الوقت - طالب العديد من المسؤولين والخبراء في الأيام الأخيرة بتعليق عضوية الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة بسبب جرائمه ضد الفلسطينيين وضد المنظمة نفسها.
حيث أشار مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، خلال الاجتماع المشترك لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، إلى الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني ولبنان، وأكد أن الوقت قد حان لطرد الكيان من الأمم المتحدة.
ولفت غريب آبادي إلى الدعم الكامل الذي تتلقاه "إسرائيل" من الولايات المتحدة والدول الغربية، ما يحميها من المحاسبة عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي والعنصرية والإبادة الجماعية.
وأشار غريب آبادي إلى أن الكيان الصهيوني يعمل على تقويض شرعية الأمم المتحدة، من خلال تمزيق ميثاق المنظمة، واعتبار الأمين العام للأمم المتحدة شخصاً غير مرغوب فيه، وحظر أنشطة الأونروا في الأراضي المحتلة، وقتل مئات من موظفي الأمم المتحدة، وتجاهل أحكام محكمة العدل الدولية، وانتهاك المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، وأكد في هذا السياق أن الوقت قد حان لطرد "إسرائيل" من الأمم المتحدة.
من جهته جدد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم من العاصمة المصرية القاهرة، دعوته لطرد "إسرائيل" من الأمم المتحدة لما تمارسه من انتهاكات وجرائم بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقال رئيس الوزراء الماليزي -خلال مؤتمر صحفي مشترك- مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأحد: "إن بلاده تعد "مسودة مشروع لطرد إسرائيل من الأمم المتحدة"، بسبب رفضها السماح بمرور المساعدات الإنسانية، وارتكاب "إبادة جماعية" بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
وأشار رئيس الحكومة الماليزية إلى "أن الخيار الوحيد للتعامل مع دولة ترفض الامتثال لقرارات مجلس الأمن والقرارات الأممية هو "الطرد من الأمم المتحدة".
أين الأمم المتحدة؟
هذا السؤال يتكرر منذ بداية الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على غزة، مع ازدياد أعداد الشهداء وتوسع دائرة الصراع، يبدو أن الأمم المتحدة عاجزة عن أداء مهمتها في "إنقاذ البشرية من ويلات الحرب"، وهو الهدف الذي تأسست من أجله.
وفي الوقت الذي أدان فيه أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الكيان الصهيوني مرارا، منع من دخول الأراضي المحتلة، وتم تجاهل طلباته.
محاولات الأمم المتحدة لفرض عقوبات على الكيان الصهيوني باءت بالفشل، إذ تتطلب العقوبات موافقة مجلس الأمن، لكن الولايات المتحدة استعملت حق النقض (الفيتو) ضد مشاريع قرارات تهدف إلى فرض هذه العقوبات.
كما ظهرت دعوات لتعليق عضوية الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة، فقد طالب مايكل فخري، المقرر الخاص للأمم المتحدة لحق الغذاء، في الـ 30 من أكتوبر من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتعليق عضوية الكيان الصهيوني بسبب هجماته على منظومة الأمم المتحدة.
وأعربت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة لحقوق الإنسان، عن ضرورة النظر في تعليق العضوية حتى يتوقف الكيان عن انتهاك القوانين الدولية ويتراجع عن الاحتلال الواضح غير القانوني.
علاقات الكيان الصهيوني بالأمم المتحدة
تدهورت العلاقات بين الكيان الصهيوني والأمم المتحدة خلال العقود الماضية، وخاصة بسبب موقف الأمم المتحدة تجاه قضاياه، وزادت حدة التوتر في الأشهر الأخيرة مع تصاعد الحرب في غزة.
يشير العديد من المراقبين إلى أن الكيان الصهيوني انتهك عدة قرارات ومعاهدات أممية، بما فيها اتفاقية منع الإبادة الجماعية، خلال حملته على غزة، واتهم بعض مسؤولي الأمم المتحدة الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب، كما تسبب الكيان في مقتل 230 من موظفي الأمم المتحدة في الحرب، ويقول مسؤولون إن الكيان تعمد استهداف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان.
وتصاعدت الأعمال العدائية ضد الأمم المتحدة في الـ 28 من أكتوبر عندما حظر البرلمان الصهيوني (الكنيست) عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) داخل الأراضي المحتلة، ما أثار موجة من الاستنكار.
صلاحيات الأمم المتحدة لتعليق عضوية الكيان الصهيوني
بسبب العداء الصريح للأمم المتحدة، تتزايد المطالبات بتعليق عضوية الكيان الصهيوني، وذكرت صحيفة كونفرسيشن أن هذا الإجراء ممكن قانونيًا، حيث تنص المادتان 5 و6 من ميثاق الأمم المتحدة على إمكانية تعليق أو طرد عضو إذا ثبت انتهاكه المستمر للمبادئ المنصوص عليها في الميثاق.
لكن تنفيذ هذا الإجراء يتطلب موافقة الجمعية العامة وتوصية مجلس الأمن، ما يعني ضرورة موافقة الأعضاء الدائمين الخمسة في المجلس (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، الصين، روسيا، وفرنسا)، ونظرا لدعم الرئيس الأمريكي جو بايدن "القوي" للكيان الصهيوني، يعتبر هذا الأمر غير محتمل عمليًا.
رغم صعوبة تطبيق المادتين 5 و6، هناك سوابق تشير إلى إمكانية التعليق بقرار من الجمعية العامة فقط، كما حدث مع جنوب أفريقيا خلال نظام الأبارتايد، حيث تم تعليق مشاركتها في الأمم المتحدة من دون طردها رسميًا.
خلاصة
قد يبقى تعليق عضوية الكيان الصهيوني خيارًا رمزيًا وإن لم يكن قرارًا رسميًا بطرده من المنظمة، ما يعكس أهمية دور الجمعية العامة في اتخاذ مواقف تضامنية قوية حتى في ظل محدودية صلاحياتها التنفيذية.
وفي ضوء أهمية النضال السياسي الذي لا يقل شأناً عن المقاومة المسلحة، ترى حركة حماس ضرورة أن تتبنى الفصائل الفلسطينية إعادة ترتيب صفوفها وأوراقها، لتتمكن من بناء حركة تحرر وطني موحدة الأهداف والرؤية.
فالمواجهة مع الاحتلال تتطلب جبهة فلسطينية موحدة، تمتلك استراتيجيات فعّالة تشمل العمل السياسي والميداني. كذلك، بات من الضروري أن تدرك الدول العربية أن وجود "دولة" يديرها نظام عنصري في وسط المنطقة يشكل تهديداً وجودياً لشعوبها، وخاصة أن هذا الكيان يمتلك أسلحة نووية، ويصرّ على احتكار هذا السلاح الرهيب في المنطقة.
من هنا، تأتي دعوة حماس في رسالتها إلى القمة العربية-الإسلامية المشتركة في العاصمة السعودية الرياض لتشكيل تحالف عربي إسلامي دولي للضغط على الاحتلال ومؤيديه، بهدف وقف حرب الإبادة في غزة ولبنان، وكسر الحصار عن غزة، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، إلى جانب مقاطعة الاحتلال قانونيًا واقتصاديًا وسياسيًا، بما يعزل هذا الكيان على المستوى الدولي ويجبره على الانصياع للحقوق الفلسطينية والعربية.