الوقت- بعد الاتفاق بين إيران والسعودية في مارس 2023 والذي خلق سياسيا موجة من التقارب والتآزر الإيراني والعربي في المنطقة، الآن على الساحة التجارية والاقتصادية، تشير الإحصائيات إلى تسارع تطور العلاقات بين البلدين الجارين، ولقد ناقش موقع الخليج أونلاين في تقرير له التفاعلات التجارية بين إيران وأعضاء مجلس التعاون وكتب أن إيران ودول الخليج الفارسي تواصل اتخاذ خطوات أقرب إلى بعضها البعض، وتتجه الأطراف نحو إنهاء الأزمات في المنطقة لإعادة العلاقات إلى وضعها الطبيعي، من أجل تحقيق المصالح السياسية والاقتصادية المشتركة.
نمو العلاقات التجارية حسب الإحصائيات
أعلن مركز الإحصاء التابع لمجلس التعاون لدول الخليج الفارسي، أن التبادلات التجارية بين إيران ودول الخليج الفارسي في عام 2022 بلغت 8.5 مليارات دولار، والتي تشمل صادرات الخليج الفارسي بقيمة 7.3 مليارات دولار وواردات بقيمة 1.2 مليار دولار، وهذه التفاعلات التجارية في تزايد مستمر كل عام.
ونمت صادرات إيران إلى الإمارات بنسبة 30% في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأظهر تقرير مكتب غرب آسيا لمنظمة تنمية التجارة الإيرانية للربع الأول من العام الجاري أن قيمة صادرات إيران إلى الإمارات بلغت مليار و774 مليون دولار، أي بزيادة قدرها 411 مليون دولار.
وبلغت واردات إيران من الإمارات 4.491 مليارات دولار، وهو ما يمثل زيادة قدرها 361 مليون دولار في الواردات من هذا المصدر، وذلك لوجود العديد من السلع المهمة، بما في ذلك الهواتف المحمولة، والمعادن الثمينة، والذرة، والصناعات التحويلية، وأعلاف الحيوانات والدواجن، والأحياء المائية، والبذور الزيتية، وتم استيراد منتجات المنسوجات والأسمدة الكيماوية ومعدات محطات توليد الكهرباء.
كما أعلن عبد الأمير ربيحاوي، المدير العام لمكتب غرب آسيا لمنظمة تنمية التجارة الإيرانية: أنه تم خلال ربيع هذا العام تصدير بضائع بقيمة 392 مليون دولار إلى عمان، وهو ما زاد بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأكد: أن المنتجات العشرة الرئيسية لصادرات إيران إلى عمان خلال هذه الفترة تشمل النفط الخام وسبائك الحديد والصلب غير المخلوط واليوريا وخام الحديد المضغوط ومنتجات الحديد المعاد تدويرها ومنتجات الحديد الإسفنجي والهيدروكربونات الحلقية الأخرى والطماطم وسبائك أخرى من الحديد أو الفولاذ غير المخلوط، وأضاف ربيعاوي: أن واردات إيران من عمان بلغت 104 ملايين دولار، كما بلغت قيمة واردات إيران من عمان العام الماضي 198 مليون دولار.
وفيما يتعلق بالتجارة مع قطر، قال ربيحاوي: إن صادرات إيران إلى قطر في الربع الأول من العام الجاري بلغت نحو 30 مليون دولار، وتشير قيمة صادرات إيران إلى قطر إلى أهمية التجارة بين البلدين خلال هذه الفترة، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق والتي شهدت نموا بنسبة 16%، وسرد أهم صادرات إيران إلى قطر، وقال: الطماطم والماشية والدواجن ومنتجات البروتين والقار والمنتجات المائية والمنظفات والبطيخ والفستق والزعفران هي 10 سلع مهمة تصدرها إيران إلى قطر.
وقال إبراهيم غلام زاده، رئيس الغرفة التجارية المشتركة بين إيران والكويت، إن قيمة صادرات إيران إلى الكويت بلغت 300 مليون دولار، وقال إن "رغبة الجانبين في التبادل التجاري تبلغ مليار دولار"، وقال غلام زاده: "إن التبادلات التجارية بين إيران والكويت متساوية، لأننا نصدر نحو 300 مليون دولار إلى هذا البلد، لكن يتعين على البلدين زيادة التبادلات الاستيرادية والتصديرية بينهما"، وفيما يتعلق بتصدير البضائع إلى الكويت، قال غلام زاده: "إن مواد البناء والصناعات الغذائية من بين السلع التي تصدرها إيران إلى الكويت".
ورغم أن هذا المستوى من التفاعلات التجارية الثنائية ليس كثيرا بين البلدين الغنيين بالنفط والجارتين، إلا أن المسؤولين الكويتيين قالوا مؤخرا في محادثة مع الرئيس الإيراني الدكتور مسعود مزيكيان إنهم سيحسنون مستوى علاقاتهم مع الحكومة الجديدة، ويبدو أن تعامل العرب مع طهران يعتبر عنصرا مهما لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد وفي المنطقة، ورغم أن السعودية لا تربطها علاقات تجارية كبيرة مع إيران، إلا أنه من المتوقع أن يتوسع مستوى التعاون التجاري بين البلدين الرئيسيين في المنطقة في المستقبل، وقد أعلنت السلطات السعودية استعدادها لزيادة مستوى التعاون والتنسيق والاستثمار في سوق إيران الغنية، ومن المتوقع أنه في الحكومة الرابعة عشرة التي ستستمر فيها استراتيجية النظر إلى الجيران، سيتم أيضًا ترقية التفاعلات بين طهران والشيوخ العرب إلى مستوى كبير.
ومنذ تنصيب الحكومة الثالثة عشرة برئاسة الشهيد رئيسي وانتهاج سياسة إعطاء الأولوية للعلاقات مع الجيران، شهدت التجارة بين دول الخليج الفارسي وإيران نمواً ملحوظاً وزادت قيمة التبادلات التجارية بين الطرفين بشكل ملحوظ، وبالنظر إلى التحديات الاقتصادية والسياسية الإقليمية والدولية الراهنة، فإن التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران يمثل فرصة حقيقية لتحقيق تنمية اقتصادية مشتركة واستقرار إقليمي، لكن ذلك يتطلب الالتزام بتعزيز العلاقات التجارية والتبادلات الاقتصادية بين الطرفين بطريقة تزيد من فرص النمو المستدام والازدهار لكل من عرب الخليج الفارسي وإيران.
العوامل المؤثرة في التقارب الإيراني العربي
ويعتبر أحمد ذكر الله، الخبير الاقتصادي العربي، أن القضايا السياسية المهمة، فعالة في تقارب إيران والدول العربية، وقال للخليج أونلاين عن ذلك: "لقد لعبت عدة عوامل دوراً في نمو التجارة بين دول الخليج الفارسي وإيران في السنوات الأخيرة، من أهمها العوامل السياسية في تحسن العلاقات بين دول الخليج الفارسي، وعلى رأسها الإمارات والسعودية، مع طهران".
وأكد ذكر الله أن هذا القرب تسبب في زيادة ملحوظة في حجم التجارة الداخلية بين الإمارات وإيران، وكذلك قطر وعمان ودول الخليج الأخرى، وكانت أكبر قفزة في التجارة بين إيران والإمارات، ويعتقد هذا الخبير أن هناك عوامل أخرى تشمل القرب بين تركيا وإيران، والاتفاقيات التجارية مع دول الخليج الفارسي، وأكد ذكر الله بالقول: "اتخذت تركيا خطوات أكثر فعالية في هذا المجال، وهذه الاتفاقيات المتعددة الأطراف أدت إلى نمو العلاقات التجارية بين إيران ودول الخليج الفارسي".
وفيما يتعلق بمعوقات تعزيز العلاقات التجارية بين عرب الخليج الفارسي وإيران، يوضح أن العقوبات الدولية المستمرة ضد إيران قد تكون العقبة الأولى أمام استمرار نمو حصة التجارة الثنائية بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، ويعتقد ذكر الله أنه في العقود الجديدة بين إيران ودول الخليج الفارسي - في حال دخولها حيز التنفيذ - سيتم أخذ هذه العقوبات في الاعتبار سواء على مستوى السلع أو الشركات لتجنبها وتجنب الوقوع في فخ العقوبات المختلفة.
ويرى أن دول الخليج الفارسي يمكنها تجنب البضائع الإيرانية الخاضعة للعقوبات من خلال اللجوء إلى توفير احتياجات الخليج الفارسي من الدواء والغذاء وأشياء أخرى، ما سيشير إلى تقدم كبير في تعزيز العلاقات مع إيران، إن توسيع علاقات إيران التجارية مع مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى تعزيز التجارة في المنطقة، في حالة تقارب العلاقات وتوطيدها، سيساعد أيضًا على حل الصراعات السياسية وخلق الاستقرار والأمن في المنطقة.
