الوقت - تواجه حركة "حماس" تحديات كبيرة في ظل الظروف السياسية المتغيرة، حيث تسعى للبحث عن دولة جديدة لاستضافة مكتبها السياسي بعد أن أُشيع عن نية قطر إغلاق مكتب الحركة.
ومع تصاعد التكهنات حول إمكانية انتقال المكتب إلى تركيا، تأتي تحذيرات أمريكية وإسرائيلية لتلقي بظلالها على هذا الخيار، ما يدفع الحركة إلى استكشاف بدائل أخرى.
في ظل العلاقات الإيجابية مع أنقرة، يبقى مصير المكتب السياسي لـ "حماس" معلقًا بانتظار مزيد من التطورات السياسية والإقليمية.
يبدو أن حركة “حماس” حتى هذه اللحظة لم تجد دولة جديدة توافق على استضافة مكتبها السياسي، بعد الحديث عن توجه قطر إلى إغلاق مكتب الحركة بعد سنوات طويلة من الاستضافة والحماية.
الكثير من وسائل الإعلام ركزت على أن تركيا قد تكون الدولة المفضلة لقادة “حماس” في الوقت الراهن بعد قطر، إلا أن المعلومات المتوافرة وكذلك التحذير الأمريكي الصريح الذي خرج في الساعات الماضية قلص من واقعية هذا الأمر، وعلى “حماس” البحث عن دول بديلة أخرى غير تركيا.
ورغم أن العلاقات بين “حماس” وتركيا متمثلة برئيسها رجب طيب أردوغان، تمر بمرحلة “إيجابية جدًا”، إلا أن أنقرة حتى هذه اللحظة لم تبلغ الحركة رسميًا بقرار الموافقة، وهو ما يعزز أن تركيا تتعرض لضغوطات أمريكية وإسرائيلية كبيرة لرفض استضافة قادة حركة “حماس” بشكل دائم على أراضيها.
وأمام حركة “حماس” ستكون الدول التي من الممكن أن توافق على استضافة مكتبها السياسي تقلصت إلى 3 دول وهي “اليمن، إيران، العراق”، بعد أن نأت الكثير من الدول بنفسها الدخول بهذا الملف الشائك.
ويبدو أن الضغوطات والتهديدات الأمريكية الصريحة قد نجحت في تقليص عدد الدول العربية التي يمكن أن تستضيف قادة حركة “حماس”، وفق مراقبين.
وأمس حذرت وزارة الخارجية الأمريكية تركيا من إيواء حركة “حماس”، وسط تقارير تفيد بأن القادة السياسيين للحركة قد انتقلوا من قطر إلى الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وردا على سؤال عن تقارير تفيد بأن بعض قادة حماس انتقلوا إلى تركيا من قطر، لم يؤكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر هذه التقارير، لكنه قال إنه ليس في موقف يسمح له بتفنيدها، وقال إن واشنطن ستوضح للحكومة التركية أنه لا يمكن أن تستمر الأمور كالمعتاد مع حماس.
وأضاف ميلر إنه لا يستطيع تأكيد أو نفي التقارير التي تفيد بأن مسؤولين من القيادة السياسية للجماعة الفلسطينية المسلحة قد انتقلوا من قطر إلى دولة حليفة لحلف الناتو، لكنه قال: “لا يمكن أن يكون هناك المزيد من العمل كالمعتاد مع حماس".
وأشار ميلر إلى لائحة الاتهام التي كشفت عنها وزارة العدل الأمريكية في سبتمبر ضد عدد من كبار مسؤولي حماس، بمن فيهم خالد مشعل، الذين وجهت إليهم تهمة التآمر لقتل مواطنين أمريكيين في الـ7 من أكتوبر، وكان اثنا عشر أمريكيًا قد اختطفوا خلال هجوم حماس على جنوب "إسرائيل"، وقد تم إطلاق سراح العديد منهم العام الماضي، ومن بين المواطنين الأمريكيين السبعة الذين لا يزالون في غزة، تأكد مقتل ثلاثة منهم.
وأضاف ميلر إن بعض قادة “حماس” يواجهون اتهامات أمريكية، وتعتقد واشنطن أنه يجب تسليمهم إلى الولايات المتحدة، وقال ميلر في إفادة صحفية دورية “نعتقد أنه يجب ألا يعيش زعماء هذه المنظمة في راحة في أي مكان، وهذا يشمل بالتأكيد… مدينة كبيرة وأحد حلفائنا وشركائنا الرئيسيين”.
ونفى مصدر دبلوماسي تركي يوم الإثنين التقارير التي تحدثت عن نقل حركة حماس لمكتبها السياسي إلى تركيا، مشيرا إلى أن أعضاء من الحركة يزورون البلاد بين الحين والآخر فقط.
وقالت الدوحة الأسبوع الماضي: إنها أبلغت “حماس” و"إسرائيل" بأنها ستجمد جهود الوساطة التي تبذلها للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى لحين إظهارهما الجدية والإرادة الحقيقية لاستئناف المحادثات، ووصفت الدوحة تقارير إعلامية عن أنها أبلغت حماس بمغادرة البلاد بأنها غير دقيقة.
وجدد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، تأكيد عدم صدور أي قرار قطري بإغلاق مكتب حركة حماس في الدوحة، قائلا إن ذلك “لم يحدث وفي حال صدر قرار فسيصدر بشكل رسمي”.
وقال الأنصاري في إفادة صحفية دورية، يوم الثلاثاء: إنه إذا تمت هذه الخطوة “ستعلن قطر من خلال هذا المنبر”، مضيفاً: “ممثلو حماس مرحب بهم في قطر وعند السفر إذا أرادوا، والمكتب ليس له وظيفة إلى أن يصبح له دور في المفاوضات”.
وتابع: “نحن ننسق مع شركائنا في تركيا فيما يتعلّق بقضايا غزة ولبنان.. وقادة حماس يتنقلون بسهولة”.
وأوضح الأنصاري، أنّ قطر اتخذت قراراً بتعليق وساطتها في المفاوضات بشأن غزة “نتيجة لعدم جدية الأطراف”، لافتاً إلى أنّ القرار لا يزال قائماً، لكنه لفت إلى أنّ تعليق المفاوضات “لا يعني أنّ جهود خفض التصعيد توقفت”.
وقال المصدر الدبلوماسي: “أعضاء المكتب السياسي لحماس يزورون تركيا من وقت لآخر، والادعاءات التي تشير إلى أن المكتب السياسي لحماس انتقل إلى تركيا لا تعكس الحقيقة”.
ونفت تركيا بشكل قاطع وجود أي نية لنقل مقر حركة حماس من قطر إلى أراضيها، في رسالة تحمل دلالات سياسية موجهة للأطراف المعنية، وخصوصًا الدوحة التي قد تكون استفسرت عن الموقف التركي بهذا الشأن.
ويُظهر تسريب هذا الموقف الرسمي عبر مصادر مجهولة محاولة لتجنب الإحراج عن المسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، وإيصال رسالة مفادها بأن أنقرة تضع مصالحها فوق كل اعتبار، ولا ترغب في إثارة توترات مع الولايات المتحدة و"إسرائيل".
من جهتها، حذرت الولايات المتحدة تركيا من استقبال قادة حماس أو التعامل معهم، ويبدو أن الموقف التركي المتسرب جاء استباقًا لتحذيرات أمريكية صارمة بشأن استضافة قادة الحركة، ما يعكس رغبة أنقرة في تجنب مواجهة دبلوماسية مع واشنطن.
وتسعى تركيا من خلال موقفها المعلن إلى توجيه رسالة واضحة لقطر وحماس، بأن عليهما البحث عن بدائل بعيدًا عن أراضيها.
وقد يكون هذا الموقف ردا على محاولة جس نبض تركي، ربما تمت خلال زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى أنقرة، بشأن مصير قادة حماس بعد فشل الوساطة القطرية في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.