بوتن، وفي الأسبوع الماضي التقى وزيرا الخارجية الأميركي والروسي في المملكة العربية السعودية. وكان اللقاء بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي في السعودية هو الأول منذ خمس سنوات، وقد مضى الآن أكثر من ست سنوات منذ اللقاء الأخير بين بوتين وترامب. كما كان الحال في الأسبوع الماضي، كان هناك حديث عن أن المملكة العربية السعودية هي مكان اجتماع رئيسي الولايات المتحدة وروسيا.
لماذا السعودية؟
لم يكن اختيار المملكة العربية السعودية كمكان للمفاوضات بين بوتين وترامب من دون حساب. ستكون الحرب في أوكرانيا أحد المواضيع الرئيسية في المحادثات بين الرئيسين الأمريكي والروسي. ونظراً للنهج المحايد نسبياً الذي تتبناه المملكة العربية السعودية تجاه القضية الأوكرانية، فإن اختيار السعودية كمكان للمحادثات يشير إلى أن واشنطن وموسكو تتشاطران وجهة نظر مشتركة بشأن حياد المملكة العربية السعودية في القضية الأوكرانية. وقال الدكتور خضر أبو دية، أستاذ العلاقات الدولية، لبي بي سي إنه في الماضي كان يتم اختيار مدن مثل جنيف لمثل هذه المفاوضات، لكن تدهور علاقات روسيا مع سويسرا ودول أوروبية أخرى أدى إلى النظر في خيار آخر، مثل المملكة العربية السعودية.
وتعتبر السعودية أيضًا من بين الدول التي لعبت دور الوساطة في عملية تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، ونجحت في كسب ثقة الجانبين. ويجب أن نضع في الاعتبار أيضًا أن المملكة العربية السعودية تمكنت من إقامة شراكة طويلة الأمد مع روسيا بشأن قضايا النفط والطاقة، وبالنسبة لكل من بوتن وترامب، تعتبر الرحلة إلى المملكة العربية السعودية بمثابة رحلة إلى حليف وثيق.
مواضيع التفاوض
ويبدو أن المفاوضات بين ترامب وبوتين ستتناول مواضيع مختلفة، وستكون قضية أوكرانيا مجرد أحد المواضيع التي سيتم مناقشتها. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف في مقابلة مع وسائل الإعلام الروسية الرسمية إن اللقاء المحتمل بين بوتن وترامب قد يشمل مناقشات واسعة النطاق حول مختلف القضايا العالمية، وليس فقط قضية أوكرانيا. وأكد ريابكوف أن روسيا والولايات المتحدة تتجهان نحو التطبيع الكامل للعلاقات بينهما. وقال: "ستتم مناقشة مسألة إطلاق تحرك نحو تطبيع العلاقات بين بلدينا، وإيجاد السبل لحل القضايا الأكثر حدة وخطورة، بما في ذلك القضية الأوكرانية، في هذه المحادثات".
الضوء الأخضر من ترامب لبوتن
ومنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، أشاد مراراً وتكراراً بشخصية الرئيس الروسي وفلاديمير بوتين نفسه. وبحسب تقرير بوليتيكو، فإن ترامب تصرف أو تحدث لصالح روسيا 29 مرة على الأقل في الولايات المتحدة في أقل من شهرين. ومن بين تصرفات ترامب وتصريحاته ومواقفه في تقاربه مع روسيا خلال الشهرين الماضيين:
مكالمة هاتفية مدتها 90 دقيقة مع بوتن: بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على حرب أوكرانيا في عام 2022، أجرى ترامب مكالمة هاتفية مدتها 90 دقيقة مع بوتن لأول مرة كرئيس للولايات المتحدة منذ بدء حرب أوكرانيا.
ترامب يشيد ببوتين ويصفه بالشخصية المحترمة
أعرب ترامب عن اهتمامه بعودة روسيا إلى صفوف الدول الصناعية الرائدة في العالم وتحويل مجموعة السبع إلى مجموعة الثماني واعتبر ترامب استبعاد روسيا من الدول الصناعية خطأ.
- ضوء أخضر لبوتن للاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية: وصف وزير الدفاع الأمريكي بيت هيكست قرار أوكرانيا باستعادة كل الأراضي التي استولت عليها روسيا منذ عام 2014 بأنه خيال غير واقعي وساذج.
- عضوية أوكرانيا خارج الناتو: من خلال القول بأن كييف لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي، حصل وزير الدفاع الأمريكي على موافقة روسيا على عدم توسع الناتو.
- عدم إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا: هذه هي نفس القضية التي حذرت منها روسيا مرارًا وتكرارًا من إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا، كما نفى وزير الدفاع ترامب أيضًا أي نشر لقوات في أوكرانيا.
- التلميح إلى أن أوكرانيا مسؤولة عن بدء الحرب: في الأسبوع الماضي، قال دونالد ترامب إن أوكرانيا "لا ينبغي لها أن تبدأ الحرب مع روسيا!" ويعتبر موقف ترامب متوافقا مع أهداف روسيا.
الغائبون العظماء
يبدو أن الأطراف الأوروبية وأوكرانيا هي الغائبة الكبرى في المفاوضات المقبلة بين الرئيسين الأميركي والروسي. أوكرانيا وأوروبا ليستا حتى في غرفة المفاوضات. وتدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا، ولم تتمكن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين حتى من إجراء مكالمة هاتفية مع ترامب في الشهر الأول من عودته إلى الرئاسة. من ناحية أخرى، يصف ترامب الرئيس الأوكراني علانية بالديكتاتور، وليس لديه أي رغبة في مقابلته. وفي هذا الوضع، يبدو أن ترامب يسعى إلى تصميم بنية أمنية جديدة بالتعاون مع روسيا، ومن غير المرجح أن تتضمن هذه البنية الأمنية أي إشارة إلى أوروبا أو أوكرانيا.