الوقت- بعد مرور عام تقريباً على المجازر الوحشية الصهيونية في غزة والتي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً وفي ظل صمت عالمي منقطع النظير ما كان للمدنيين اللبنانيين إلا ترك منازلهم و قراهم بعد توسيع العمليات العسكرية في لبنان، فالمجرم الصهيوني المدجج بأحدث الأسلحة الأمريكية لا يفرق عنده طفل أو إمرأة، شاب أو عاجز كالثور الهائج والذي لم يرتو من دماء أهل غزة ليأتي اليوم ويستبيح ويسفك دماء شعب لبنان ما شكل أكبر موجة نزوح تشهدها المنطقة ولبنان وفي التاريخ، في بلد يقدّر عدد سكانه بنحو 6 ملايين نسمة، وأعلن عنه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي وهو أن عدد النازحين جراء الضربات الإسرائيلية المتواصلة في لبنان قد يكون وصل إلى "مليون شخص".
الدموية الصهيونية تتمدد
عبر عمران ريزا منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان أن التصعيد الأخير في البلاد "لم يكن أقل من كارثي"، حيث يشعر مئات الآلاف من اللبنانيين أنهم سيواجهون "مصيرا مماثلا" لغزة، مضيفاً: نشهد الفترة الأكثر دموية في لبنان منذ جيل، ويعرب الكثيرون عن خوفهم من أن هذه ليست سوى البداية"، ولوضع الأمور في سياقها، أشار المنسق الأممي إلى أنه خلال 34 يوما من الحرب في عام 2006، "كان عدد القتلى ضعف ما وقع في يوم واحد، يوم الاثنين، هذا الأسبوع، لذا فإن مستوى النزوح ومستوى الصدمة ومستوى الذعر كان هائلا".
وقال إنه خلال الأشهر الأحد عشر الماضية كان النزوح في الغالب في الجنوب والبقاع، ولكن الآن أصبح في جميع أنحاء البلاد حيث تجاوز عدد النازحين عتبة المئتي ألف، وقال: "هنا في بيروت، هناك الآلاف من الأشخاص الذين وصلوا ويتساءلون إلى أين سيذهبون بعد ذلك، وكثير من الأشخاص الذين نلتقي بهم يسألون بشكل غير جاد، من أين الطريق إلى طرابلس؟ كيف نصل إلى هناك؟"
من الجدير بالذكر أن النظام الصحي في البلاد منهك بالفعل، وخاصة بعد الانفجارات القاتلة لأجهزة الاتصالات، وإن الإمدادات الصحية قد استنفدت تقريبا، حسب تقارير رسمية فإن حوالي 80 ألف نازح لجؤوا إلى ما يقرب من 500 مأوى في الوقت الحالي، بما في ذلك 300 مدرسة تحولت إلى مراكز إيواء ما أثر على تعليم حوالي مئة ألف طالب.
الفرار من أزمة إلى أزمة
وفقا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فر عشرات الآلاف من الأشخاص عبر الحدود من لبنان إلى الأراضي السورية، حيث تقود الحكومة والشعب السوري والهلال الأحمر الاستجابة، وفي حديثه من المنطقة الحدودية، قدر ممثل المفوضية في سورية غونزالو فارغاس يوسا، أن عدد الأشخاص الذين وصلوا إلى البلاد "أكثر من 30 ألفا بكثير، حوالي 75 إلى 80 في المئة سوريون ونحو 20 في المئة لبنانيون".
وقال: "إن هؤلاء هم أشخاص يفرون من القنابل ويعبرون إلى بلد يعاني من أزمته الخاصة والعنف منذ 13 عاما، ويعاني أيضا من الانهيار الاقتصادي، أعتقد أن هذا يوضح مدى صعوبة الخيارات التي يتعين على السوريين واللبنانيين اتخاذها في الوقت الحالي".
وقال السيد فارغاس يوسا: إن عددا من الأشخاص الوافدين أصيبوا "ليس فقط خلال الرحلة الشاقة للغاية في الطريق إلى هنا، ولكن أيضا نتيجة مباشرة للانفجارات في لبنان"، وقال: "بالأمس، على سبيل المثال، رأينا امرأة تعبر مع طفلين قضيا في لبنان كان من المقرر دفنهما هنا في سوريا".
وأشار السيد فارغاس يوسا إلى أن المفوضية وشركاءها لديهم بالفعل هياكل جوهرية داخل البلاد لدعم العائدين السوريين بمجموعة كاملة من الخدمات، ويتم توسيع هذه الهياكل لدعم اللاجئين اللبنانيين، ولفت إلى أن معظم اللبنانيين الذين وصلوا حتى الآن تمكنوا من الإقامة مع أقاربهم أو أصدقائهم أو تدبير مساكن خاصة، لكن الحكومة السورية تعمل على إنشاء عدد من المراكز الجماعية في مختلف أنحاء البلاد لإيواء اللبنانيين المعوزين الذين قد لا يكون لديهم مكان للإقامة.
وقد أعلنت السلطات السورية أنها وضعت إجراءات ميسرة لدخول اللبنانيين إلى سوريا، وسُمح لهم بالدخول "طالما أنهم يحملون أي نوع من الأوراق التي تُظهر أسماءهم، وهذا أمر استثنائي للغاية حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وردا على أسئلة الصحفيين، قال ممثل المفوضية: "إنه حتى الآن، كانت المعابر الحدودية التي يتواجدون فيها آمنة ومفتوحة على مدار 24 ساعة في اليوم، ووجه نداء ليس فقط لوقف القصف بشكل عام، ولكن أيضا "لتجنب قصف الأشخاص الذين يحاولون الفرار".
استنفار العراقي لنصرة لبنان
أعطى بيان المرجعية الدينية في النجف الأشرف، ممثلة بسماحة السيد السيستاني، الذي دعا فيه إلى بذل كل الجهود الممكنة لوقف العدوان الإسرائيلي إشارة واضحة بضرورة التحرك لنصرة لبنان على المستويات السياسية، الاجتماعية، الإنسانية، وحتى العسكرية.
على الصعيد الشعبي، شهدت المدن العراقية من شمالها إلى جنوبها حملات تبرع واسعة لنصرة الأهالي في لبنان، وشاركت في هذه الحملات المواكب الحسينية، الحشد الشعبي، والجامعات العراقية، كما فتحت الحكومة العراقية حدودها أمام اللبنانيين، وأكدت استعدادها لاستقبال النازحين وتسهيل إجراءات الإقامة والدخول إلى العراق، وعلى خلفية تطورات الأحداث في لبنان، أعلنت الحكومة العراقية إنشاء جسرين «جوي وبري» لإرسال المساعدات إلى هذا البلد، تلبية للدعوة التي أطلقها المرجع الشيعي السيد علي السيستاني.
هذا الحراك العراقي الشامل يأتي من منطلق معرفة العراقيين بأن المعركة اللبنانية هي امتداد لمعركتهم، وأنها جزء لا يتجزأ من جبهة المقاومة العراقية.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان صحفي توجيهات السوداني بـ"تمديد سمة دخول المواطنين اللبنانيين المتواجدين في العراق دون الحاجة إلى السفر لمدة ثلاثين يوما، وتمدد مرة أخرى، استناداً إلى أحكام قانون إقامة الأجانب رقم (76 لسنة 2017) بسبب ما يمر به لبنان من ظروف حرب قاهرة".
وقرر السوداني أيضاً «إعفاء المواطنين اللبنانيين المخالفين بالوقت الحاضر من العقوبات المنصوص عليها بالقانون أعلاه» إضافة إلى «استمرار منح سمات الدخول مجاناً للمواطنين اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية العراقية».