الوقت - افتتح معبر “أبو الزندين” بين مناطق سيطرة الجيش العربي السوري والمناطق السورية المحتلة بريف حلب الشرقي، وتحديداً في منطقة الباب، الأحد، وسط حالة استنفار أمني.
شهد الشارع في الشمال السوري خلال الأشهر الماضية انقسامًا بين مؤيد ومعارض لافتتاح المعبر، وسط تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية للمنطقة، في ظل ضعف مؤسسات المعارضة في توضيح الآليات والأهداف والمصالح.
وأظهرت مقاطع فيديو، بثّها ناشطون، شاحنات تجارية قالوا إنها عبَرَت، الأحد، معبر “أبو الزندين”، في إشارة إلى بدء حركة التجارة بين مناطق سيطرة الدولة السورية والمناطق الواقعة خارج سيطرتها، وسط معلومات عن فتحه، يوم الإثنين، أمام حركة المدنيين.
ووفق وسائل إعلام، انتشرت الشرطة العسكرية في ما تسمّى “الحكومة السورية المؤقتة”، وفصيل “السلطان مراد”، التابع للاحتلال التركي، في محيط المعبر، بهدف حمايته من أي هجمات محتملة، من قبل الرافضين لافتتاحه.
وتعرض المعبر لقصف من جهات مجهولة، صباح الإثنين، وفق مجموعة فيديوهات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقلتها وسائل إعلام مختلفة.
من جهته رئيس لجنة المصالحة في سورية عمر رحمون، قال إن فتح معبر “أبو الزندين” دليل تفاهم وتقارب روسي سوري تركي، وهو خطوة مهمة لفتح معبر ترمبة بسراقب وميزناز بريف حلب الغربي، وأضاف: “فتح المعابر أقوى رسالة تقارب بين الخصوم”.
ويوجد معبران في ريف حلب الشرقي؛ معبر يصل مناطق سيطرة “قسد” بمناطق سيطرة الدولة وهو معبر “التايهة“، ومعبر “أبو الزندين” بين مناطق سيطرة الدولة ومناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا.
ويشكل معبر “أبو الزندين” قيمة اقتصادية للسوريين، وعلى الصعيد الإقليمي يعد مفتاحاً لعودة الترانزيت من تركيا إلى الخليج الفارسي عبر سورية.
ويشير “رحمون” إلى أنه في حال ثبت افتتاح المعبر فإنه مؤشر قوي على كسر الحصار المفروض على سوريا وتجاوز “قيصر“.
كما أنه يمثّل مفتاح تصريف بضائع متبادلة بين المناطق السورية بما فيها ما هو صناعي وزراعي ومواد خام، وسط تداول معلومات عن أن مناطق شمال وغرب سوريا تعاني صعوبات في تصريف المواد الزراعية بشكل رئيسي ووجود فائض إنتاج فيها.
هذا ويصل معبر “أبو الزندين” بين منطقتين سوريتين الأولى تفرض عليها أمريكا عقوبات اقتصادية خانقة، والثانية ترفع عنها واشنطن عقوباتها، ما يجعل لدى مناطق “درع الفرات” مرونة وقدرة على استيراد البضائع والاحتياجات واللوازم بمختلف أنواعها من الطبيعية إلى الصناعية.
بينما تعاني دمشق حتى صعوبة في القدرة على استيراد الأدوية والتجهيزات الطبية بسبب العقوبات على المصرف المركزي.
ويشير “رحمون” إلى أن فتح المعبر سيقطع الطريق أمام المهربين والمواد الممنوعة التي انتشرت في مدة إغلاق المعبر.
وفي حال استمر المعبر بالعمل التجاري، سيتم فتح المجال أمام عودة السوريين إلى مناطقهم، وبالتالي تسهيل عمل المصالحة الشاملة، حسب قول “رحمون”.
ويرى مراقبون أن فتح معبر “أبو الزندين” مؤشر أيضا على تلطيف الأجواء بين سوريا وتركيا التي تسعى روسيا إلى إتمام عملية المصالحة بينهما؛ إذ إن التعامل “بحسن الجوار” في العرف الدبلوماسي من أهم شروط التوصل لأي اتفاق لاحق.
يشار إلى أنّ دمشق وأنقرة بدأتا مساراً لتطبيع علاقاتهما رسمياً نهاية 2022، بلقاء على مستوى وزيري الدفاع تبعه لقاء في عام 2023 على مستوى وزراء الخارجية، بحضور وزيري الخارجية الروسي والإيراني.
واعترض مسارَ تطبيع العلاقات بين البلدين عدد من القضايا الخلافية بين الجانبين، أبرزها مسألة جدولة خروج القوات التركية غير الشرعية من الأراضي السورية.
من جهته أكد وزير الدفاع التركي يشار غولر في 1 حزيران أن بلاده تدرس إمكانية سحب قواتها من سوريا بشرط أن يتمّ ضمان “بيئة آمنة”، وأن تكون الحدود التركية آمنة.
وتبع ذلك إعلان وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، أنّ “الشرط الأساسي لأيّ حوار سوري- تركي هو إعلان أنقرة استعدادها للانسحاب من سورية”.
كل هذه التطورات المتسارعة، جاءت بعد عودة الحديث عن التطبيع بين دمشق وأنقرة، واحتمال أن يشهد الملف السوري بعض التطورات من الجانب العسكري أو السياسي في الفترة المقبلة، وهو ما أثار قلقاً لدى السكان في مناطق سيطرة الفصائل وتلك الخاضعة لنفوذ “تحرير الشام”، من وجود تفاهمات بين موسكو وأنقرة قد تؤدي لتبادل السيطرة العسكرية بين هذه الأطراف، وهو ما حدث في السنوات الماضية في إطار “مسار آستانا”.
يُشار إلى أن الفصائل المسلّحة التابعة للاحتلال التركي سيطرت على المعبر عام 2017، وجرى إغلاق المعبر ومعابر أخرى على الحدود مع تركيا، عام 2020، ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس “كورونا”، ليُعاد طرح فتح معبر “أبو الزندين” في حزيران الماضي، نتيجة تفاهمات تركية روسية.
وهاجمت فصائل مسلّحة، في الـ28 من تموز الماضي، المعبر وحطّموا غُرفه ومحتوياتها، ليعاد إغلاقه، بعد تجهيزه وفتحه بشكلٍ تجريبي، ومع إعادة افتتاح، الأحد، تجددت المخاوف من اقتحامه مجدداً، إذ دعت مجموعات في مدينة الباب، السبت، إلى اعتصام، رفضاً لافتتاح معبر “أبو الزندين”، على أساس أن افتتاحه جاء في سياق مساعي موسكو للتقريب بين أنقرة ودمشق.
يُذكر أن ما تسمّى “الحكومة السورية المؤقتة” قالت إنها وافقت على إعادة فتح معبر “أبو الزندين” بضغط من تركيا، بعد التفاهم مع الجانب الروسي، في تموز الماضي، واشترطت وضع المعبر تحت إدارة مدنية، وتخصيص جزء من واردته لإعادة إعمار البنية المدمَّرة في مدينة الباب.