الوقت- مع عودة ترامب للبيت الأبيض تشهد الأجواء مجدداً تحركات حثيثة لصهره غاريد كوشنر الذي اقترح فكرة الاستيلاء على قطاع غزة، حيث يمتلك مصالح تجارية في العقارات.
حيث واصل جاريد كوشنر في الآونة الأخيرة، تعزيز نشاطاته الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط، مستفيدًا من علاقاته السابقة مع الدول الخليجیة.
هذه الاستثمارات تأتي في سياق أوسع لبناء إمبراطورية أعمال في المنطقة، حيث استثمر كوشنر مئات الملايين من الدولارات وأصبح عضوًا في مجلس إدارة شركة "كيو إكس أو"، وهي شركة استحواذ يقودها الملياردير برادلي جاكوبس، والتي أطلقت مؤخرًا محاولة استحواذ بقيمة 11 مليار دولار على شركة أمريكية لمنتجات البناء، كما أنشأ استثمارات كبيرة في شركتين إسرائيليتين بارزتين، بما في ذلك شركة "فينيكس فاينانشيال"، وهي شركة تأمين تدير أصولًا تزيد قيمتها على 100 مليار دولار.
هذه التحركات تعكس استمرار كوشنر في استغلال علاقاته السياسية السابقة لتعزيز مصالحه الاقتصادية في المنطقة، ما يثير تساؤلات حول تأثير هذه الاستثمارات على السياسات الإقليمية والدولية.
من الجدير بالذكر أن كوشنير قد وصف الصراع العربي الإسرائيلي بأكمله بأنه "ليس أكثر من نزاع عقاري بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، حسب تعبيره، وقال في فعالية في هارفارد في فبراير 2024 "العقارات على الواجهة البحرية لغزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، إذا ما ركز الناس على توفير سبل العيش".
أحلام كوشنر لشواطئ القطاع
في الآونة الأخيرة، برزت تقارير إعلامية تتحدث عن تطلعات جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لتحويل شواطئ قطاع غزة إلى منطقة سياحية فاخرة تُعرف بـ"ريفييرا غزة"، تُشير هذه التقارير إلى أن كوشنر، الذي شغل سابقًا منصب مستشار الرئيس الأمريكي، يرى في الواجهة البحرية لغزة فرصة استثمارية قيّمة، ويطمح إلى تطويرها لتصبح وجهة سياحية مميزة.
في أكتوبر 2024، وصف كوشنر الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني بأنه "نزاع عقاري"، ما يعكس رؤيته الاقتصادية لحل هذا الصراع عبر مشاريع تنموية واستثمارية، وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة، حيث اعتبرها البعض تبسيطًا لقضية معقدة تتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني.
من الجدير بالذكر أن هذه الخطط تتطلب إخلاء السكان الفلسطينيين من مناطقهم الساحلية، وهو ما يثير تساؤلات حول مصير هؤلاء السكان وحقوقهم، وقد وصف بعض المحللين هذه الرؤية بأنها "تطهير عرقي" مقنّع بمشاريع تنموية، ما يجعلها غير شرعية بموجب القانون الدولي.
تُشير بعض المصادر إلى أن كوشنر يسعى للحصول على دعم مالي من مستثمرين دوليين، بما في ذلك صناديق استثمارية من دول الخليج، لتحقيق هذه الرؤية، ومع ذلك، يظل تنفيذ مثل هذه المشاريع مرهونًا بالوضع السياسي والأمني في المنطقة، بالإضافة إلى قبول المجتمع الدولي والفلسطينيين أنفسهم.
في الختام، تُعَدّ رؤية كوشنر لتحويل شواطئ غزة إلى "ريفييرا" مشروعًا طموحًا، لكنه يواجه تحديات سياسية وقانونية وأخلاقية كبيرة، ويبقى التساؤل حول إمكانية تحقيق هذه الرؤية دون المساس بحقوق السكان الأصليين ودون انتهاك القوانين الدولية.
كوشنر وترامب: شراكة اقتصادية وسياسية
رغم محاولاته تقديم نفسه كرجل أعمال منفصل عن السياسة، إلا أن كوشنر لا يزال يمثل "حلقة الوصل" بين حكام الخليج وإدارة ترامب المحتملة في المستقبل، تشير تقارير إلى أن العديد من المستثمرين الخليجيين يعتبرون ضخ الأموال في مشاريع كوشنر "استثمارًا استراتيجيًا" لضمان نفوذهم وخصوصاً بعد عودة ترامب إلى الحكم.
هذا النفوذ ظهر بوضوح عندما عُيّن كوشنر عضوًا في مجلس إدارة شركة "QXO"، التي تدير استثمارات ضخمة وتستعد للاستحواذ على شركات أمريكية كبرى، في خطوة تعكس سعيه لبناء إمبراطورية اقتصادية ذات تأثير سياسي كبير.
استغلال عودة ترامب إلى البيت الأبيض
مع عودة ترامب للإدارة الأمريكية، تتزايد تحركات كوشنر بين الرياض وأبوظبي والدوحة، حيث يسعى لإعادة بناء التحالفات السياسية والاقتصادية التي كان يديرها خلال فترة حكم ترامب السابقة.
يعتقد المحللون أن كوشنر يعمل على تعزيز فكرة أن عودة ترامب ستعيد "العصر الذهبي" للعلاقات الأمريكية الخليجية، وخصوصًا بعد الفتور الذي شهدته هذه العلاقات خلال إدارة بايدن، التي فرضت قيودًا على مبيعات الأسلحة للسعودية ووجهت انتقادات لانتهاكات حقوق الإنسان.
على الرغم أنه و حتى تاريخ اليوم، لا توجد معلومات مؤكدة تشير إلى أن الرئيس السابق دونالد ترامب قد كلّف صهره، جاريد كوشنر، بمهمة جمع استثمارات من الدول العربية الثرية. ومع ذلك، يواصل كوشنر، من خلال صندوقه الاستثماري "أفينيتي بارتنرز"، تعزيز استثماراته في منطقة الشرق الأوسط، مستفيدًا من العلاقات التي بناها خلال فترة عمله كمستشار في البيت الأبيض.
في عام 2021، جمع كوشنر أكثر من 3 مليارات دولار من مستثمرين دوليين، بما في ذلك استثمارات كبيرة من المملكة العربية السعودية ،وفي يناير 2025، ضاعف كوشنر استثماره في شركة "فينيكس المالية" الإسرائيلية، ما يعكس استمراره في توسيع نشاطاته الاستثمارية في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، طرح كوشنر فكرة تطوير شواطئ قطاع غزة لتصبح "ريفييرا" سياحية، مشيرًا إلى الإمكانات الاقتصادية للمنطقة إذا تم التركيز على تحسين سبل العيش فيها.
بينما لا توجد دلائل على تكليف رسمي من ترامب لكوشنر بجمع استثمارات من الدول العربية الثرية في عام 2025، يواصل كوشنر استغلال شبكة علاقاته لتعزيز استثماراته في الشرق الأوسط.
ختام القول
من الواضح أن جاريد كوشنر يرى في عودة ترامب إلى البيت الأبيض فرصة ذهبية لمضاعفة نفوذه وثروته في الشرق الأوسط، وبالنظر إلى حجم الاستثمارات التي حصل عليها من دول الخليج، يبدو أنه لا يزال يحظى بثقة قوية لدى القادة العرب الذين يسعون لضمان حماية مصالحهم الاستراتيجية عبر هذه العلاقة، وعلى كل الأحوال، تبقى أنشطة كوشنر الاقتصادية والسياسية نموذجًا صارخًا لاستغلال النفوذ في السياسة الأمريكية من أجل تحقيق مكاسب شخصية، وهي استراتيجية يبدو أنها ستستمر خلال السنوات القادمة.