الوقت - فشلت الضغوط الخارجية على حكومة الاحتلال من أجل إتمام صفقة وإنهاء الحرب، وإن الولايات المتحدة تبدو غير راغبة بالضغط الفعال عليها لحسابات غريبة، جوهرها داخلية انتخابية قوامها التوجس من تدخل لوبيات صهيوينة وإسرائيلية في انتخابات الرئاسة، ومحاولة معاقبة الحزب الديموقراطي، وترجيح كفة دونالد ترامب في منافسة تبدو شديدة ومتكافئة.
تصعيد لا يمكن تبريره تحت أي مسمى أو ظرف فقد صرح ضباط كبار بالجيش الإسرائيلي أن "المستوى السياسي يشجع على التصعيد" بالضفة الغربية، واتهموا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالسعي لإشعال "حرب يأجوج ومأجوج" بالمنطقة.
فيما قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الأحد، نقلا عن الضباط: إن بن غفير وسموتريتش هما "السبب المباشر" لانتشار ما سموه "الإرهاب الفلسطيني" في أنحاء الضفة الغربية.
ووفقا لمصادر سياسية عبرية فإن: "الجيش الإسرائيلي يحاول منع اندماج السكان بالكامل في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية) في أعمال العنف، الأمر الذي من شأنه أن يحوّل موجة الإرهاب إلى انتفاضة شاملة".
وزعم الضباط، في حديثهم للصحيفة أنه "على عكس مطالب المستوطنين في يهودا والسامرة، يقوم الجيش الإسرائيلي بإزالة الحواجز التي تم فرضها في أعقاب تفجيرات السيارات المفخخة، ويحاول السماح للسكان بأكبر قدر ممكن من حرية الحركة وسبل العيش".
ووفق الضباط، تعتقد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن "حقيقة أن غالبية الشباب الفلسطينيين في يهودا والسامرة أصبحوا الآن عاطلين عن العمل لأنهم لا يستطيعون العمل في إسرائيل هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى تزايد في النشاط الإرهابي، إلى حد الخوف من هجوم جماعي للفلسطينيين على المستوطنات الإسرائيلية القريبة منهم"، حسب ادعائهم.
وقالت الصحيفة نقلا عن قادة عسكريين كبار: إن الجيش الإسرائيلي "يمتنع عن تنفيذ الاعتقالات التي يطلبها الشاباك (جهاز الأمن العام) في جميع أنحاء يهودا والسامرة، وذلك ببساطة لأنه ليس لديه ما يكفي من الأماكن في السجون".
وأضافت إن "هياج مثيري الشغب اليهود، أو ما تسمى الجريمة القومية، يدفع أيضا العديد من الشباب الفلسطينيين إلى الانضمام إلى دائرة الإرهاب"، وفق تعبيرهم.
وتابعت: "الشرطة الإسرائيلية لا تقوم بدورها، وليس أمام الجيش خيار سوى العمل كشرطة مدنية دون أن يكون لديه السلطة القانونية للقيام بذلك، وبالتالي فهو على الأكثر يقلل من الأضرار لكنه لا يمنع الاحتكاك بين السكان (الفلسطينيين والمستوطنين اليهود)".
وفي سياق متصل صرح ضابط إسرائيلي كبير عاد للتو من مشاركته في العملية العسكرية بالضفة الغربية: "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، نحن على حافة انفجار كبير في يهودا والسامرة".
وأضاف الضابط: "المشكلة هي أنه إذا اندلعت انتفاضة كبيرة في يهودا والسامرة، فسيتعين على الجيش الإسرائيلي أن يدفع إلى هناك قوات كثيرة لا يملكها".
وذكر المحلل العسكري أن الشرطة الإسرائيلية لا تؤدي دورها للجم المستوطنين بما يؤدي لتدخل الجيش الإسرائيلي والعمل كشرطة مدنية، ونقل عن ضابط كبير قوله “هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، نحن على وشك انفجار كبير، المشكلة هي أنه إذا اندلعت انتفاضة كبرى في يهودا والسامرة، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى استثمار الكثير من القوات التي لا يملكها هناك”.
وأضاف إن “سلوك بن غفير باقتحاماته للحرم القدسي وتشجيعه لصلاة اليهود هناك يسبب غضبا كبيرا من المرجح أن يشعل النار ليس فقط في ساحة الضفة الغربية، ولكن في العالم العربي بأسره”.
وحذّر ضباط إسرائيليون كبار في تصريحات للصحيفة، من أن "سلوك بن غفير، الذي يصعد إلى جبل الهيكل (يقتحم الحرم القدسي الشريف)، وخلافا للوضع القائم، يشجع على إقامة صلاة اليهود هناك، يسبب أيضا قدرا كبيرا من الغضب، وقد يؤدي، حسب مصادر أمنية، إلى اشتعال الوضع ليس فقط في الضفة، بل العالم العربي بأكمله".
واعتبر الضباط أن بن غفير ومعه سموتريتش يسعيان إلى "إشعال حرب يأجوج ومأجوج في المنطقة".
وكشفت "يديعوت أحرونوت" أن "الإحباط من عدم وجود قرارات في جميع مجالات المستوى السياسي يدفع العديد من كبار الضباط هذه الأيام إلى التفكير فيما إذا كان يجب وضع المفاتيح على الطاولة والتقاعد".
في حين حذر يائير جولان النائب السابق لرئيس أركان جيش الاحتلال وزعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي من أفعال نتنياهو، ذاكرًا أنه تجاهل التحذيرات الأمنية حول مخاطر سياسات وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير ووزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش على الوضع في الضفة الغربية.
ووصل الأمر بيائير جولان إلى إن يدعو جموع الإسرائيليين إلى الخروج للتظاهر وللاحتجاج قبل فوات الأوان.
وأكد النائب السابق لرئيس أركان جيش الاحتلال أن حكومة نتنياهو بها عصابات، قائلًا :"عصابة الفساد في الحكومة تريد حرب يأجوج ومأجوج وإشعال انتفاضة ثالثة".
فيما يتعلق بنوايا وأولويات نتنياهو وحكومته، تعرب أوساط إسرائيلية عن مخاوفها من أن إفشال الصفقة سيعود كيدا مرتدا استراتيجيا على "إسرائيل"، أوّلا لأن بقاء المحتجزين في غزة وموتهم فيها هو مسألة أمن قومي وينطوي على ضرب خطير لوعي وثقة الإسرائيليين، ولفكرة “العودة للدولة اليهودية الملجأ الأكثر أمنا لليهود في العالم”، وثانيا، إن هذه الأوساط الإسرائيلية ترى أن عدم إطفاء النار الآن سيفتح الباب أمام اشتعالها بقوة في الضفة الغربية التي تشهد حالة توتر تتجه للغليان، وربما تشعل حربا أخطر مع حزب الله في توقيت غير ملائم.