الوقت - تؤكد التقارير الاستخباراتية أن فصائل المقاومة الفلسطينية قد نجحت، بعد عام من المواجهات الضارية، في تطوير قدرات فريدة لإعادة تدوير الذخائر الإسرائيلية المتخلفة وتحويلها إلى أسلحة فتاكة تُستخدم ضد قوات الاحتلال ذاتها، ما يشكّل تحولاً نوعياً في ميزان القوى العسكري.
وفي تحليل نشره موقع "الخليج أونلاين"، يتضح أن المقاومة الفلسطينية، في عامها الثاني من التصدي للعدوان على غزة، تواصل إبداعها في مجابهة آلة حربية متطورة وسط التضاريس المعقدة للمناطق الحضرية، وقد برع المقاومون في استغلال المواد المتفجرة غير المنفجرة من مخلفات القصف الإسرائيلي، محوّلين إياها إلى أدوات ردع فعالة.
وفي لفتة تعكس الحس الاستراتيجي العالي، تقوم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، بإعادة تصنيع بقايا الصواريخ الإسرائيلية لإنتاج عبوات ناسفة متقدمة، مزينة إياها بعبارة ذات دلالة عميقة: "نعيد إليكم بضاعتكم"، في رسالة قوية تؤكد قدرة المقاومة على قلب المعادلة العسكرية.
إلحاق الخسائر بالمحتلين بأسلحتهم
كشفت التقارير العسكرية المتخصصة عن إنجاز تكتيكي فريد حققته كتائب القسام، حيث برعت في تحويل مخلفات العدوان الصهيوني إلى أدوات ردع متطورة، فقد نجحت وحدات النخبة في القسام، عبر عمليات هندسية معقدة، في إعادة تأهيل وتوظيف الصواريخ الإسرائيلية المتخلفة، ما أسفر عن إلحاق خسائر استراتيجية موجعة في صفوف قوات الاحتلال.
وفي عملية نوعية تجلت فيها براعة التخطيط ودقة التنفيذ، نجح مقاتلو القسام في نصب كمين محكم لقوة مشاة إسرائيلية مختارة في إحدى البنايات غرب مخيم جباليا شمال القطاع، مستخدمين في ذلك أسلحة الکيان ضد نفسه، في مفارقة عسكرية تستحق التأمل والدراسة.
وفي مشهد يعكس تفوقاً تكتيكياً لافتاً، وثقت عدسات الإعلام الحربي للقسام، لحظات مهيبة لمجموعة من النخبة الفلسطينية وهي تستهدف، بدقة متناهية، تجمعات للجنود الصهاينة باستخدام صواريخ GBU المتطورة - وهي من أحدث منظومات السلاح الإسرائيلي، واختُتمت هذه المشاهد بعبارة موجزة: "نعيد إليكم بضاعتكم".
وفي سياق الإنجازات النوعية، كشفت المصادر العسكرية عن عملية هندسية معقدة نفذها خبراء القسام، حيث تمكنوا من إعادة تفعيل صاروخين ضخمين - يزن كل منهما طنين - كانت قوات الاحتلال قد أطلقتهما على المدنيين دون أن ينفجرا، وفي تحول دراماتيكي للمعادلة العسكرية، نجح المهندسون المقاومون في تحويل هذين الصاروخين إلى أسلحة فتاكة، ما أسفر عن تدمير خمس دبابات ميركافا إسرائيلية متطورة بطواقمها الكاملة، موجّهين بذلك ضربةً موجعةً لقدرات الکيان العملياتية.
وحدة النخبة المتخصصة
قامت كتائب القسام أيضًا باستحداث وحدة نخبوية فائقة التخصص، تتسم بمستوىً رفيع من الكفاءة والاحترافية، حيث تُعنى باسترجاع وتحييد القذائف والعبوات الضخمة غير المنفجرة.
تضطلع هذه الوحدة المتميزة بمهمة جوهرية تتمثل في إجراء فحوصات متقدمة ودراسات تحليلية معمقة للذخائر غير المنفجرة بعد تحييد مخاطرها، وذلك بهدف استكشاف الإمكانات الاستراتيجية لإعادة توظيفها، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المنظومات التسليحية تحتوي على مركبات فائقة الخطورة، ما يستدعي خبرات استثنائية ومهارات متخصصة للتعامل معها وفق أعلى معايير السلامة والأمان.
وفيما يتعلق بالمنهجية المتبعة في إعادة تأهيل المنظومات التسليحية الإسرائيلية غير المنفجرة من قِبَل قوات المقاومة الفلسطينية، فإنها تمرّ بسلسلة من المراحل الدقيقة والمعقدة، تبدأ بإجراء دراسات هندسية معمقة للتركيبات البنيوية وتحليلات كيميائية دقيقة للمكونات، مروراً بعمليات استخلاص المواد المتفجرة باحترافية عالية، ثم تنفيذ عمليات التسليك للرؤوس الحربية ووحدات الدفع، وصولاً إلى مرحلة إعادة تعبئة المواد المتفجرة، وتركيب الرؤوس التفجيرية على منظومات الدفع، وانتهاءً بتجهيز المنظومة الصاروخية وإطلاقها نحو أهدافها المحددة بدقة متناهية.
ويؤكد الخبير العسكري "يوسف الشرقاوي" أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تتبنى نهجاً استراتيجياً يعتمد على تعظيم القدرات الذاتية، واستكشاف كل الخيارات المتاحة لمجابهة قوات الاحتلال، وقد أوضح الشرقاوي، في حوار مع صحيفة "العربي"، أن المقاومة، بعد انقضاء ما يربو على العام من استنزاف مخزونها الاستراتيجي، أضحت في حاجة لتعزيز ترسانتها العسكرية، وعليه، تقوم المقاومة بتوظيف المنظومات التسليحية المستخلصة من القذائف والعبوات الإسرائيلية غير المنفجرة، في عملياتها المضادة لقوات الاحتلال.
وتكشف التقارير الاستراتيجية المتخصصة، أن المواد التي نجحت المقاومة الفلسطينية في استخلاصها من المنظومات الصاروخية والقذائف الإسرائيلية غير المنفجرة، تتسم بفعالية تدميرية استثنائية، نظراً لاحتوائها على مركبات كيميائية إسرائيلية متطورة ذات قدرات تفجيرية متفوقة.
إنهاك جيش الاحتلال في غزة وخسائره البشرية الفادحة
كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن تحولٍ دراماتيكي في طبيعة الخسائر البشرية التي تتكبدها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث تصدرت العبوات الناسفة قائمة أسباب سقوط الجنود، متجاوزةً الخسائر الناجمة عن الصواريخ المضادة للدروع والأسلحة التقليدية الأخرى.
وحسب الإحصائيات الموثقة من مركز المعلومات الفلسطيني، فقد بلغت الحصيلة الإجمالية للقتلى في صفوف جيش الاحتلال خلال شهر أكتوبر سبعة عشر جندياً، حيث لقي أحد عشر منهم حتفهم جراء انفجار العبوات الناسفة، موزعين على النحو التالي: خمسة في منطقة جباليا، وثلاثة في رفح، وثلاثة آخرون في محور نتساريم، وأكدت الصحيفة أن هذه الخسائر نجمت عن عبوات ناسفة، تم زرعها بعناية في المنشآت السكنية والمباني المستهدفة.
وفي تحليلها للظاهرة، عزت "هآرتس" الإخفاق في اكتشاف هذه المتفجرات قبل تفعيلها إلى السياسة الجديدة القاضية بتقليص الدعم الجوي والمدفعي للقوات البرية، وأوضحت الصحيفة أن البروتوكولات العسكرية السابقة، كانت تقتضي تنفيذ ضربات جوية استباقية حول المباني المستهدفة، لإحداث موجات تفجيرية كفيلة بتفعيل أي عبوات ناسفة محتملة، غير أن هذه الممارسة شهدت تراجعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة.
ويُرجع جيش الاحتلال هذا التحول الاستراتيجي إلى عاملين رئيسيين: الأول يتمثل في العقوبات الدولية المفروضة على الكيان الإسرائيلي من قِبل الدول المصدرة للمعدات العسكرية الجوية، والثاني يتعلق بتصاعد العمليات العسكرية على الجبهة اللبنانية، التي باتت تستحوذ على الأولوية في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.
وفي المقابل، يصرّ كبار الضباط الإسرائيليين على أن القيود المفروضة على التسليح، لا تؤثر على كفاءة الغطاء الجوي والمدفعي في استهداف البنية التحتية للمقاومة، وتنقل الصحيفة العبرية عن القيادات العسكرية لجوءها إلى استراتيجيات بديلة لحماية أرواح جنودها، من بينها توظيف المركبات المسيّرة عن بُعد لنقل المتفجرات داخل المباني المستهدفة.